الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) [ ص: 26 ] قال القاضي غصب برا قيمته خمسون فطحنه فعاد عشرين فخبزه فعاد خمسين ثم تلف ضمن ثمانين إذ ما نقصه الطحن لا تجبره زيادة الخبز كما لو نسي القن حرفته وعلمه أخرى . ا هـ وأقره جمع متأخرون بل جزم به آخرون وكأنهم نظروا إلى أن هذا من صور ما إذا صار المثلي متقوما ، المرجح فيه أنه يجب مثله ما لم يكن المتقوم أغبط فتجب قيمته وهي الثمانون في صورة القاضي ؛ لأنها الأغبط والثلاثون ، وإن وجبت للنقص لكنها بدل الجزء الفائت بالطحن فضمت للخمسين وبهذا يجاب عما يقال القياس وجوب البر والثلاثين ؛ لأنه حيث لا أغبط يجب المثل وأما الثلاثون فقد استقرت بالطحن إذ لا ينجبر ، وإن زاد بالخبز أضعافا وعما يقال أيضا هذا مبني على ما قاله القاضي إنه لو طحن البر ثم خبزه وجب أكثر القيم ولا يطالب بالمثل نظرا لحاله عند تلفه وهو ضعيف ، ووجه الفرق بين هذا وصورته الأولى ما تقرر أنه وجب أرش أجزاء فائتة فضمت للأصل ، ووجبت قيمة الكل فوجوب القيمة هنا ليس للنظر لوقت التلف بل لضم الأرش إلى الأصل وفيما انفرد به القاضي للنظر إلى وقت التلف فتخالف المدركان نعم يلزم على ذلك أن محل قولهم إذا صار المثلي متقوما وجب المثل ما لم يكن المتقوم أغبط ما إذا لم يكن الغاصب ضمن جزءا من المثل إذا ضم أرشه إلى قيمة المتقوم صار أغبط فيجب الأغبط هنا نظرا لما قررته من تبعية الأرش للعين ؛ لأنه بدل جزئها ، ولا ينافي ما مر من ضمان الثلاثين ما قيل : القاعدة في المثلي أنه لا يتغير ضمانه بنقص القيمة ؛ لأن هذا في نقص بالرخص فقط ثم رد بعينه أما نقص بفعل الغاصب أو بغير فعله كنسيان الصنعة عنده فيضمنه رده أو تلف وإن زاد عنده ما يزيد على ذلك النقص كما مر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فعاد عشرين ) فقد نقص ثلاثين ( قوله من صور ما إذا صار المثلي متقوما ) أي فإن الخبز الذي صار إليه متقوم ( قوله لكنها بدل الجزء الفائت بالطحن ) في إطلاقه أنه بالطحن فات جزء نظر بل قد يقطع بعدم فوات متمول ( قوله وبهذا يجاب إلخ ) يتأمل وجه الجواب به . ( قوله لأنه حيث لا أغبط ) أي كما هنا لاستواء قيمة المثلي وهو البر والمتقوم وهو الخبز إذ كل خمسون ( قوله ولا يطالب بالمثل ) هذا مخالف لما تقرر في قاعدة صيرورة المثلي متقوما من أنه يطالب بالمثل إلا أن يكون الآخر أكثر قيمة فلهذا قيل وهو ضعيف ( قوله ووجه الفرق بين هذا وصورته الأولى ) جعلهما صورتين باعتبار فرض النقص بالطحن ثم الزيادة بالخبز في الأولى دون هذه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 26 ] فعاد عشرين ) فقد نقص ثلاثين . ا هـ سم ( قوله ثم تلف ) أي الخبز ( قوله من صور إلخ ) أي فإن الخبز الذي صار إليه متقوم . ا هـ سم ( قوله المرجح فيه إلخ ) نعت لما إذا إلخ ( قوله مثله ) أي المثلي ( قوله قيمته ) أي المتقوم ( قوله والثلاثون إلخ ) جواب عما يقال المتقوم هنا الخبز وقيمته خمسون لا ثمانون وحاصل الجواب أن قيمة الخبز مع ملاحظة بدل الجزء التالف ثمانون . ا هـ كردي ( قوله وبهذا ) أي بالضم المذكور ( قوله : لأنه حيث لا أغبط ) أي كما هنا لاستواء قيمة البر المثلي والخبز المتقوم إذ كل خمسون . ا هـ سم ( قوله يجب المثل ) أي وهو البر هنا ( قوله وأما الثلاثون إلخ ) من جملة ما يقال ( قوله فقد استقرت ) أي وجوب الثلاثين على حذف المضاف ( قوله هذا ) أي ما قاله القاضي وأقره الجمع المتأخرون ( قوله على ما قاله القاضي ) أي مرة أخرى قبل قوله السابق . ا هـ كردي ( قوله : ولا يطالب بالمثل إلخ ) هذا مخالف لما تقرر في قاعدة صيرورة المثلي متقوما من أنه يطالب بالمثل إلا أن يكون المتقوم أكثر قيمة فلهذا قال وهو ضعيف . ا هـ سم ( قوله وهو ) أي القول الثاني للقاضي ضعيف أي والمبني على الضعيف ضعيف . ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله بين هذا وصورته الأولى ) جعلهما صورتين باعتبار فرض النقص بالطحن ثم الزيادة بالخبز في الأولى دون هذا . ا هـ سم عبارة الكردي قوله بين هذا أي القول الثاني وقوله وصورته الأولى أراد بها قوله غصب برا قيمته خمسون إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فضمت ) أي الأرش وهو الثلاثون فالتأنيث لرعاية المعنى ( قوله فوجوب القيمة هنا ) أي قيمة الكل في الصورة الأولى و ( قوله وفيما انفرد به إلخ ) أي في وجوب القيمة في الصورة الأخرى من صورتي القاضي التي انفرد هو بها . ا هـ كردي ( قوله على ذلك ) أي ما تقرر ( قوله ما إذا لم يكن إلخ ) خبران محل إلخ . ا هـ كردي ( قوله فيجب الأغبط إلخ ) متفرع على اللازم المذكور ( قوله ما مر إلخ ) أي في الصورة الأولى ( قوله : لأن هذا ) أي ما قيل إلخ ( قوله رده إلخ ) أي سواء رد المثلي أو تلف ( قوله : وإن زاد إلخ ) تعميم ثان لقوله فيضمنه ( قوله كما مر ) أي في الصورة الأولى وفي أول الفصل




                                                                                                                              الخدمات العلمية