الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 2 ] ( كتاب الحج ) هو بفتح وكسر لغة القصد أو كثرته إلى من يعظم وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي على ما في المجموع وعليه يشكل قولهم أركان الحج ستة إلا أن يؤول أو هو نفس الأفعال الآتية ، وهو الظاهر ببادئ الرأي لكن يعكر عليه أن المعنى الشرعي يجب اشتماله على المعنى اللغوي بزيادة وذلك غير موجود هنا [ ص: 3 ] إلا أن يقال إن ذلك أغلبي أو إن منها النية ، وهي من جزئيات المعنى اللغوي ونظيره الصلاة الشرعية لاشتمالها على الدعاء والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع ، وهو من الشرائع القديمة روي أن آدم صلى الله على نبينا وعليه وسلم حج أربعين سنة من الهند ماشيا وأن جبريل قال له إن الملائكة كانوا يطوفون قبلك بهذا البيت سبعة آلاف سنة وقال ابن إسحاق لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا حج والذي صرح به غيره أنه ما من نبي إلا حج خلافا لمن استثنى هودا وصالحا صلى الله عليهم وسلم وفي وجوبه على من قبلنا وجهان قيل الصحيح أنه لم يجب إلا علينا واستغرب قال القاضي ، وهو أفضل العبادات لاشتماله على المال والبدن ، وفي وقت وجوبه خلاف قبل الهجرة أول سنيها ثانيها وهكذا إلى العاشرة والأصح أنه في السادسة { وحج صلى الله عليه وسلم قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها } وتسمية هذه حججا إنما هو باعتبار الصورة إذ لم تكن على قوانين الحج الشرعي [ ص: 4 ] باعتبار ما كانوا يفعلونه من النسيء وغيره بل قيل في حجة أبي بكر في التاسعة ذلك لكن الوجه خلافه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بحج شرعي وكذا يقال في الثامنة التي أمر فيها عتاب بن أسيد أمير مكة وبعدها حجة الوداع لا غير ( هو فرض ) معلوم من الدين بالضرورة فيكفر منكره إلا إن أمكن خفاؤه عليه ( وكذا العمرة ، وهي ) بضم فسكون أو ضم وبفتح فسكون لغة زيارة مكان عامر وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي أو نفس الأفعال الآتية ( في الأظهر ) للخبر الصحيح { حج عن أبيك واعتمر } وصح عن عائشة رضي الله عنها { هل على النساء جهاد قال جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة } وخبر الترمذي بعدم وجوبها وحسنه اتفق الحفاظ على ضعفه ولا يغني عنها الحج ؛ لأن كلا أصل قصد منه ما لم يقصد من الآخر ألا ترى أن لها مواقيت غير مواقيت الحج وزمنا غير زمن الحج وحينئذ فلا يشكل بإجزاء الغسل عن الوضوء ؛ لأن كل ما قصد به الوضوء موجود في الغسل ولا يجبان بأصل الشرع في العمر إلا مرة وهما على التراخي [ ص: 5 ] بشرط العزم على الفعل بعد وأن لا يتضيقا بنذر أو خوف عضب أو تلف مال بقرينة ولو ضعيفة كما يفهمه قولهم لا يجوز تأخير الموسع إلا إن غلب على الظن تمكنه منه أو بكونهما قضاء عما أفسده ومتى أخر فمات تبين فسقه بموته من آخر سني الإمكان إلى الموت فيرد ما شهد به وينقض ما حكم به وسيأتي أنه يستقر عليه بوجود مال له لم يعلمه ومع ذلك لا نحكم بفسقه لعذره

                                                                                                                              التالي السابق



                                                                                                                              الخدمات العلمية