المطلب الثاني: حكم النكاح المؤقت نية دون إظهاره:
وصورة هـذا النوع: أن رجلا تغرب عن دياره ولم ينو إقامة طويلة في تلك الديرة، وفي الوقت ذاته خاف على نفسه من المغريات الجنسية، فنكح امرأة بنية الأجل، ولم يصرح لها بذلك، فما حكم هـذا النكاح؟
جاء في شرح الموطأ للزرقاني : وأجمعوا على أن من نكح نكاحا مطلقا، ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها، أنه جائز ليس بنكاح متعة. وقال الأوزاعي : هـو نكاح متعة ولا خير فيه.. قاله عياض [1] وفي المغني: وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هـذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم وأنه لا بأس به، ولا تضر نيته [2] وقد ذهب إلى القول بالكراهة المالكية والشافعية .
قال مالك : ليس هـذا من الجميل ولا من أخلاق الناس. [3] قلت: ويؤكد هـذه الكراهة ما يترتب على العقد من غش للمرأة التي جهلت نية الرجل، وخداعها، ( ونبينا عليه الصلاة والسلام يقول: من غش فليس مني. ) [4] ، وكان سفيان بن عيينة يكره تفسير الحديث، ويقول: نمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر [5] [ ص: 144 ]
فهل يرضى هـذا العمل أحد لبناته أو أخواته أو... فإذا كنا لا نقبله لأنفسنا فكيف نقبله لغيرنا، وقد جاء لفظ النبي صلى الله عليه وسلم : (من غش) على سبيل العموم، فشمل كل غش، وقد أجمع العلماء على تحريم الغش [6] ثم إن عملا كهذا يضر بسمعة الإسلام في مجتمعات مخالفيه، فيشاع عن المسلمين أنهم قوم لا أخلاق لهم، وفي هـذا من الضرر بالدعوة ما لا يخفى على كل ذي لب.
وإذا خشي المرء على نفسه الضياع، فلينو الدوام وهذا الأصل، فإن طرأ بعد ذلك طارئ شرعي فليلجأ إلى التسريح بإحسان.