[ ص: 26 ] ( كلا لا تطعه واسجد واقترب )
ثم قال : ( كلا ) وهو ردع لأبي جهل ، وقيل : معناه لن يصل إلى ما يتصلف به من أنه يدعو ناديه ولئن دعاهم لن ينفعوه ولن ينصروه ، وهو أذل وأحقر من أن يقاومك ، ويحتمل : لن ينال ما يتمنى من طاعتك له حين نهاك عن الصلاة ، وقيل معناه : ألا لا تطعه .
ثم قال : ( لا تطعه ) وهو كقوله : ( فلا تطع المكذبين ) [القلم : 8] ، ( واسجد ) وعند أكثر أهل التأويل أراد به صل وتوفر على عبادة الله تعالى فعلا وإبلاغا ، وليقل فكرك في هذا العدو فإن الله مقويك وناصرك ، وقال بعضهم : بل المراد الخضوع ، وقال آخرون : بل المراد نفس السجود في الصلاة .
ثم قال : ( واقترب ) والمراد وابتغ بسجودك قرب المنزلة من ربك ، وفي الحديث : " أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد " وقال بعضهم : المراد اسجد يا محمد ، واقترب يا أبا جهل منه حتى تبصر ما ينالك من أخذ الزبانية إياك ، فكأنه تعالى أمره بالسجود ليزداد غيظ الكافر ، كقوله : ( ليغيظ بهم الكفار ) [الفتح : 29] والسبب الموجب لازدياد الغيظ هو أن الكفر كان يمنعه من القيام ، فيكون غيظه وغضبه عند مشاهدة السجود أتم ، ثم قال عند ذلك : ( واقترب ) منه يا أبا جهل وضع قدمك عليه ، فإن الرجل ساجد مشغول بنفسه ، وهذا تهكم به واستحقار لشأنه ، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .