قال ومن يقنط استفهام إنكاري أي لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالون أي الكفرة المخطئون طريق معرفة الله تعالى فلا يعرفون سعة رحمته وكمال علمه وقدرته سبحانه وتعالى، وهذا كقول ولده يعقوب : إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ومراده عليه السلام نفي القنوط عن نفسه بأبلغ وجه أي ليس بي قنوط من رحمته تعالى وإنما الذي أقول لبيان منافاة حالي لفيضان تلك النعمة الجليلة علي، وفي التعرض لعنوان الربوبية والرحمة ما لا يخفى من الجزالة.
وقرأ ابن وثاب وطلحة والأعمش في رواية «القنطين» والنحويان وأبو عمرو «يقنط» بكسر النون، وباقي السبعة بفتحها، والأعمش رضي الله تعالى عنهما وزيد بن علي والأشهب بضمها، وهو شاذ وماضيه مثله في التثليث. واستدل بالآية على تفسير «الضالين» بما سمعت لما سمعت من الآية على أن القنوط وهو- كما قال :- اليأس من الخير كفر، والمسألة خلافية، والشافعية على أن ذاك وكذا الأمن من المكر من الكبائر للحديث الموقوف على الراغب أو المرفوع « ابن مسعود » من الكبائر الإشراك بالله تعالى واليأس من روح الله تعالى والأمن من مكر الله تعالى
وقال الكمال بن أبي شريف: العطف على الإشراك بمعنى مطلق الكفر يقتضي المغايرة فإن أريد باليأس إنكار سعة الرحمة الذنوب وبالأمن اعتقاد أنه لا مكر فكل منهما كفر اتفاقا لأنه رد للقرآن العظيم، وإن أريد استعظام الذنوب واستبعاد العفو عنها استبعادا يدخل في حد اليأس وغلبة الرجاء المدخل له في حد الأمن فهو كبيرة اتفاقا اه. وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر.