[ ص: 379 ] فصل
وقد تضمن هذا الكلام جواز ، كما يجوز للحدث ؛ لقوله تعالى : ( التيمم للجنابة وإن كنتم جنبا فاطهروا ) إلى آخر الآية ، وعن قال : " عمران بن حصين " متفق عليه . كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فصلى بالناس ، فإذا هو برجل معتزل ، فقال : ما منعك أن تصلي ؟ قال : أصابتني جنابة ولا ماء . قال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك
وحديث عمار بن ياسر وعمرو بن العاص وغيرهم يدل على ذلك ، وهي في باب التيمم ، لكن وأبي ذر ما لم يخش العنت ، في إحدى الروايتين ؛ لما فيه من إزالة طهارة يمكن إبقاؤها والتعرض لإصابة النجاسة ، وحملا لما جاء من الرخصة على من يخشى العنت ، وفي الأخرى لا يكره ؛ لأنه مظنة الحاجة في الجملة ، ولما فيه من الأثر ، وقد تضمن أيضا جواز يكره لمن لم يجد الماء أن يطأ زوجته على بدنه إذا عدم ما يزيلها وخشي الضرر بإزالتها كما لو تيمم للحدث ، وهذا ظاهر المذهب المنصوص ، فإن صلى بغير تيمم لم يجزئه . قال التيمم للنجاسة ابن أبي موسى : لا يتيمم للنجاسة كما ونجاسة الاستحاضة وسلس البول ؛ ولأن طهارة الجنب بالماء لا تتعدى محلها فأن لا تتعدى طهارة التراب محله أولى ؛ ولأن طهارة التراب تعبد قد عجز عن إزالتها وعن التيمم لها ، وفيه روايتان ، ووجه الأول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يتيمم لنجاسة الثوب " وهذا يعم طهارتي الحدث والجنب المتعلقة بالبدن دون الثوب لقوله : " " إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته " ولأنه محل من البدن يجب تطهيره بالماء مع القدرة عليه ، فوجب بالتراب عند العجز كمواضع الحدث [ ص: 380 ] وبدن الميت ، وهذا لأن فليمسه بشرته ، وإنما يبيح فعل الصلاة معه ، فكذلك التيمم عن الجنب والمستحاضة يجب عليها غسل النجاسة لكل صلاة ، كما يجب عليها الوضوء لكل صلاة من غير تيمم في الموضعين ، وعلى هذا إن كانت التيمم لا يرفع الحدث تيمم لها ، خاصة إن كانت على محل الحدث ، وهي غير معفو عنها يتيمم عن الحدث والجنب ويجزئه تيمم واحد ، كما ذكر الشيخ في أصح الوجهين ، كما يجزئه عن الحدثين وكما تتداخل طهارتا الحدث والجنب في الماء ، وفي الآخر لا يجزئه لأنهما من جنسين ، ولا إعادة عليه في المشهور من الروايتين ؛ لأنه شرط عجز عنه ، فأشبه ما لو عجز عن التوضؤ لمرض ، وإن عجز عن إزالتها لعدم الماء ، فقال النجاسة على جرح لم يجب تطهيره من الحدث أبو الخطاب : يعيدها ؛ لأنه عذر نادر وغيره متصل ، فأشبه ما لو لم يجد ترابا تيمم به عنها ، بخلاف نجاسة الجرح فإنها تعم بها البلوى وتطول مدتها ، والمنصوص المشهور أنه لا إعادة عليه كالتيمم عن الحدث ونجاسة الجرح ، وهذا بناء على وجوب الإعادة على من عجز عن إزالة النجاسة وعن التيمم لها ، وهو إحدى الروايتين ، فإذا لم نوجب الإعادة هناك فهاهنا أولى ، ويجب عليه أن يخفف النجاسة بما أمكنه من مسح أو حك أو نحو ذلك قبل التيمم ؛ لأنه المستطاع ، وتعتبر النية في أصح الوجهين وإن لم تعتبر في مبدله ، وفي الآخر لا تعتبر له النية كما لا تعتبر لإزالة النجاسة ، وليس بشيء .