طريد عشيرة ورهين ذنب بما جرمت يدي وجنى لساني
وقرئ (أجرامي) بفتح الهمزة على أنه كما قال النحاس: جمع جرم، واستشكل العز بن عبد السلام الشرطية بأن الافتراء المفروض هنا ماض والشرط يخلص للاستقال بإجماع أئمة العربية، وأجاب أن المراد -كما قال ابن السراج- إن ثبت أني افتريته فعلي إجرامي على ما قيل في قوله تعالى: إن كنت قلته فقد علمته وأنا بريء مما تجرمون أي من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي، قيل: والأصل إن افتريته فعلي عقوبة افترائي ولكنه فرض محال وأنا بريء من افترائكم أي نسبتكم إياي إلى الافتراء، وعدل عنه إدماجا لكونهم مجرمين، وأن المسألة معكوسة، وحملت (ما) على المصدرية لما في الموصولية من تكلف حذف العائد مع أن ذلك هو المناسب لقوله إجرامي فيما قبل، وما يقتضيه كلام من أن الآية من تتمة قصة ابن عباس نوح عليه السلام وفي شأنه هو الظاهر، وعليه الجمهور، وعن أنها في شأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مع مشركي مقاتل مكة أي بل أيقول مشركو مكة افترى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خبر نوح قيل: وكأنه إنما جيء به في تضاعيف القصة عند سوق طرف منها تحقيقا لحقيقتها وتأكيدا لوقوعها وتشويقا للسامعين إلى استماعها لا سيما وقد قص منها طائفة متعلقة بما جرى بينه عليه السلام وبين قومه من المحاجة، وبقيت طائفة مستقلة متعلقة بعذابهم، ولا يخفى أن القول بذلك بعيد وإن وجه بما وجه، وقال في الكشف: إن كونها في شأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أظهر وأنسب من كونها من تتمة قصة نوح عليه السلام لأن أم يقولون افتراه كالتكرير لقوله سبحانه: أم يقولون افتراه دلالة على كمال العناد وأن مثله بعد الإتيان بالقصة على هذا الأسلوب المعجز مما لا ينبغي أن ينسب إلى افتراء فجاء زيادة إنكار على إنكار كأنه قيل: بل أمع هذا البيان أيضا يقولون ( افتراه ) وهو نظير اعتراض قوله سبحانه في سورة العنكبوت: وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم بين قصة إبراهيم عليه السلام في أحد الوجهين، انتهى، ولا أراه معولا عليه.