المبحث الثاني: الخصائص الموضوعية والفنية لمجلات الأطفال
الفنون الصحفية في مجلة الأطفال [1]
- التحقيق الصحفي هو استعراض لقضية يشارك فيها عدة أشخاص بالإضافة إلى أسرة التحرير والتحقيق كفن صحفي يمكن أن يقدم للصغار إذا تم مراعاة الفارق العمري والقالب الفني تفسيرا لكثير من الأحداث والوقائع المحيطة بهم وعادة ما يجيب عن الأسئلة المتعلقة ببيئة الطفل والتي تحوي الكثير من الأسرار والغموض بالنسبة إليه.
لذلك يجب أن يكون التحقيق الصحفي واقعيا في طرحه مباشرا في أسلوبه بعيدا عن التكلف والغموض والخيال يستعين بالأطفال حينا وبالمحررين وبعض الأدباء والمربين حينا لتقديم صورة متكاملة عن قضية يحتاجها الطفل مصوغا بأسلوب سهل يحفل بالصور والرسومات المعبرة ويكون في صفحات قليلة بحيث لا يؤدي للسأم والملل.
- الحديث الصحفي
تعتبر المقابلات والحوارات الصحفية من الأبواب المحببة في المجلات للكبار والصغار واللقاء الصحفي [ ص: 84 ] -للأطفال داخل مجلتهم- له صيغة تشويق إضافية حيث ينقل للأطفال شخصيات مشهورة محببة لهم يسمعون عنها ويحبون أن يتعرفوا عليها أكثر فضلا عن ميلهم لتقليدها في إنجازاتها وأعمالها كما يستفيدون بشكل جيد من الصعوبات التي يلاقونها في الحياة وكيفية التغلب عليها.
ويمكن أن يصاغ الحديث الصحفي بأسلوب قصصي مشوق للأطفال فيحوي أحيانا مقدمة جذابة عن خبر ما أو إنجاز للشخصية أو عن واقعة مهمة والحديث الصحفي لا يعتمد فقط على نقل معلومات بأسلوب مختلف بل ينقل انطباعات وأفكار ومشاعر متبادلة بين محاور اللقاء.
ويمكن أن يقوم الصغار -أحيانا- بالحديث الصحفي كي يتعودوا هـذه الممارسة واقعيا ويكتسبوا خبرات عملية وينقلوا ما يدور في أذهانهم من تساؤلات.
- المقالة
تختلف المقالة داخل مجلات الأطفال عن غيرها من المجلات فيلزم أن تكون قصيرة تتميز بغلبة العاطفة كي تشد الطفل وتجذبه للقراءة وأن تكون مباشرة وليست عرضا لقضية فكرية وتجيب أحيانا عن تساؤلات لأطفال حيال بعض قضايا المجلة أو ما يتعلق بشئونهم الشخصية أو المعيشية عموما. [ ص: 85 ]
لذا ينبغي للكاتب أن يحترم عقول الصغار ولا يستخف بها ويستخدم أسلوب المسايرة لهم ومحاولة استجلاء آرائهم والبعد عن الأسلوب التقريري والإملائي للقضايا المطروحة.
ويمكن أن تكون المقالة عمودا ثابتا لشخصية محببة قد تكون إحدى شخصيات المجلة أو شخصية عامة ومشهورة في المجتمع أو أحد أصدقائهم البارزين في أحد الميادين سواء أكان ذلك في العلوم أو الأخلاق أو الإنجازات البشرية ولا بد أن تكون المعالجة لقضية واحدة محددة واضحة المعالم والبعد ما أمكن عن الجزئيات والتفريعات والتركيز على صلب الموضوع.
القصص المصورة [2]
- أهميتها تلعب الصورة أو الرسم دورا هـاما في المادة التي يطلع عليها الطفل من كتاب أو قصة أو مجلة وهي تتأكد كلما كان الطفل أصغر سنا وتمثل الصورة عنصرا تشويقيا هـاما كما تضفي ألوانها سحرا وجاذبية على المادة وتؤدي الصورة دورا حيويا في تكامل الصورة الذهنية لدى الطفل وتمثل إبداعا مكافئا للنص بل قد تفوقه أحيانا. [ ص: 86 ]
والرسوم والصور الفوتوغرافية والأشكال الفنية تمثل مادة صحفية حية لها قيمة إعلامية وقيمة جمالية في نفس الوقت وهذا الجانب استدعى استفادة جميع المجلات العربية -فضلا عن الأجنبية- من هـذا اللون الفني الذي يمثل أسلوبا جديدا معاصرا في مخاطبة الطفل والوصول إلى عقله.
- إيجابياتها
- لها وقع كبير على نفس الطفل.
- تدخل البهجة والسرور على قلبه.
- لا تتطلب جهدا في المتابعة والقراءة.
- لها أثر بالغ على خياله وتصوره للوقائع والأحداث.
- سرعة استيعاب مدلولاتها.
- تقلل من الحاجة للمادة المكتوبة.
- تشرح الأحداث وتجسدها بصورة كاملة.
- تساعد على فهم الطفل للمادة المرافقة المكتوبة.
- يمكن فهم ومتابعة الكثير من أحداث القصص المصورة حتى دون القدرة على قراءة النصوص المكتوبة المرافقة لها.
- يبقى أثرها على عقل الطفل فترة طويلة. [ ص: 87 ]
- تعتبر الرسوم لغة غير لفظية لاعتمادها على خاصية البصر.
- تلبي رغبة الطفل في الحركة والمغامرة.
- تغطي شريحة واسعة من الأعمار.
- وسيلة شيقة لتعليم القراءة والكتابة.
- سلبياتها
قلة المادة المكتوبة المرافقة للنص.
- ضيق المساحة المتاحة للكتابة.
- التداخل بين المادة المكتوبة واللوحة الفنية.
- تحول دون استمتاع الطفل بالقراءة.
- تبلبل ذهن الطفل -أحيانا- وتربكه.
- تحد من خيال الطفل الجامح حيث إن الطفل يطمح إلى تخيل كل حدث أو موقف بعيدا عن الرسم التفصيلي الكامل.
- تقلل القدرة القرائية لدى الأطفال وتؤكد القراءة السهلة غير المتأملة.
- تربط الطفل ببعض الأنماط السلوكية غير المقصودة من قبل المؤلف كنوع اللباس أو السمات الشخصية أو خصائص البيئة.
والمقترح -في المجلة الرائدة- أن تستخدم القصص المصورة للاستفادة من إيجابياتها الكثيرة مع محاولة تفادي السلبيات التي [ ص: 88 ] ترافقها وذلك كالتالي
- أن تمثل القصص المصورة جزءا من المجلة النصف كحد أقصى.
- أن تتنوع بين القصص البوليسية والاجتماعية والثقافية.
- أن يتنوع أسلوب الكتابة بين أسلوب البالونة داخل اللوحة وبين أسلوب الحوار أو النص المرافق أسفل اللوحة وعدم الاقتصار على نوع واحد تكثر عليه المآخذ.
- تقليل عدد اللوحات في الصفحة الواحدة سبعة كحد أقصى لوضع مساحة كافية للكلام أو الحوار المرافق وإعطاء الرسم المساحة الكافية.
القصص السردية وهي عمدة أدب الأطفال رغم عدم ميل الأطفال -في العصر الحاضر- إلى هـذا اللون كثيرا نظرا لتطلبها طول نفس ومتابعة للقراءة وعادة ما تكون مقرونة ببعض اللوحات المعبرة عن القصة لتشويق الطفل للمتابعة.
إخراج مجلات الأطفال
يوصف الإخراج الصحفي بأنه القالب الفني الذي توضع داخله محتويات المجلة والمجلة -عموما- تنفرد عن الصحيفة باعتبارها وعاء إعلاميا متميزا بالإخراج الفني الراقي الذي يقبل عليه الكبار، [ ص: 89 ] أما بالنسبة للصغار إن الأمر يزداد تأكيدا حيث يمثل الإخراج الفني العنصر الرئيس في مجلة الطفل بل إنها تفتقد قيمتها بالكلية ندما تكون داخل إطار فني ضعيف هـزيل.
والإخراج الفني ليس عملية فنية فقط بل يرتبط وبشكل كبير بالجانب النفسي للطفل بمعنى آخر أننا نريد أن نقدم للطفل ما يريده وما يحبه وما يدعوه لاقتناء المجلة ولا نرغمه على قبول ما نحبه نحن له.
وفي مجلات الأطفال لا بد أن يتناغم الإخراج الفني مع موضوعات المجلة بل لا بد من التنسيق بين الرسام وكاتب القصة كي تصل في النهاية للطفل بصيغة شيقة جميلة ومرغوبة.
وعادة ما ينفرد مخرجو مجلات الأطفال عن أولئك المتخصصين في مجلات الكبار حيث يلعب العامل الفني أثرا مختلفا بين الكبار والصغار.
وتعتبر الرسوم حجر الزاوية -كما يقولون- في إخراج مجلات الأطفال فالمجلة التي تفتقد هـذا العنصر أو يندر فيها لا تجد قبولا من الأطفال والرسوم جزء من التعبير الموضوعي بل هـي تتجاوز عملية الإخراج أحيانا فالرسوم تربي الذوق الفني عند الطفل وتعطي القصص بعدا وجدانيا وتنقل الطفل من عالم الفكرة إلى عالم الواقع الحي وكلما كانت الرسوم إبداعية كثيرة كلما أقبل الأطفال على [ ص: 90 ] المجلة، ووجود الرسوم لا يعني خلو المجلة أو قصورها في المادة المكتوبة بل لا بد من التوازن بين الأمرين كي تؤدي الرسوم دورها الإيجابي تجاه الطفل لذلك تنجح القصص المصورة في أحيان كثيرة في جذب الأطفال قبل أن يتعلموا القراءة ويستوعبوا الكثير من مضمونها من خلال الرسوم فقط.
وبالنسبة لمجلات أطفال ما قبل المدرسة فإن الرسوم هـي الوحدة الموضوعية للمجلة ويندر فيها الكلام إلا ما قد يكون توجيهات للكبير يستحضرها عند قراءة القصة للصغير وأهميتها -في هـذا السن- تكمن في اعتماد الطفل على حاسة البصر بشكل رئيس وسهولة استيعاب مدلولاتها لديه.
وهناك جانب آخر مهم في الإخراج هـو التوازن في استخدام الألوان داخل المجلة والبعد عن الألوان الداكنة والاستفادة من تقنيات التجهيز المعاصر في التعامل مع الألوان وإخراج ألوان جديدة جذابة للطفل يغلب عليها اللون المشرق الحي.
وأخيرا فمجلة الطفل لوحة فنية متكاملة ينبغي أن تجذب الطفل لاقتنائها وإغفال هـذا الجانب يضعف حيوية المجلة بل قد يتسبب في فشلها في الوصول للطفل وإقناعه بما تحويه من موضوعات شيقة ومفيدة [ ص: 91 ]