أما البحث الفروعي : فهو أن قال المسلم إذا صلى ثم ارتد ثم أسلم في الوقت رحمه الله : لا إعادة عليه ، وقال الشافعي رحمه الله : لزمه قضاء ما أدى وكذلك الحج ، حجة أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه قوله تعالى : ( الشافعي ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم ) ، وهذا الشخص لم يوجد في حقه هذا الشرط ، فوجب أن لا يصير عمله محبطا ، فإن قيل : هذا معارض بقوله : ( شرط في حبوط العمل أن يموت وهو كافر ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ) [الأنعام : 88] وقوله : ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله ) [المائدة : 5] لا يقال : واجب ; لأنا نقول : ليس هذا من باب المطلق والمقيد ، فإنهم أجمعوا على أن من حمل المطلق على المقيد ، كمن قال لعبده : أنت حر إذا جاء يوم الخميس ، أنت حر إذا جاء يوم الخميس والجمعة : لا يبطل واحد منهما ، بل إذا جاء يوم الخميس عتق ، ولو كان باعه فجاء يوم الخميس ولم يكن في ملكه ، ثم اشتراه ثم جاء يوم الجمعة وهو في ملكه عتق بالتعليق الأول . علق حكما بشرطين ، وعلقه بشرط أن الحكم ينزل عند أيهما وجه
والسؤال الثاني عن التمسك بهذه الآية : أن هذه الآية دلت على أن الموت على الردة شرط لمجموع الأحكام المذكورة في هذه الآية ، ونحن نقول به ، فإن من جملة هذه الأحكام : الخلود في النار وذلك لا يثبت إلا مع هذا الشرط ، وإنما الخلاف في حبط الأعمال ، وليس في الآية دلالة على أن الموت على الردة شرط فيه .
والجواب : أن هذا من باب المطلق والمقيد لا من باب التعليق بشرط واحد وبشرطين ; لأن ، وفي مسألتنا لو جعلنا مجرد الردة مؤثرا في الحبوط لم يبق للموت على الردة أثر في الحبوط أصلا في شيء من الأوقات ، فعلمنا أن [ ص: 33 ] هذا ليس من باب التعليق بشرط وبشرطين ، بل من باب المطلق والمقيد . التعليق بشرط وبشرطين إنما يصح لو لم يكن تعليقه بكل واحد منهما مانعا من تعليقه بالآخر
وأما السؤال الثاني : فجوابه أن الآية دلت على أن ، وإنما توجب الردة إنما توجب الحبوط بشرط الموت على الردة ، وعلى هذا التقدير فذلك السؤال ساقط . الخلود في النار بشرط الموت على الردة