( ترميهم بحجارة من سجيل )
ثم قال تعالى : ( ترميهم بحجارة من سجيل ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ أبو حيوة : يرميهم أي الله أو الطير لأنه اسم جمع مذكر ، وإنما يؤنث على المعنى .
المسألة الثانية : ذكروا في كيفية الرمي وجوها :
أحدها : قال مقاتل : كان كل طائر يحمل ثلاثة أحجار ، واحد في منقاره واثنان في رجليه يقتل كل واحد رجلا ، مكتوب على كل حجر اسم صاحبه ما وقع منها حجر على موضع إلا خرج من الجانب الآخر ، وإن وقع على رأسه خرج من دبره .
وثانيها : روى عكرمة عن ، قال : ابن عباس ، وهو قول لما أرسل الله الحجارة على أصحاب الفيل لم يقع حجر على أحد منهم إلا نفط جلده وثار به الجدري ، وكانت تلك الأحجار أصغرها مثل العدسة ، وأكبرها مثل الحمصة . سعيد بن جبير
واعلم أن من الناس من أنكر ذلك ، وقال : لو جوزنا أن يكون في الحجارة التي تكون مثل العدسة من الثقل ما يقوى به على أن ينفذ من رأس الإنسان ويخرج من أسفله ، لجوزنا أن يكون الجبل العظيم خاليا عن الثقل وأن يكون في وزن التبنة ، وذلك يرفع الأمان عن المشاهدات ، فإنه متى جاز ذلك فليجز أن يكون بحضرتنا شموس وأقمار ولا نراها ، وأن يحصل الإدراك في عين الضرير حتى يكون هو بالمشرق ويرى بقعة في الأندلس ، وكل ذلك محال . واعلم أن ذلك جائز على مذهبنا إلا أن العادة جارية بأنها لا تقع .
المسألة الثالثة : ذكروا في السجيل وجوها :
أحدها : أن ، كما أن سجينا علم لديوان أعمالهم ، كأنه قيل : بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدون ، واشتقاقه من الإسجال ، وهو الإرسال ، ومنه السجل الدلو المملوء ماء ، وإنما سمي ذلك الكتاب بهذا الاسم [ ص: 96 ] لأنه كتب فيه العذاب ، والعذاب موصوف بالإرسال لقوله تعالى : ( السجيل كأنه علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار وأرسل عليهم طيرا أبابيل ) وقوله : ( فأرسلنا عليهم الطوفان ) [ الأعراف : 133 ] فقوله : ( من سجيل ) أي مما كتبه الله في ذلك الكتاب .
وثانيها : قال : سجيل معناه سنك وكل ، يعني بعضه حجر وبعضه طين . ابن عباس
وثالثها : قال أبو عبيدة : السجيل الشديد .
ورابعها : السجيل اسم لسماء الدنيا .
وخامسها : السجيل حجارة من جهنم ، فإن سجيل اسم من أسماء جهنم فأبدلت النون باللام .