، وأن يكون همته عالية ، فلا يرضى باليسير مع إمكان الكثير ، وأن لا يسوف في اشتغاله ، ولا يؤخر تحصيل فائدة وإن قلت إذا تمكن منها ، وإن أمن حصولها بعد ساعة ; لأن للتأخير آفات ، ولأنه في الزمن الثاني يحصل غيرها ، وعن ومن آدابه الحلم والأناة الربيع قال : " لم أر آكلا بنهار ، ولا نائما بليل ، لاهتمامه بالتصنيف ، ولا يحمل نفسه ما لا تطيق مخافة الملل ، وهذا يختلف باختلاف الناس ، وإذا جاء مجلس الشيخ فلم يجده انتظره ولا يفوت درسه إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك ، بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه فلا يشق عليه بطلب القراءة في غيره . قال الشافعي : وإذا وجده نائما لا يستأذن عليه ، بل يصبر حتى يستيقظ أو ينصرف والاختيار الصبر ، كما كان الخطيب والسلف يفعلون . وينبغي أن يغتنم التحصيل في وقت الفراغ والنشاط ، وحال الشباب وقوة البدن ، ونباهة الخاطر ، وقلة الشواغل ، قبل عوارض البطالة ، وارتفاع المنزلة ، فقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنه : " تفقهوا قبل أن تسودوا " وقال عمر : " تفقه قبل أن ترأس ، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه " . الشافعي
ويعتني بتصحيح درسه الذي يتحفظه ، تصحيحا متقنا على الشيخ ، ثم يحفظه حفظا محكما ، ثم بعد ذلك يكرره مرات ليرسخ رسوخا متأكدا ، ثم يراعيه بحيث لا يزال محفوظا جيدا ، ويبدأ درسه بالحمد لله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم والدعاء للعلماء ومشايخه ووالديه وسائر المسلمين ، ويبكر بدرسه لحديث : { } ويداوم على تكرار محفوظاته ، ولا يحفظ ابتداء من الكتب استقلالا ، بل يصحح على الشيخ كما ذكرنا ، فالاستقلال بذلك من أضر المفاسد وإلى هذا أشار اللهم بارك لأمتي في بكورها - رحمه الله - بقوله : " من تفقه من الكتب ضيع الأحكام " . وليذاكر بمحفوظاته ، وليدم الفكر فيها ، ويعتني بما يحصل فيها من الفوائد ، وليرافق بعض حاضري حلقة الشيخ في المذاكرة . الشافعي