تحية بينهم ضرب وجيع
يروى أنهم كانوا إذا أراد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصلي يخلطون عليه بالصفير والتصفيق ويرون أنهم يصلون أيضا.وروي أنهم كانوا يطوفون عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون. وقال بعض القائلين: إن التصدية بمعنى الصد، والمراد صدهم عن القراءة أو عن الدين أو الصد بمعنى الضجة كما نقل عن ابن يعيش في قوله تعالى: إذا قومك منه يصدون والمأثور عن وجمع من السلف ما ذكرناه. ابن عباس
نعم روي عن تفسير التصدية بصد الناس عن ابن جبير المسجد الحرام، وفيه بعد، وأبعد من ذلك تفسير لها بالطواف على الشمال بل لا يكاد يسلم، والجملة معطوفة إما على (وهم يصدون) فتكون لتقرير استحقاقهم للعذاب ببيان أنهم صدوا ولم يقوموا مقام من صدوه في تعظيم البيت، أو على عكرمة وما كانوا أولياءه فتكون تقريرا لعدم استحقاقهم لولايته. وقرأ (صلاتهم) بالنصب وهي رواية عن الأعمش: عاصم وأبان، وهو حينئذ خبر كان، ومكاء بالرفع اسمها، وفي ذلك الإخبار عن النكرة بالمعرفة وهو من القلب عند السكاكي، وقال لا قلب، ثم قال: لسنا ندفع أن جعل اسم كان نكرة وخبرها معرفة قبيح، وإنما جاءت منه أبيات شاذة، لكن من وراء ذلك ما أذكره، وهو أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته، ألا تراك تقول: خرجت فإذا أسد بالباب، فتجد معناه: فإذا الأسد بالباب، ولا فرق بينهما، وذلك أنك في الموضعين لا تريد أسدا واحدا معينا [ ص: 204 ] وإنما تريد واحدا من هذا الجنس، وإذا كان كذلك جاز هنا النصب والرفع جوازا قريبا كأنه قيل: وما كان صلاتهم إلا هذا الجنس من الفعل ولا يكون مثل قولك: كان قائم أخاك، لأنه ليس في (قائم) معنى الجنسية. وأيضا فإنه يجوز مع النفي ما لا يجوز مع الإيجاب، ألا تراك تقول: ما كان إنسان خيرا منك ولا تجيز كان إنسان خيرا منك، وتمام الكلام عليه في موضعه: ابن جني: فذوقوا العذاب ، يعني القتل والأسر يوم بدر كما روي عن الحسن وقيل: عذاب الآخرة، وقيل: العذاب المعهود في قوله سبحانه: والضحاك، أو ائتنا بعذاب ولا تعيين، والباء في قوله تعالى: بما كنتم تكفرون للسببية، والفاء على تقدير أن لا يراد من العذاب عذاب الآخرة للتعقيب، وعلى تقدير أن يراد ذلك للسببية كالباء وأمر اجتماعهما ظاهر، والمتبادر من الكفر ما يرجع إلى الاعتقاد، وقد يراد به ما يشمل الاعتقاد والعمل كما يراد من الإيمان في العرف ذلك أيضا .