ولو أن فعليه أن يعيدها عندنا ، وعلى قول غلاما صلى العشاء الآخرة ثم نام فاحتلم وانتبه قبل أن يذهب وقت العشاء رحمه الله تعالى ليس عليه أن يعيدها ; لأن وقت الصلاة في حكم حالة واحدة فالمؤدى في أول الوقت بمنزلة المؤدى في آخر الوقت على معنى أن ما أداه في أول الوقت كان موقوفا فإذا تحققت الفريضة في آخر الوقت وقع المؤدى عن الفرض بمنزلة ما لو الشافعي ولكنا نقول : المؤدى وقع نفلا ; لأنه لم يكن أهلا للفرض حين أدى فإن الأهلية للفرض باعتبار الخطاب ، والصبي غير مخاطب ثم لما بلغ في آخر الوقت لزمه أداء الفرض ، والنفل لا يقوم مقام الفرض ، والقول [ ص: 96 ] بالتوقف ينبني على الأهلية للفرض ، وهو ليس بأهل له بخلاف الذي عجل الزكاة ; لأنه أهل للفرض ، وإنما أدى بعد كمال سبب الوجوب ، وهذه هي المسألة التي سمعها عجل الزكاة ثم تم الحول ، ووجبت عليه الزكاة رحمه الله تعالى من محمد رضي الله عنه أولا على ما يحكي عنه أنه كان من أولاد بعض الأغنياء فمر يوما أبي حنيفة ببني حرام ووقف عند باب المسجد يسمع كلام رضي الله عنه كما يفعله الصبيان ، وكان هو يعلم أصحابه هذه المسألة وكان أبي حنيفة رحمه الله تعالى قد ابتلي بها في تلك الليلة فدخل المسجد وأعاد العشاء فدعاه محمد رضي الله عنه وقال ما هذه الصلاة التي صليتها فأخبره بما ابتلي به فقال يا غلام : الزم مجلسنا فإنك تفلح فتفرس فيه خيرا حين رآه عمل بما تعلم من ساعته . أبو حنيفة
ولو لم ينتبه حتى طلع الفجر الثاني فقد قال بعض مشايخنا : لا قضاء عليه ; لأنه لم يصر مخاطبا في وقت العشاء فإنه كان في أول الوقت صبيا وفي آخر الوقت نائما والنوم يمنع توجه الخطاب عليه ابتداء ، واستدلوا بظاهر لفظ الكتاب فإنه شرط الانتباه قبل ذهاب الوقت ، والأصح أنه يلزمه القضاء ; لأن النوم يمنع توجه خطاب الأداء ، ولكن لا يمنع الوجوب ألا ترى أن من بقي نائما وقت صلاة أو صلاتين كان عليه القضاء إذا انتبه ، وقد جعل النائم كالمنتبه في بعض الأحكام خصوصا على أصل رحمه الله تعالى فيلزمه القضاء إذا علم أنه احتلم قبل طلوع الفجر ، وإن لم يعلم ذلك بأن انتبه في آخر وقت الفجر ، وهو يتذكر الاحتلام ، ويرى الأثر ولا يدري متى احتلم فحينئذ لا يلزمه قضاء العشاء ; لأن الاحتلام حادث فإنما يحال حدوثه على أقرب الأوقات أبي حنيفة