- العلاقة بين الفكر اللغوي والفكر الأصولي
من المؤكد أن «الدرس اللغوي عند العرب غير مقصور على اللغويين؛ لأن المتكلمين والمفسرين وعلماء أصول الفقه يشاركونهم في كثير من مناحي علمهم» [1] ؛ لأن موضوع البحث كان دوما النص ومعناه.. والأصوليون (علماء أصول الفقه) أكثر الطوائف الإسلامية عناية بدراسة المعنى، وعنايتهم في ذلك قد تفوق عناية اللغويين أنفسهم، حتى ليتجلى أن تتبع ما عند هـؤلاء الأصوليين من البحث اللغوي الملم بكثير من مباحث [ ص: 45 ] علوم العربية، قد يكون أجدى من بحث أصحاب اللغة أنفسهم [2] في ربط البحث اللغوي بالمجالات الشرعية؛ فالفكر اللغوي لديهم يعني «عقد بحوث في المبادئ اللغوية، أي في حقيقة اللفظ وأقسام دلالته، وفي أقسام المفرد، وفي الحقيقة والمجاز، ... وفي مبدأ اللغات وطرق معرفتها» [3] .
و «للأبحاث اللغوية أثر واضح في أحكام الفقه الإسلامي، وارتباط الأحكام الفقهية بالمسـائل اللغوية، في مناح شتى؛ من أبرزها العلاقة بينهما في الاشتراك والتضاد، وفي العموم والخصوص، وفي الإطلاق والتقييد» [4] .
والعلاقة القوية بين الفكر اللغوي والفكر الأصولي تتمثل في أن المعرفة اللغوية إحـدى آليات التفكير، وإحـدى وسـائل الاستنباط، وبـها يمكن إزالة اللبس أو الغموض الذي قد يوجـد بالنص اللغـوي، أو الوقوف على مقاصده. [ ص: 46 ]