ص ( وصحت ولو تركت عمدا ) ش قال في المدونة : من صلى بغير إقامة عامدا أجزأه وليستغفر الله العامد انتهى . وأشار بأو إلى مقابل المشهور ، واختلف الشيوخ في نقله ، فقال ابن يونس : قال : ومن مالك أجزأه ، ويستغفر الله العامد ، وقال صلى بغير إقامة عامدا أو ساهيا ، ابن كنانة وابن الماجشون ، وابن زياد ، وابن نافع : من ترك الإقامة فليعد صلاته فوجه قول أنها سنة منفصلة لا تفسد بفسادها الصلاة فوجب أن لا تفسد بتركها ، ووجه الآخر أنها من سنن الصلاة كالتي من صلب الصلاة فتركها عمدا لعب بالصلاة [ ص: 462 ] فوجب أن لا تجزئه انتهى . ولم يعزه مالك اللخمي إلا ، ونصه : " ومن ترك الإقامة عمدا أو سهوا أجزأته صلاته ، وقال لابن كنانة : يعيد الصلاة إذا تركها عمدا ، والأول أحسن انتهى . وقال ابن كنانة ابن ناجي وعزاه لرواية جميع من ذكر ابن هارون ابن يونس ولرواية يحيى بن يحيى وابن عبد الحكم انتهى .
( قلت ) ولم يعزه في النوادر إلا عن لابن سحنون ، وقال ابن كنانة ابن بشير : ولا شك أن من أمر بالأذان فتركه لا تبطل صلاته وأما من أمر بالإقامة فتركها سهوا لم تبطل صلاته وأما العامد ففيه قولان : المشهور أنها لا تبطل ، والشاذ : أنها تبطل ، وهو على الخلاف في تارك السنن متعمدا ، هل يعد عابثا فتبطل صلاته أم لا يعد كذلك ; لأنه غير مأثوم في الترك فلا تبطل ؟ انتهى . فظاهر كلامهم أنه يعيد الصلاة أبدا ، وكلام ابن يونس كالصريح في ذلك ، وكلام ابن بشير صريح في ذلك وعزا صاحب الطراز هذا القول لابن سحنون عن ، وقال : أنه يعيد في الوقت ، ونصه : " قال ابن كنانة ابن القاسم سألت عمن يصلي بغير إقامة ناسيا ، فقال : لا شيء عليه ، قلت : فلو تعمد ، قال : فليستغفر الله ولا شيء عليه . وذكر مالكا عن ابن سحنون في العامد : أنه يعيد الصلاة إن كان في وقته ، والأول أصح ولا يعرف فيه خلاف ، وقد ذكرنا قوله في الواضحة في المنفرد إن أقام فحسن وجوز جماعة من السلف للفذ ترك الإقامة ابن كنانة النخعي والشعبي ، ولأن ما لا يوجب سجود السهو ، ولا إعادة لا يوجب عمده الإعادة كالتسبيح واعتبارا بالأذان واعتبارا بالمرأة ، ونقله في الذخيرة وقبله ولم يحكه غيره وعليه اقتصر الشارح في الكبير والوسط ، ولم يذكر في الصغير مقابل المشهور وعزاه في الشامل وابن حنبل وغيره ولم يبين الإعادة هل هي في الوقت أو أبدا ولم يذكر لابن كنانة ابن عرفة غير كلام المدونة ، وهو غريب ; لأنه لا يترك نقل الخلاف خصوصا الذي في مثل هذه الكتب المذكورة ولم يتكلم المصنف في التوضيح على ترك الإقامة ، وقال ابن عبد السلام في قول : " والإقامة سنة " لم يذكر فيها خلاف المذهب ، وإن وقع إطلاق الاستغفار لتاركها ، ووقع فيها وفي الأذان الإعادة في الوقت انتهى . قال ابن الحاجب ابن ناجي في شرح المدونة بعد أن ذكر كلام ابن عبد السلام : " ولا أعرفه إلا لنقل ابن راشد عن في الإقامة فقط " انتهى . ابن كنانة
( قلت ) قد تقدم نقله عن صاحب الطراز والقرافي في ذخيرته .
( تنبيهات : الأول ) تحصل مما تقدم أن في مقابل المشهور طريقتين : إحداهما لابن يونس واللخمي وابن بشير وابن يونس وغيرهم : أن الإعادة أبدا ، الثانية لصاحب الطراز وابن هارون والقرافي وابن راشد : أن الإعادة في الوقت ، وقال الشبيبي في شرح الرسالة : ولا إعادة عليه على المشهور وقيل : يعيد في الوقت وقيل : أبدا .
( الثاني ) علم مما تقدم أنه لا خلاف في عدم الإعادة التارك لها سهوا لا في الوقت ولا غيره .
( الثالث ) تقدم في كلام صاحب الطراز وابن بشير ما يقتضي أن من ترك الأذان عامدا لا إعادة عليه في الوقت ولا بعده ، وهو كذلك إلا ما وقع في كلام ابن عبد السلام من حكاية القول الشاذ بالإعادة في الوقت ، وهو غير معروف ، كما قال ابن ناجي نعم تقدم في أول الفصل في كلام ابن عرفة أن الطبري روى عن : أنه إن تركه أهل مالك مصر عمدا بطلت صلاتهم ، وأن أشهب روى عن : أنه إن تركه مسافر عمدا أعاد صلاته وهذا خلاف المعروف من المذهب ، والله تعالى أعلم . مالك
( الرابع ) قوله : في المدونة : وليستغفر الله تعالى ، قال في الذخيرة : كيف يطلق لفظ الاستغفار المختص بالذنوب في ترك السنن ، وتركها ليس بذنب ، وأجاب : بأن الله سبحانه وتعالى يحرم العبد من التقرب إليه بالنوافل ، والفرائض عقوبة له على ذنوبه ، ويعينه على التقرب بسبب طاعته لقوله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } ، وقوله : { فأما من أعطى واتقى } الآية ، فإذا استغفر من ذنوبه غفرت له بفضل الله ، وأمن حينئذ من الابتلاء بالمؤاخذة بالحرمان [ ص: 463 ] ونقله ابن ناجي في شرح المدونة عن ابن راشد ، وقال : هكذا سمعت من شيخي القرافي قال ابن ناجي وكان شيخنا يعني البرزلي يذهب إلى هذا دون استدلال ونسبه لنفسه ولا يبعد أن يكون الاستغفار أيضا لتهاونه بالسنة كقول خويز منداد : إن ترك السنن فسق ، وإن تمالأ عليه أهل بلد عوقبوا انتهى . والله أعلم .
وقال الوانوغي في حاشيته على المدونة : " جواب القرافي هنا ضعيف " ، قال المشذالي ليس هو بضعيف كما زعم وقد ذكره غير القرافي