وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم قائل هذا النضر أيضا على ما روي عن مجاهد، وجاء في رواية أنه لما قال أولا ما قال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «ويلك، إنه كلام الله تعالى». فقال ذلك. وأخرج وسعيد بن جبير، البخاري في الدلائل عن والبيهقي رضي الله تعالى عنهما أنه أنس بن مالك أبو جهل بن هشام، وأخرج عن ابن جرير يزيد بن رومان ومحمد بن قيس أن قريشا قال بعضها لبعض أكرم الله تعالى محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم من بيننا؛ اللهم إن كان هذا هو الحق إلخ وهو أبلغ في الجحود من القول الأول لأنهم عدوا حقيقته محالا؛ فلذا علقوا عليها طلب العذاب الذي لا يطلبه عاقل، ولو كانت ممكنة لفروا من تعليقه عليها، وما يقال إن إن للخلو عن الجزم فكيف استعملت في صورة الجزم؟ أجاب عنه القطب بأنها لعدم الجزم بوقوع الشرط، ومتى جزم بعدم وقوعه عدم الجزم بوقوعه، وهذا كقوله تعالى: وإن كنتم في ريب وفيه بحث ذكره العلامة الثاني، واللام في (الحق) قيل للعهد، ومعنى العهد في أنه الحق الذي ادعاه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو أنه كلام الله تعالى المنزل عليه عليه الصلاة والسلام على النمط المخصوص (ومن عندك) إن سلم دلالته عليه فهو للتأكيد وحينئذ فالمعلق به كونه حقا بالوجه الذي [ ص: 200 ] يدعيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا الحق مطلقا لتجوزيهم أن يكون مطابقا للواقع غير منزل (كأساطير الأولين) وفي الكشاف أن قولهم: هو الحق تهكم بمن يقول على سبيل التخصيص والتعيين: هذا هو الحق، وزعم بعضهم أن هذا قول بأن اللام للجنس، وأشار إلى أن الأولى حملها على العهد الخارجي على معنى الحق المعهود المنزل من عند الله تعالى هذا لا أساطير الأولين، فالتركيب مفيد لتخصيص المسند إليه بالمسند على آكد وجه، وحمل كلام على ذلك وطعن في مسلك الكشاف بعدم ثبوت قائل أولا على وجه التخصيص يتهكم به. ولا يخفى ما فيه من المنع والتعسف، (وأمطر) استعارة أو مجاز لأنزل، وقد تقدم الكلام في المطر والأمطار، وقوله سبحانه: (من السماء) صفة (حجارة) وذكره للإشارة إلى أن المراد بها السجيل والحجارة المسومة للعذاب. البيضاوي
يروى أنها حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم.
وجوز أن يكون الجار متعلقا بالفعل قبله، والمراد بالعذاب الأليم غير إمطار الحجارة بقرينة المقابلة، ويصح أن يكون من عطف العام على الخاص، وتعلق من عندك بمحذوف قيل: هو حال مما عنده أو صفة له، وقرأ رضي الله تعالى عنهما زيد بن علي (الحق) بالرفع على أن هو مبتدأ لا فصل، وقول والأعمش: الطبرسي: إنه لم يقرأ بذلك ليس بذاك، ولا أرى فرقا بين القراءتين من جهة المراد بالتعريف خلافا لمن زعمه.