( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب )
قوله تعالى : ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب )
اعلم أنه تعالى لما ذكر من قبل حال من يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته ، وهم الكفار الذين كذبوا بالدلالة والأنبياء وعدلوا عنها ، أتبعه الله تعالى بذكر السبب الذي لأجله كانت هذه طريقتهم فقال : ( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ) ومحصول هذا الكلام تعريف المؤمنين . ضعف عقول الكفار والمشركين في ترجيح الفاني من زينة الدنيا على الباقي من درجات الآخرة
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : إنما لم يقل : ( زينت ) لوجوه :
أحدها وهو قول الفراء : أن الحياة والإحياء واحد ، فإن أنث فعلى اللفظ ، وإن ذكر فعلى المعنى كقوله : ( فمن جاءه موعظة من ربه ) [البقرة : 275] ، ( وأخذ الذين ظلموا الصيحة ) [هود : 67] .
وثانيها : وهو قول الزجاج أن تأنيث الحياة ليس بحقيقي ; لأنه ليس حيوانا بإزائه ذكر ، مثل امرأة ورجل ، وناقة وجمل ، بل معنى الحياة والعيش والبقاء واحد ، فكأنه قال : زين للذين كفروا الحياة الدنيا والبقاء .
وثالثها وهو قول : إنما لم يقل : زينت ; لأنه فصل بين زين وبين الحياة الدنيا بقوله : ( ابن الأنباري للذين كفروا ) وإذا فصل بين فعل المؤنث وبين الاسم بفاصل ، حسن تذكير الفعل ; لأن الفاصل يغني عن تاء التأنيث .