هذا ومن باب الإشارة في الآيات
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة لما هداهم سبحانه إلى الإيمان العلمي وهم مفتونون بمحبة الأنفس والأموال استنزلهم لغاية عنايته سبحانه بهم عن ذلك بالمعاملة الرابحة بأن أعطاهم بدل ذلك الجنة ولعل المراد بها جنة النفس ليكون الثمن من جنس المثمن الذي هو مألوفهم ولكن الفرق بين الأمرين قال
ابن عطاء: نفسك موضع كل شهوة وبلية ومالك محل كل إثم ومعصية فاشترى مولاك ذلك منك ليزيل ما يضرك ويعوضك عليه ما ينفعك ولهذا اشترى سبحانه النفس ولم يشتر القلب وقد ذكر بعض الأكابر في ذلك أيضا أن النفس محل العيب والكريم يرغب في شراء ما يزهد فيه غيره فشراء الله تعالى ذلك مع اطلاعه سبحانه على العيب بالجنة التي لا عيب فيها نهاية الكرم ويرشد إلى ذلك قول القائل:
ولي كبد مقروحة من يبيعني بها كبدا ليست بذات قروح أباها جميع الناس لا يشترونها
ومن يشتري ذا علة بصحيح
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد قدس سره قال: إنه سبحانه اشترى منك ما هو صفتك وتحت تصرفك والقلب تحت صفته وتصرفه لم تقع المبايعة عليه ويشير إلى ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914115قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن . وذكر بعض أرباب التأويل أنه تعالى لما اشترى الأنفس منهم فذاقوا بالتجرد عنها حلاوة اليقين ولذة الترك ورجعوا عن مقام لذة النفس وتابوا عن هواها ولم يبق عندهم لجنة النفس التي كانت ثمنا قدر وصفهم بالتائبين فقال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التائبون أي الراجعون عن طلب ملاذ النفس وتوقع الأجر إليه تعالى وبلفظ آخر هم قوم رجعوا من غير الله إلى الله واستقاموا بالله تعالى مع الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112العابدون أي الخاضعون المتذللون لعظمته وكبريائه تعالى تعظيما وإجلالا له جل شأنه لا رغبة في ثواب ولا رهبة من عقاب وهذه أقصى درجات العبادة ويسميها بعضهم عبودة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الحامدون بإظهار الكمالات العملية والعلمية حمدا فعليا حاليا وأقصى مراتب الحمد إظهار العجز عنه . يروى أن
داود عليه السلام قال: يا رب كيف أحمدك والحمد من آلائك . فأوحى الله تعالى إليه . الآن حمدتني يا
داود وما أعلى كلمة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665859اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112السائحون إليه تعالى بالهجرة عن مقام الفطرة ورؤية الكمالات الثابتة لهم في مفاوز الصفات ومنازل السبحات وقال بعض العارفين: السائحون هم السيارون بقلوبهم في الملكوت الطائرون بأجنحة المحبة في هواء الجبروت وقد يقال: هم الذين صاموا عن المألوفات حين عاينوا هلال جماله تعالى في هذه النشأة ولا يفطرون حتى يعاينوه مرة أخرى في النشأة الأخرى وقد امتثلوا ما أشار إليه صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658817صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الراكعون في مقام محو الصفات
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الساجدون بفناء الذات وقال بعض العارفين: الراكعون هم العاشقون المنحنون من ثقل أوقار المعرفة على باب العظمة ورؤية الهيبة والساجدون هم الطالبون
[ ص: 55 ] لقربه سبحانه فقد جاء في الخبر: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . وقد يقال: الراكعون الساجدون هم المشاهدون للحبيب السامعون منه، وما أحسن ما قيل:
لو يسمعون كما سمعت كلامها خروا لعزة ركعا وسجودا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أي الداعون الخلق إلى الحق والدافعون لهم عما سواه فإن المعروف على الإطلاق هو الحق سبحانه، والكل بالنسبة إليه عز شأنه منكر
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112والحافظون لحدود الله أي المراعون أوامره ونواهيه سبحانه في جوارحهم وأسرارهم وأرواحهم أو الذين حفظوا حدود الله المعلومة فأقاموها على أنفسهم وعلى غيرهم وقيل: هم القائمون في مقام العبودية بعد كشف صفات الربوبية لهم فلا يتجاوزون ذلك وإن حصل لهم ما حصل فهم في مقام التمكين والصحو لا يقولون ما يقوله سكارى المحبة ولا يهيمون في أودية الشطحات
وفي الآية نعي على أناس ادعوا الانتظام في سلك حزب الله تعالى وزمرة أوليائه وهم قد ضيعوا الحدود وخرقوا سفينة الشريعة وتكلموا بالكلمات الباطلة عند المسلمين على اختلاف فرقهم حتى عند السادة الصوفية فإنهم أوجبوا حفظ المراتب وقالوا:
إن تضييعها زندقة وقد خالطتهم فرأيت منهم خبائث بالمهيمن نستجير
ولعمري إن المؤمن من ينكر على أمثالهم فإياك أن تغتر بهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112وبشر المؤمنين بالإيمان الحقي المقيمين في مقام الاستقامة واتباع الشريعة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم أي ما صح منهم ذلك ولا استقام فإن الوقوف عند القدر من شأن الكاملين
ومن هنا قيل: لا تؤثر همة العارف بعد كمال عرفانه أي إذا تيقن وقوع كل شيء بقدره تعالى الموافق للحكمة البالغة وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولم يتهم الله سبحانه في شيء من الفعل والترك سكن تحت كهف الأقدار وسلم لمدعي الإرادة وأنصت لمنادي الحكمة وترك مراده لمراد الحبيب بل لا يريد إلا ما يريده وهو الذي يقتضيه مقام العبودية المحضة الذي هو أعلى المقامات ودون ذلك مقام الإدلال ولقد كان حضرة مولانا القطب الرباني الشيخ
عبد القادر الكيلاني قدس سره في هذا المقام وله كلمات تشعر بذلك لكن لم يتوف قدس سره حتى انتقل منه إلى مقام العبودية المحضة كما نقل مولانا
عبد الوهاب الشعراني في الدرر واليواقيت وقد ذكر أن هذا المقام كان مقام تلميذه حضرة مولانا أبي السعود الشلبي قدس سره
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وما كان الله ليضل قوما أي ليصفهم بالضلال عن طريق التسليم والانقياد لأمره والرضا بحكمه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115بعد إذ هداهم إلى التوحيد العلمي ورؤية وقوع كل شيء بقضائه وقدره
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115حتى يبين لهم ما يتقون أي ما يجب عليهم اتقاؤه في كل مقام من مقامات سلوكهم وكل مرتبة من مراتب وصولهم فإذا بين لهم ذلك فإن أقدموا في بعض المقامات على ما تبين لهم وجوب اتقائه أضلهم لارتكابهم ما هو ضلال في دينهم وإلا فلا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115إن الله بكل شيء عليم فيعلم دقائق ذنوبهم وإن لم يتفطن لها أحد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة لا يخفى أن توبة الله سبحانه على كل من النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه بحسب مقامه وذكر بعضهم أن التوبة إذا نسبت إلى العبد كانت بمعنى الرجوع من الزلات إلى الطاعات وإذا نسبت إلى الله سبحانه كانت بمعنى رجوعه إلى العباد بنعت الوصال وفتح الباب ورفع الحجاب
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وذلك لاستشعار سخط المحبوب
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه أي تحققوا ذلك فانقطعوا إليه سبحانه
[ ص: 56 ] ورفعوا الوسائط
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ثم تاب عليهم حيث رأى سبحانه انقطاعهم إليه وتضرعهم بين يديه وقد جرت عادته تعالى مع أهل محبته إذا صدر منهم ما ينافي مقامهم بأدبهم بنوع من الحجاب حتى إذا ذاقوا طعم الجناية واحتجبوا عن المشاهدة وعراهم ما عراهم مما أنساهم دنياهم وأخراهم أمطر عليهم وابل سحاب الكرم وأشرق على آفاق أسرارهم أنوار القدم فيؤنسهم بعد يأسهم ويمن عليهم بعد قنوطهم
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وما أحلى قوله:
هجروا والهوى وصال وهجر هكذا سنت الغرام الملاح
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله في جميع الرذائل بالاجتناب عنها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119وكونوا مع الصادقين نية وقولا وفعلا أي اتصفوا بما اتصفوا به من الصدق وقيل: خالطوهم لتكونوا مثلهم فكل قرين بالمقارن يقتدى
وفسر بعضهم الصادقين بالذين لم يخلفوا الميثاق الأول فإنه أصدق كلمة وقد يقال: الأصل الصدق في عهد الله كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رجال صدقوا ما عاهدوا الله ثم في عقد العزيمة ووعد الخليقة كما قال سبحانه في إسماعيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54إنه كان صادق الوعد وإذا روعي الصدق في المواطن كلها كالخاطر والفكر والنية والقول والعمل صدقت المنامات والواردات والأحوال والمقامات والمواهب والمشاهدات فهو أصل شجرة الكمال وبذر ثمرة الأحوال وملاك كل خير وسعادة وضده الكذب فهو أسوأ الرذائل وأقبحها وهو منافي المروءة كما قالوا: لا مروءة لكذوب
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين إشارة إلى أنه يجب على كل مستعد من جماعة سلوك طريق
nindex.php?page=treesubj&link=18468_18467طلب العلم إذ لا يمكن لجميعهم أما ظاهرا فلفوات المصالح وأما باطنا فلعدم الاستعداد للجميع
والفقه من علوم القلب وهي إنما تحصل بالتزكية والتصفية وترك المألوفات واتباع الشريعة فالمراد من النفر السفر المعنوي وهذا هو العلم النافع وعلامة حصوله عدم خشية أحد سوى الله تعالى، ألا ترى كيف نفى الله عمن خشي غيره سبحانه الفقه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون وعلى هذا فحق لمثلي أن ينوح على نفسه وقد صرح بعض الأكابر أن الفقه علم راسخ في القلب ضاربة عروقه في النفس ظاهر أثره على الجوارح لا يمكن لصاحبه أن يرتكب خلاف ما يقتضيه إلا إذا غلب القضاء والقدر وقد أنزل الله تعالى كما قيل على بعض أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام: لا تقولوا العلم بالسماء من ينزل به ولا في تخوم الأرض من يصعد به ولا من وراء البحر من يعبر ويأتي به والعلم مجعول في قلوبكم تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين وتخلقوا بأخلاق الصديقين أظهر العلم من قلوبكم حتى يغمركم ويغطيكم وجاء:
من اتقى الله أربعين صباحا تفجرت ينابع الحكمة من قلبه: وإذا تحققت ذلك علمت أن دعوى قوم اليوم الفقه بالمعنى الذي ذكرناه مع تهافتهم على المعاصي تهافت الفراش على النار وعقدهم الحلقات عليها دعوى كاذبة مصادمة للعقل والنقل وهيهات أن يحصل لهم ذلك الفقه ما داموا على تلك الحال ولو ضربوا رءوسهم بألف صخرة صماء وعطف سبحانه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم على قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا إشارة إلى أن الإنذار بعد التفقه والتحلي بالفضائل إذ هو الذي يرجى نفعه:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يسمع ما تقول ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم
ولذا قال جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لعلهم يحذرون وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار [ ص: 57 ] إشارة إلى الجهاد الأكبر ولعله تعليم لكيفية النصر المطلوب وبيان لطريق تحصيل الفقه أي قاتلوا كفار قوى نفوسكم بمخالفة هواها وفي الخبر: أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123وليجدوا فيكم غلظة أي قهرا وشدة حتى تبلغوا درجة التقوى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123واعلموا أن الله مع المتقين بالولاية والنصر
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين أي يصيبهم بالبلاء ليتوبوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون وفي الأثر: البلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق به عباده إليه . ويرشد إلى ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما وبالجملة إن البلاء يكسر سورة النفس فيلين القلب فيتوجه إلى مولاه إلا أن من غلبت عليه الشقاوة ذهب منه ذلك الحال إذا صرف عنه البلاء كما يشير إليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي من جنسكم لتقع الألفة بينكم وبينه فإن الجنس إلى الجنس يميل وحينئذ يسهل عليكم الاقتباس من أنواره صلى الله تعالى عليه وسلم . وقرئ كما قدمنا (من أنفسكم) أي أشرفكم في كل شيء ويكفيه شرفا أنه عليه الصلاة والسلام أول التعينات وأنه كما وصفه الله تعالى على خلق عظيم
وعلى تفنن واصفيه بوصفه يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128عزيز عليه ما عنتم أي يشق عليه عليه الصلاة والسلام مشقتكم فيتألم صلى الله تعالى عليه وسلم لما يؤلمكم كما يتألم الشخص إذا عرا بعض أعضائه مكروه وعن
سهل أنه قال: المعنى شديد عليه غفلتكم عن الله تعالى ولو طرفة عين فإن العنت ما يشق ولا شيء أشق في الحقيقة من الغفلة عن المحبوب
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128حريص عليكم أي على صلاح شأنكم أو على حضوركم وعدم غفلتكم عن مولاكم جل شأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بالمؤمنين رءوف يدفع عنهم ما يؤذيهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128رحيم يجلب لهم ما ينفعهم، ومن آثار الرأفة تحذيرهم من الذنوب والمعاصي ومن آثار الرحمة إضافته صلى الله عليه وسلم عليهم العلوم والمعارف والكمالات قال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه: علم الله تعالى عجز خلقه عن طاعته فعرفهم ذلك لكي يعلموا أنهم لا ينالون الصفو من خدمته فأقام سبحانه بينه وبينهم مخلوقا من جنسهم في الصورة فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم وألبسه من نعته الرأفة والرحمة وأخرجه إلى الخلق سفيرا صادقا وجعل طاعته وموافقته موافقته فقال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80من يطع الرسول فقد أطاع الله ثم أفرده لنفسه خاصة وآواه إليه بشهوده عليه في جميع أنفاسه وسلى قلبه عن إعراضهم عن متابعته بقوله جل شأنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فإن تولوا وأعرضوا عن قبول ما أنت عليه لعدم الاستعداد وزواله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فقل حسبي الله لا حاجة لي بكم كما لا حاجة للإنسان إلى العضو المتعفن الذي يجب قطعه عقلا فالله تعالى كاف
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129لا إله إلا هو فلا مؤثر غيره ولا ناصر سواه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129عليه توكلت لا على غيره من جميع المخلوقات إذ لا أرى لأحد منهم فعلا ولا حول ولا قوة إلا بالله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129وهو رب العرش العظيم المحيط بكل شيء، وقد ألبسه سبحانه أنوار عظمته وقواه على حمل تجلياته ولولا ذلك لذاب بأقل من لمحة عين وإذا قرئ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129العظيم بالرفع فهو صفة للرب سبحانه، وعظمته جل جلاله مما لا نهاية لها وما قدروا الله حق قدره نسأله بجلاله وعظمته أن يوفقنا لإتمام تفسير كتابه حسبما يحب ويرضى فلا إله غيره ولا يرجى إلا خيره
هَذَا وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ لَمَّا هَدَاهُمْ سُبْحَانَهُ إِلَى الْإِيمَانِ الْعِلْمِيِّ وَهُمْ مَفْتُونُونَ بِمَحَبَّةِ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ اسْتَنْزَلَهُمْ لِغَايَةِ عِنَايَتِهِ سُبْحَانَهُ بِهِمْ عَنْ ذَلِكَ بِالْمُعَامَلَةِ الرَّابِحَةِ بِأَنْ أَعْطَاهُمْ بَدَلَ ذَلِكَ الْجَنَّةَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا جَنَّةُ النَّفْسِ لِيَكُونَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْمُثَمِّنِ الَّذِي هُوَ مَأْلُوفُهُمْ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ قَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ: نَفْسُكَ مَوْضِعُ كُلِّ شَهْوَةٍ وَبَلِيَّةٍ وَمَالُكَ مَحَلُّ كُلِّ إِثْمٍ وَمَعْصِيَةٍ فَاشْتَرَى مَوْلَاكَ ذَلِكَ مِنْكَ لِيُزِيلَ مَا يَضُرُّكَ وَيُعَوِّضُكَ عَلَيْهِ مَا يَنْفَعُكَ وَلِهَذَا اشْتَرَى سُبْحَانَهُ النَّفْسَ وَلَمْ يَشْتَرِ الْقَلْبَ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ النَّفْسَ مَحَلُّ الْعَيْبِ وَالْكِرِيمُ يَرْغَبُ فِي شِرَاءِ مَا يَزْهَدُ فِيهِ غَيْرُهُ فَشِرَاءُ اللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ مَعَ اطِّلَاعِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعَيْبِ بِالْجَنَّةِ الَّتِي لَا عَيْبَ فِيهَا نِهَايَةُ الْكَرَمِ وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ:
وَلِي كَبِدٌ مَقْرُوحَةٌ مَنْ يَبِيعُنِي بِهَا كَبِدًا لَيْسَتْ بِذَاتِ قُرُوحِ أَبَاهَا جَمِيعُ النَّاسِ لَا يَشْتَرُونَهَا
وَمَنْ يَشْتَرِي ذَا عِلَّةٍ بِصَحِيحِ
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدِ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ: إِنَّهُ سُبْحَانَهُ اشْتَرَى مِنْكَ مَا هُوَ صِفَتُكَ وَتَحْتَ تَصَرُّفِكَ وَالْقَلْبُ تَحْتَ صِفَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ لَمْ تَقَعِ الْمُبَايَعَةُ عَلَيْهِ وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914115قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ . وَذَكَرَ بَعْضُ أَرْبَابِ التَّأْوِيلِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا اشْتَرَى الْأَنْفُسَ مِنْهُمْ فَذَاقُوا بِالتَّجَرُّدِ عَنْهَا حَلَاوَةَ الْيَقِينِ وَلَذَّةَ التَّرْكِ وَرَجَعُوا عَنْ مَقَامِ لَذَّةِ النَّفْسِ وَتَابُوا عَنْ هَوَاهَا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ لِجَنَّةِ النَّفْسِ الَّتِي كَانَتْ ثَمَنًا قَدْرٌ وَصَفَهُمْ بِالتَّائِبِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التَّائِبُونَ أَيِ الرَّاجِعُونَ عَنْ طَلَبِ مَلَاذِّ النَّفْسِ وَتَوَقُّعِ الْأَجْرِ إِلَيْهِ تَعَالَى وَبِلَفْظٍ آخَرَ هُمْ قَوْمٌ رَجَعُوا مِنْ غَيْرِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَقَامُوا بِاللَّهِ تَعَالَى مَعَ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الْعَابِدُونَ أَيِ الْخَاضِعُونَ الْمُتَذَلِّلُونَ لِعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا وَإِجْلَالًا لَهُ جَلَّ شَأْنُهُ لَا رَغْبَةً فِي ثَوَابٍ وَلَا رَهْبَةً مِنْ عِقَابٍ وَهَذِهِ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْعِبَادَةِ وَيُسَمِّيهَا بَعْضُهُمْ عُبُودَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الْحَامِدُونَ بِإِظْهَارِ الْكَمَالَاتِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ حَمَدًا فِعْلِيًّا حَالِيًّا وَأَقْصَى مَرَاتِبِ الْحَمْدِ إِظْهَارُ الْعَجْزِ عَنْهُ . يُرْوَى أَنَّ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَحْمَدُكَ وَالْحَمْدُ مِنْ آلَائِكَ . فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ . الْآنَ حَمَدْتَنِي يَا
دَاوُدُ وَمَا أَعْلَى كَلِمَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665859اللَّهُمَّ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112السَّائِحُونَ إِلَيْهِ تَعَالَى بِالْهِجْرَةِ عَنْ مَقَامِ الْفِطْرَةِ وَرُؤْيَةِ الْكَمَالَاتِ الثَّابِتَةِ لَهُمْ فِي مَفَاوِزِ الصِّفَاتِ وَمَنَازِلِ السَّبَحَاتِ وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: السَّائِحُونَ هُمُ السَّيَّارُونَ بِقُلُوبِهِمْ فِي الْمَلَكُوتِ الطَّائِرُونَ بِأَجْنِحَةِ الْمَحَبَّةِ فِي هَوَاءِ الْجَبَرُوتِ وَقَدْ يُقَالُ: هُمُ الَّذِينَ صَامُوا عَنِ الْمَأْلُوفَاتِ حِينَ عَايَنُوا هِلَالَ جَمَالِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ النَّشْأَةِ وَلَا يُفْطِرُونَ حَتَّى يُعَايِنُوهُ مَرَّةً أُخْرَى فِي النَّشْأَةِ الْأُخْرَى وَقَدِ امْتَثَلُوا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658817صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الرَّاكِعُونَ فِي مَقَامِ مَحْوِ الصِّفَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112السَّاجِدُونَ بِفَنَاءِ الذَّاتِ وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: الرَّاكِعُونَ هُمُ الْعَاشِقُونَ الْمُنْحَنُونَ مِنْ ثِقَلِ أَوَقَارِ الْمَعْرِفَةِ عَلَى بَابِ الْعَظَمَةِ وَرُؤْيَةِ الْهَيْبَةِ وَالسَّاجِدُونَ هُمُ الطَّالِبُونَ
[ ص: 55 ] لِقُرْبِهِ سُبْحَانَهُ فَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ . وَقَدْ يُقَالُ: الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ هُمُ الْمُشَاهِدُونَ لِلْحَبِيبِ السَّامِعُونَ مِنْهُ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قِيلَ:
لَوْ يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلَامَهَا خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعًا وَسُجُودًا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ أَيِ الدَّاعُونَ الْخَلْقَ إِلَى الْحَقِّ وَالدَّافِعُونَ لَهُمْ عَمَّا سِوَاهُ فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ، وَالْكُلُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ عَزَّ شَأْنُهُ مُنْكَرٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ أَيِ الْمُرَاعُونَ أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ سُبْحَانَهُ فِي جَوَارِحِهِمْ وَأَسْرَارِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ أَوِ الَّذِينَ حَفِظُوا حُدُودَ اللَّهِ الْمَعْلُومَةَ فَأَقَامُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ وَقِيلَ: هُمُ الْقَائِمُونَ فِي مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ بَعْدَ كَشْفِ صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ لَهُمْ فَلَا يَتَجَاوَزُونَ ذَلِكَ وَإِنْ حَصَلَ لَهُمْ مَا حَصَلَ فَهُمْ فِي مَقَامِ التَّمْكِينِ وَالصَّحْوِ لَا يَقُولُونَ مَا يَقُولُهُ سُكَارَى الْمَحَبَّةِ وَلَا يَهِيمُونَ فِي أَوْدِيَةِ الشَّطَحَاتِ
وَفِي الْآيَةِ نَعْيٌ عَلَى أُنَاسٍ ادَّعَوُا الِانْتِظَامَ فِي سِلْكِ حِزْبِ اللَّهِ تَعَالَى وَزُمْرَةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُمْ قَدْ ضَيَّعُوا الْحُدُودَ وَخَرَقُوا سَفِينَةَ الشَّرِيعَةِ وَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَاتِ الْبَاطِلَةِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى اخْتِلَافِ فِرَقِهِمْ حَتَّى عِنْدَ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ أَوْجَبُوا حِفْظَ الْمَرَاتِبِ وَقَالُوا:
إِنْ تَضْيِيعَهَا زَنْدَقَةٌ وَقَدْ خَالَطْتُهُمْ فَرَأَيْتُ مِنْهُمْ خَبَائِثَ بِالْمُهَيْمِنِ نَسْتَجِيرُ
وَلَعَمْرِي إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ يُنْكِرُ عَلَى أَمْثَالِهِمْ فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ الْحَقِّيِّ الْمُقِيمِينَ فِي مَقَامِ الِاسْتِقَامَةِ وَاتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=113مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ أَيْ مَا صَحَّ مِنْهُمْ ذَلِكَ وَلَا اسْتَقَامَ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عِنْدَ الْقَدَرِ مِنْ شَأْنِ الْكَامِلِينَ
وَمِنْ هُنَا قِيلَ: لَا تُؤَثِّرُ هِمَّةُ الْعَارِفِ بَعْدَ كَمَالِ عِرْفَانِهِ أَيْ إِذَا تَيَقَّنَ وُقُوعَ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدَرِهِ تَعَالَى الْمُوَافِقِ لِلْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ وَأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يَتَّهِمِ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ سَكَنَ تَحْتَ كَهْفِ الْأَقْدَارِ وَسَلَّمَ لِمُدَّعِي الْإِرَادَةِ وَأَنْصَتَ لِمُنَادِي الْحِكْمَةِ وَتَرَكَ مُرَادَهُ لِمُرَادِ الْحَبِيبِ بَلْ لَا يُرِيدُ إِلَّا مَا يُرِيدُهُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَقَامُ الْعُبُودِيَّةِ الْمَحْضَةِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ وَدُونَ ذَلِكَ مَقَامُ الْإِدْلَالِ وَلَقَدْ كَانَ حَضْرَةُ مَوْلَانَا الْقُطْبُ الرَّبَّانِيُّ الشَّيْخُ
عَبْدُ الْقَادِرِ الْكِيلَانِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَلَهُ كَلِمَاتٌ تُشْعِرُ بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَتَوَفَّ قُدِّسَ سِرُّهُ حَتَّى انْتَقَلَ مِنْهُ إِلَى مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ الْمَحْضَةِ كَمَا نَقَلَ مَوْلَانَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ الشَّعَرَانِيُّ فِي الدُّرَرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ كَانَ مَقَامَ تِلْمِيذِهِ حَضْرَةِ مَوْلَانَا أَبِي السُّعُودِ الشَّلَبِيِّ قُدِّسَ سِرُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا أَيْ لِيَصِفَهُمْ بِالضَّلَالِ عَنْ طَرِيقِ التَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ وَالرِّضَا بِحُكْمِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ الْعِلْمِيِّ وَرُؤْيَةِ وُقُوعِ كُلِّ شَيْءٍ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ أَيْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمُ اتِّقَاؤُهُ فِي كُلِّ مَقَامٍ مِنْ مَقَامَاتِ سُلُوكِهِمْ وَكُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ وُصُولِهِمْ فَإِذَا بَيَّنَ لَهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ أَقْدَمُوا فِي بَعْضِ الْمَقَامَاتِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ وُجُوبُ اتِّقَائِهِ أَضَلَّهُمْ لِارْتِكَابِهِمْ مَا هُوَ ضَلَالٌ فِي دِينِهِمْ وَإِلَّا فَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَيَعْلَمُ دَقَائِقَ ذُنُوبِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهَا أَحَدٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=117لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ لَا يَخْفَى أَنَّ تَوْبَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلٍّ مِنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ بِحَسَبِ مَقَامِهِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا نُسِبَتْ إِلَى الْعَبْدِ كَانَتْ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ مِنَ الزَّلَّاتِ إِلَى الطَّاعَاتِ وَإِذَا نُسِبَتْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَانَتْ بِمَعْنَى رُجُوعِهِ إِلَى الْعِبَادِ بِنَعْتِ الْوِصَالِ وَفَتْحِ الْبَابِ وَرَفْعِ الْحِجَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ أَنْفُسُهُمْ وَذَلِكَ لِاسْتِشْعَارِ سَخَطِ الْمَحْبُوبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ أَيْ تَحَقَّقُوا ذَلِكَ فَانْقَطَعُوا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ
[ ص: 56 ] وَرَفَعُوا الْوَسَائِطَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ رَأَى سُبْحَانَهُ انْقِطَاعَهُمْ إِلَيْهِ وَتَضَرُّعَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ تَعَالَى مَعَ أَهْلِ مَحَبَّتِهِ إِذَا صَدَرَ مِنْهُمْ مَا يُنَافِي مَقَامَهُمْ بِأَدَبِهِمْ بِنَوْعٍ مِنَ الْحِجَابِ حَتَّى إِذَا ذَاقُوا طَعْمَ الْجِنَايَةِ وَاحْتَجَبُوا عَنِ الْمُشَاهَدَةِ وَعَرَاهُمْ مَا عَرَاهُمْ مِمَّا أَنْسَاهُمْ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ أَمْطَرَ عَلَيْهِمْ وَابِلَ سَحَابِ الْكَرَمِ وَأَشْرَقَ عَلَى آفَاقِ أَسْرَارِهِمْ أَنْوَارَ الْقِدَمِ فَيُؤْنِسُهُمْ بَعْدَ يَأْسِهِمْ وَيَمُنُّ عَلَيْهِمْ بَعْدَ قُنُوطِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَمَا أَحْلَى قَوْلَهُ:
هَجَرُوا وَالْهَوَى وِصَالٌ وَهَجْرٌ هَكَذَا سُنَّتُ الْغَرَامِ الْمِلَاحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ فِي جَمِيعِ الرَّذَائِلِ بِالِاجْتِنَابِ عَنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=119وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ نِيَّةً وَقَوْلًا وَفِعْلًا أَيِ اتَّصِفُوا بِمَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنَ الصِّدْقِ وَقِيلَ: خَالِطُوهُمْ لِتَكُونُوا مِثْلَهُمْ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يُقْتَدَى
وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الصَّادِقِينَ بِالَّذِينِ لَمْ يُخْلِفُوا الْمِيثَاقَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ وَقَدْ يُقَالُ: الْأَصْلُ الصِّدْقُ فِي عَهْدِ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ ثُمَّ فِي عَقْدِ الْعَزِيمَةِ وَوَعْدِ الْخَلِيقَةِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي إِسْمَاعِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَإِذَا رُوعِيَ الصِّدْقُ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا كَالْخَاطِرِ وَالْفِكْرِ وَالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ صَدَقَتِ الْمَنَامَاتُ وَالْوَارِدَاتُ وَالْأَحْوَالُ وَالْمَقَامَاتُ وَالْمَوَاهِبُ وَالْمُشَاهَدَاتُ فَهُوَ أَصْلُ شَجَرَةِ الْكَمَالِ وَبِذْرُ ثَمَرَةِ الْأَحْوَالِ وَمِلَاكُ كُلِّ خَيْرٍ وَسَعَادَةٍ وَضِدُّهُ الْكَذِبُ فَهُوَ أَسْوَأُ الرَّذَائِلِ وَأَقْبَحُهَا وَهُوَ مُنَافِي الْمُرُوءَةِ كَمَا قَالُوا: لَا مُرُوءَةَ لِكَذُوبٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْتَعِدٍّ مِنْ جَمَاعَةٍ سُلُوكُ طَرِيقِ
nindex.php?page=treesubj&link=18468_18467طَلَبِ الْعِلْمِ إِذْ لَا يُمْكِنُ لِجَمِيعِهِمْ أَمَّا ظَاهِرًا فَلِفَوَاتِ الْمَصَالِحِ وَأَمَّا بَاطِنًا فَلِعَدَمِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْجَمِيعِ
وَالْفِقْهُ مِنْ عُلُومِ الْقَلْبِ وَهِيَ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّزْكِيَةِ وَالتَّصْفِيَةِ وَتَرْكِ الْمَأْلُوفَاتِ وَاتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ فَالْمُرَادُ مِنَ النَّفَرِ السَّفَرُ الْمَعْنَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَعَلَامَةُ حُصُولِهِ عَدَمُ خَشْيَةِ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، أَلَا تَرَى كَيْفَ نَفَى اللَّهُ عَمَّنْ خَشِيَ غَيْرَهُ سُبْحَانَهُ الْفِقْهَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=13لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ وَعَلَى هَذَا فَحَقَّ لِمِثْلِي أَنْ يَنُوحَ عَلَى نَفْسِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ أَنَّ الْفِقْهَ عِلْمٌ رَاسِخٌ فِي الْقَلْبِ ضَارِبَةٌ عُرُوقُهُ فِي النَّفْسِ ظَاهِرٌ أَثَرُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ لَا يُمْكِنُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْتَكِبَ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ إِلَّا إِذَا غَلَبَ الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا قِيلَ عَلَى بَعْضِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: لَا تَقُولُوا الْعِلْمُ بِالسَّمَاءِ مَنْ يَنْزِلُ بِهِ وَلَا فِي تُخُومِ الْأَرْضِ مَنْ يَصْعَدُ بِهِ وَلَا مِنْ وَرَاءِ الْبَحْرِ مَنْ يَعْبُرُ وَيَأْتِي بِهِ وَالْعِلْمُ مَجْعُولٌ فِي قُلُوبِكُمْ تَأَدَّبُوا بَيْنَ يَدَيَّ بِآدَابِ الرُّوحَانِيِّينَ وَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ الصِّدِّيقِينَ أُظْهِرِ الْعِلْمَ مِنْ قُلُوبِكُمْ حَتَّى يَغْمُرَكُمْ وَيُغَطِّيَكُمْ وَجَاءَ:
مَنِ اتَّقَى اللَّهَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا تَفَجَّرَتْ يَنَابِعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ: وَإِذَا تَحَقَّقْتَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّ دَعْوَى قَوْمِ الْيَوْمِ الْفِقْهَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَعَ تَهَافُتِهِمْ عَلَى الْمَعَاصِي تَهَافُتَ الْفَرَاشِ عَلَى النَّارِ وَعَقْدَهُمُ الْحَلَقَاتِ عَلَيْهَا دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُصَادِمَةٌ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَهَيْهَاتَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ ذَلِكَ الْفِقْهُ مَا دَامُوا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَلَوْ ضَرَبُوا رُءُوسَهُمْ بِأَلْفِ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ وَعَطْفُ سُبْحَانِهِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِنْذَارَ بَعْدَ التَّفَقُّهِ وَالتَّحَلِّي بِالْفَضَائِلِ إِذْ هُوَ الَّذِي يُرْجَى نَفْعُهُ:
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمٌ
فَهُنَاكَ يَسْمَعُ مَا تَقُولُ وَيُقْتَدَى بِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
وَلِذَا قَالَ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ [ ص: 57 ] إِشَارَةٌ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ وَلَعَلَّهُ تَعْلِيمٌ لِكَيْفِيَّةِ النَّصْرِ الْمَطْلُوبِ وَبَيَانٌ لِطَرِيقِ تَحْصِيلِ الْفِقْهِ أَيْ قَاتِلُوا كُفَّارَ قُوَى نُفُوسِكُمْ بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا وَفِي الْخَبَرِ: أَعْدَى عَدُّوِكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً أَيْ قَهْرًا وَشِدَّةً حَتَّى تَبْلُغُوا دَرَجَةَ التَّقْوَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ بِالْوَلَايَةِ وَالنَّصْرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَيْ يُصِيبُهُمْ بِالْبَلَاءِ لِيَتُوبُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=126ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ وَفِي الْأَثَرِ: الْبَلَاءُ سَوْطٌ مِنْ سِيَاطِ اللَّهِ تَعَالَى يَسُوقُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَيْهِ . وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=32وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا وَبِالْجُمْلَةِ إِنَّ الْبَلَاءَ يَكْسِرُ سَوْرَةَ النَّفْسِ فَيَلِينُ الْقَلْبُ فَيَتَوَجَّهُ إِلَى مَوْلَاهُ إِلَّا أَنَّ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ ذَهَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَالَ إِذَا صُرِفَ عَنْهُ الْبَلَاءُ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=65فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَيْ مِنْ جِنْسِكُمْ لِتَقَعَ الْأُلْفَةُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ فَإِنَّ الْجِنْسَ إِلَى الْجِنْسِ يَمِيلُ وَحِينَئِذٍ يَسْهُلُ عَلَيْكُمُ الِاقْتِبَاسُ مِنْ أَنْوَارِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقُرِئَ كَمَا قَدَّمْنَا (مِنْ أَنْفَسِكُمْ) أَيْ أَشْرَفِكُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَيَكْفِيهِ شَرَفًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوَّلُ التَّعَيُّنَاتِ وَأَنَّهُ كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
وَعَلَى تَفَنُّنِ وَاصِفِيهِ بِوَصْفِهِ يَفْنَى الزَّمَانُ وَفِيهِ مَا لَمْ يُوصَفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ أَيْ يَشُقُّ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَشَقَّتُكُمْ فَيَتَأَلَّمُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يُؤْلِمُكُمْ كَمَا يَتَأَلَّمُ الشَّخْصُ إِذَا عَرَا بَعْضَ أَعْضَائِهِ مَكْرُوهٌ وَعَنْ
سَهْلٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَعْنَى شَدِيدٌ عَلَيْهِ غَفْلَتُكُمْ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَإِنَّ الْعَنَتَ مَا يَشُقُّ وَلَا شَيْءَ أَشَقَّ فِي الْحَقِيقَةِ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنِ الْمَحْبُوبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ أَيْ عَلَى صَلَاحِ شَأْنِكُمْ أَوْ عَلَى حُضُورِكُمْ وَعَدَمِ غَفْلَتِكُمْ عَنْ مَوْلَاكُمْ جَلَّ شَأْنُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ يَدْفَعُ عَنْهُمْ مَا يُؤْذِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128رَحِيمٌ يَجْلِبُ لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ، وَمِنْ آثَارِ الرَّأْفَةِ تَحْذِيرُهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَمِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ إِضَافَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ الْعُلُومَ وَالْمَعَارِفَ وَالْكَمَالَاتِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٌ الصَّادِقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى عَجْزَ خَلْقِهِ عَنْ طَاعَتِهِ فَعَرَّفَهُمْ ذَلِكَ لِكَيْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَنَالُونَ الصَّفْوَ مِنْ خَدَمَتِهِ فَأَقَامَ سُبْحَانَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَخْلُوقًا مِنْ جِنْسِهِمْ فِي الصُّورَةِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَأَلْبَسَهُ مِنْ نَعْتِهِ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ وَأَخْرَجَهُ إِلَى الْخَلْقِ سَفِيرًا صَادِقًا وَجَعَلَ طَاعَتَهُ وَمُوَافَقَتَهُ مُوَافَقَتَهُ فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=80مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ثُمَّ أَفْرَدَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً وَآوَاهُ إِلَيْهِ بِشُهُودِهِ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَنْفَاسِهِ وَسَلَّى قَلْبَهُ عَنْ إِعْرَاضِهِمْ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بِقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فَإِنْ تَوَلَّوْا وَأَعْرَضُوا عَنْ قَبُولِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِعْدَادِ وَزَوَالِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا حَاجَةَ لِي بِكُمْ كَمَا لَا حَاجَةَ لِلْإِنْسَانِ إِلَى الْعُضْوِ الْمُتَعَفِّنِ الَّذِي يَجِبُ قَطْعُهُ عَقْلًا فَاللَّهُ تَعَالَى كَافٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَلَا مُؤَثِّرَ غَيْرُهُ وَلَا نَاصِرَ سِوَاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ لَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ إِذْ لَا أَرَى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِعْلًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ أَلْبَسَهُ سُبْحَانَهُ أَنْوَارَ عَظَمَتِهِ وَقَوَّاهُ عَلَى حَمْلِ تَجَلِّيَاتِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَذَابَ بِأَقَلَّ مِنْ لَمْحَةِ عَيْنٍ وَإِذَا قُرِئَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129الْعَظِيمِ بِالرَّفْعِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَعَظْمَتِهِ جَلَّ جَلَالُهُ مِمَّا لَا نِهَايَةَ لَهَا وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ نَسْأَلُهُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِإِتْمَامِ تَفْسِيرِ كِتَابِهِ حَسْبَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا يُرْجَى إِلَّا خَيْرُهُ