سورة (النحل)
وتسمى كما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم سورة النعم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12844ابن الفرس: لما عدد الله تعالى فيها من النعم على عباده، وأطلق جمع القول بأنها مكية وأخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم وأخرج النحاس من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن الحبر أنها نزلت
بمكة سوى ثلاث آيات من آخرها فإنهن نزلن بين
مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من أحد، وفي رواية عنه أنها كلها مكية إلا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=95ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إلى قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=96بأحسن ما كانوا يعملون وروى
أمية الأزدي [ ص: 90 ] عن
جابر بن زيد أن أربعين آية منها نزلت
بمكة وبقيتها نزلت
بالمدينة ، وهي مائة وثمان وعشرون آية، قال
الطبرسي وغيره: بلا خلاف، والذي ذكره الداني في كتاب العدد أنها تسعون وثلاث وقيل أربع وقيل خمس في سائر المصاحف، وتحتوي من المنسوخ قيل على أربع آيات بإجماع وعلى آية واحدة على مختلف فيها، وسيظهر لك حقيقة الأمر في ذلك إن شاء الله تعالى، ولما ذكر في آخر السورة السابقة المستهزؤون المكذبون له صلى الله تعالى عليه وسلم ابتدئ هنا بعد قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم بقوله عز وجل
nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_30292_33143_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فلا تستعجلوه المناسب لذلك على ما ذكر غير واحد في معناه وسبب نزوله.
وفي البحر في بيان وجه الارتباط أنه تعالى لما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فوربك لنسألنهم أجمعين كان ذلك تنبيها على حشرهم يوم القيامة وسؤالهم عما فعلوه في الدنيا فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فإن المراد به على قول الجمهور يوم القيامة، وذكر
الجلال السيوطي أن آخر الحجر شديدة الالتئام بأول هذه فإن قوله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين الذي هو مفسر بالموت ظاهر المناسبة بقوله سبحانه هنا:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله وانظر كيف جاء في المتقدمة
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99يأتيك بلفظ المضارع وفي المتأخرة أتى بلفظ الماضي لأن المستقبل سابق على الماضي كما تقرر في محله، والأمر واحد الأمور وتفسيره بيوم القيامة كما قال في البحر، وفسر بما يعمه وغيره من نزول العذاب الموعود للكفرة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج تفسيره بنزول العذاب فقط فقال: المراد بالأمر هنا ما وعد الله تعالى نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم من النصر والظفر على الأعداء والانتقام منهم بالقتل والسبي ونهب الأموال والاستيلاء على المنازل والديار، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أن المراد به الأحكام والحدود والفرائض، وكأنه حمله على ما هو أحد الأوامر وفيما ذكره بعد إذ لم ينقل عن أحد أنه استعجل فرائض الله تعالى وحدوده سبحانه، والتعبير عن ذلك بأمر الله للتهويل والتفخيم، وفيه إيذان بأن تحققه في نفسه وإتيانه منوط بحكمه تعالى النافذ وقضائه الغالب، وإتيانه عبارة عن دنوه واقترابه على طريقة نظم المتوقع في سلك الواقع، وجوز أن يكون المراد إتيان مباديه فالماضي باق على حقيقته، ولعل ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه فسر الأمر بخروج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مؤيد لما ذكر وبعضهم أبقى الفعل على معناه الحقيقي وزعم أن المعنى أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا وهو كما ترى، وظاهر صنيع الكثير يشعر باختيار أن الماضي بمعنى المضارع على طريق الاستعارة بتشبيه المستقبل المتحقق بالماضي في تحقق الوقوع والقرينة عليه قوله سبحانه فإنه لو وقع ما استعجل. وهو الذي يميل إليه القلب، والضمير المنصوب في
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1تستعجلوه على ما هو الظاهر عائد على الأمر لأنه هو المحدث عنه، وقيل: يعود على الله سبحانه أي فلا تستعجلوا الله تعالى بالعذاب أو بإتيان يوم القيامة كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47ويستعجلونك بالعذاب وهو خلاف الظاهر، لكن قيل: إن ذلك أوفق بما بعد، والخطاب للكفرة خاصة ويدل عليه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير «فلا يستعجلوه» على صيغة نهي الغائب، واستعجالهم وإن كان بطريق الاستهزاء لكنه حمل على الحقيقة ونهوا بضرب من التهكم لا مع المؤمنين سواء أريد بأمر الله تعالى ما قدمنا أو العذاب الموعود للكفرة خاصة، أما الأول فلأنه
[ ص: 91 ] لا يتصور من المؤمنين استعجال الساعة أو ما يعمها من العذاب حتى يعمهم النهي عنه، وأما الثاني فلأن الاستعجال من المؤمنين حقيقة ومن الكفرة استهزاء فلا ينظمهما صيغة واحدة، والالتجاء إلى إرادة معنى مجازي يعمهما معا من غير أن يكون هناك نكتة سرية تعسف لا يليق بشأن التنزيل.
وادعى بعضهم عموم الخطاب واستدل بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لما نزل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقتربت الساعة قال الكفار فيما بينهم: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى تنظروا ما هو كائن، فلما تأخرت قالوا: ما نرى شيئا فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقترب للناس حسابهم فأشفقوا وانتظروا قربها فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد ما نرى شيئا مما تخوفنا به فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله فوثب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فرفع الناس رؤوسهم فلما نزل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فلا تستعجلوه اطمأنوا ثم قال صلى الله تعالى عليه وسلم: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=698866بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بإصبعيه إن كادت لتسبقني »
ولا دلالة فيه على ذلك لأن مناط اطمئنانهم إنما هو وقوفهم على أن المراد بالإتيان هو الإتيان الادعائي لا الحقيقي الموجب لاستحالة الاستعجال المستلزمة لامتناع النهي عنه لما أن النهي عن الشيء يقتضي إمكانه في الجملة، ومدار ذلك الوقوف إنما هو النهي عن الاستعجال المستلزم لإمكانه المقتضي عدم وقوع المستحيل بعد، ولا يختلف ذلك باختلاف المستعجل كائنا من كان بل فيه دلالة واضحة على عدم العموم لأن المراد بأمر الله إنما هو الساعة وصدور استعجالها عن المؤمنين مستحيل. نعم يجوز تخصيص الخطاب بهم على تقدير كون أمر الله تعالى العذاب الموعود للكفرة خاصة، لكن الذي يقضي به الإعجاز التنزيلي أنه خاص بالكفرة كذا قاله
أبو السعود.
وبحث فيه من وجوه، أما أولا فلأن الذي لا يتصور من المؤمنين الاستعجال بمعنى طلب الوقوع عاجلا لا عده عاجلا وسياق ما روي يدل على الأخير، فإنه لما سمعوا صدر الكلام حملوه على الظاهر فاضطربوا فقيل لهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فلا تستعجلوه أي لا تعدوه عاجلا، على أن عدم تصور المعنى الأول أيضا منهم في حيز المنع لجواز أن يستعجلوه لتشفي صدورهم وإذهاب غيظ قلوبهم والاستهزاء بهم والضحك منهم، وأما ثانيا فلأن الجمع بين الحقيقة والمجاز لعله مذهب ذلك القائل، وأما ثالثا فلأن القول بكون القراءة على صيغة نهي الغائب دالة على أن الخطاب مخصوص بالكفرة ممنوع والسند ظاهر، وأما رابعا فلأن نفي دلالة ما روي على عموم الخطاب غير موجه لعموم لفظ الناس، وأما خامسا فلأن قوله: بل فيه دلالة واضحة على عدم العموم لأن المراد بأمر الله تعالى إنما هو الساعة إلى آخره، يرد عليه أنه لا دلالة فيه أصلا على عدم العموم فضلا أن تكون واضحة، وقد عرفت ما في قوله: وقد عرفت، وأما سادسا فلأن حصره المراد بالأمر في الساعة مخالف لما ذكره في تفسير قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله حيث قال: أي الساعة أو ما يعمها وغيرها من العذاب فبعد هذا التصريح كيف يدعي ذلك الحصر؟، وفي بعض الأبحاث نظر. وقال بعض الفضلاء: قد يقال: إن المراد بالناس في الخبر المؤمنون لما في خبر آخر أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11الحبر قال: «لما نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله ذعر أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حتى نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فلا تستعجلوه فسكنوا». وهذا أيضا على ما قيل لا يقتضي كون الخطاب للمؤمنين لجواز أن يقال: إنهم لما سمعوا أول الآية ذعروا واضطربوا لظن أنه وقع فلما سمعوا خطاب الكفرة
[ ص: 92 ] بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فلا تستعجلوه اطمأنت قلوبهم وسكنوا، وقد يورد على دعوى أن صدور استعجال الساعة من المؤمنين مستحيل أن ذلك حق لو كان استعجالهم على طرز استعجال الكفرة لها وليس ذلك بمسلم فإنه يجوز أن يراد باستعجالهم اضطرابهم وتهيؤهم لها المنزل منزلة الاستعجال الحقيقي، واستدل على كون الخطاب للكفرة بقوله سبحانه وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1سبحانه وتعالى عما يشركون فإنه على ذلك التقدير يظهر ارتباطه بما قبله وذلك بأن يقال حينئذ:
لما كان استعجالهم ذلك من نتائج إشراكهم المستتبع لنسبة الله تعالى إلى ما لا يليق به سبحانه من العجز والاحتياج إلى الغير واعتقادهم أن أحدا يحجزه عن إمضاء وعيده أو إنجاز وعده قيل بطريق الاستئناف ذلك على معنى تنزه وتقدس بذاته وجل عن إشراكهم المؤدي إلى صدور أمثال هذه الأباطيل عنهم أو عن أن يكون له شريك فيدفع ما أراد بهم بوجه من الوجوه وقد كانوا يقولون على ما في بعض الروايات: إن صح مجيء ذلك فالأصنام تخلصنا عنه بشفاعتها لنا، والتعبير بالمضارع للدلالة على تجدد إشراكهم واستمراره والالتفات إلى الغيبة للإيذان باقتضاء ذكر قبائحهم للإعراض عنهم وطرحهم عن رتبة الخطاب وحكاية شنائعهم للغير وهذا لا يتأتى على تقدير تخصيص الخطاب بالمؤمنين، وقيل في وجه الارتباط على ذلك التقدير: إنه تعالى لما نهاهم عن الاستعجال ذكر ما يتضمن أن إنذاره سبحانه وإخباره تعالى للتخويف والإرشاد وأن قوله جل وعلا:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله إنما هو لذلك فيستعد كل أحد لمعاده ويشتغل قبل السفر بتهيئة زاده فلذلك عقب بذلك دون عطف، وقد أشار بعضهم إلى ارتباط ذلك باعتبار ما بعده فيكون ما ذكر مقدمة واستفتاحا له، وأيضا فإن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله تنبيه وإيقاظ لما يرد بعده من أدلة التوحيد اه، وأنت تعلم أن الارتباط على ما قرر أولا أظهر منه على هذا التقرير فافهم، ثم إن ما تحتمل الموصولية والمصدرية والاحتمال الثاني أظهر، ولا بد على الاحتمال الأول من اعتبار ما أشرنا إليه وإلا فلا يظهر التنزيه عن الشريك. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي «تشركون» بتاء الخطاب على وفق
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فلا تستعجلوه وقرأ باقي السبعة
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن بياء الغيبة، وقد تقدم أن في الكلام حينئذ التفاتا وهو مبني على أن الخطاب السابق للكفرة أما إذا كان للمؤمنين أو لهم وللكفرة فلا يتحد معنى الضميرين حتى يكون التفات ولا التفات أيضا على قراءة «تشركون» بالتاء سواء كان الخطاب الأول للكفرة أو لهم وللمؤمنين. نعم في ذلك على تقدير عموم الخطاب تغليبان على ما قيل الأول تغليب المؤمنين على غيرهم في الخطاب والثاني تغليب غيرهم عليهم في نسبة الشرك، وعلى قراءة «يستعجلوه» (ويشركون) بالتحتية فيهما لا التفات ولا تغليب
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2ينزل الملائكة قيل هو إشارة إلى طريق علم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بإتيان ما أوعد به وباقترابه إزاحة لاستبعاد اختصاصه عليه الصلاة والسلام بذلك، وقال في الكشف:
التحقيق أن قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أتى أمر الله تنبيه وإيقاظ ليكون ما يرد بعده ممكنا في نفس حاضرة ملقية إليه وهو تمهيد لما يرد من دلائل التوحيد،
سُورَةُ (النَّحْلِ)
وَتُسَمَّى كَمَا أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سُورَةَ النِّعَمِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12844ابْنُ الْفَرْسِ: لِمَا عَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مِنَ النِّعَمِ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَطْلَقَ جَمْعٌ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16414وَابْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَأَخْرَجَ النَّحَّاسُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ عَنِ الْحَبْرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا فَإِنَّهُنَّ نَزَلْنَ بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي مُنْصَرَفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُحُدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهَا كُلُّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=95وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=96بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَرَوَى
أُمَيَّةُ الْأَزْدِيُّ [ ص: 90 ] عَنْ
جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ وَبَقِيَّتَهَا نَزَلَتْ
بِالْمَدِينَةِ ، وَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانٌ وَعِشْرُونَ آيَةً، قَالَ
الطَّبَرْسِيُّ وَغَيْرُهُ: بِلَا خِلَافٍ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الدَّانِي فِي كِتَابِ الْعَدَدِ أَنَّهَا تِسْعُونَ وَثَلَاثٌ وَقِيلَ أَرْبَعٌ وَقِيلَ خَمْسٌ فِي سَائِرِ الْمَصَاحِفِ، وَتَحْتَوِي مِنَ الْمَنْسُوخِ قِيلَ عَلَى أَرْبَعِ آيَاتٍ بِإِجْمَاعٍ وَعَلَى آيَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهَا، وَسَيَظْهَرُ لَكَ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمَّا ذُكِرَ فِي آخِرِ السُّورَةِ السَّابِقَةِ الْمُسْتَهْزِؤُونَ الْمُكَذِّبُونَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتُدِئَ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28678_28723_30292_33143_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ الْمُنَاسِبِ لِذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي مَعْنَاهُ وَسَبَبِ نُزُولِهِ.
وَفِي الْبَحْرِ فِي بَيَانِ وَجْهِ الِارْتِبَاطِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ كَانَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى حَشْرِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسُؤَالِهِمْ عَمَّا فَعَلُوهُ فِي الدُّنْيَا فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ أَنَّ آخِرَ الْحِجْرِ شَدِيدَةُ الِالْتِئَامِ بِأَوَّلِ هَذِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ الَّذِي هُوَ مُفَسَّرٌ بِالْمَوْتِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ هُنَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ وَانْظُرْ كَيْفَ جَاءَ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99يَأْتِيَكَ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَفِي الْمُتَأَخِّرَةِ أَتَى بِلَفْظِ الْمَاضِي لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ سَابِقٌ عَلَى الْمَاضِي كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَالْأَمْرُ وَاحِدُ الْأُمُورِ وَتَفْسِيرُهُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَفُسِّرَ بِمَا يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ الْمَوْعُودِ لِلْكَفَرَةِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ تَفْسِيرُهُ بِنُزُولِ الْعَذَابِ فَقَطْ فَقَالَ: الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ هُنَا مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَنَهْبِ الْأَمْوَالِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَنَازِلِ وَالدِّيَارِ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَحْكَامُ وَالْحُدُودُ وَالْفَرَائِضُ، وَكَأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا هُوَ أَحَدُ الْأَوَامِرِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ اسْتَعْجَلَ فَرَائِضَ اللَّهِ تَعَالَى وَحُدُودَهُ سُبْحَانَهُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ لِلتَّهْوِيلِ وَالتَّفْخِيمِ، وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ تَحَقُّقَهُ فِي نَفْسِهِ وَإِتْيَانَهُ مَنُوطٌ بِحُكْمِهِ تَعَالَى النَّافِذِ وَقَضَائِهِ الْغَالِبِ، وَإِتْيَانُهُ عِبَارَةٌ عَنْ دُنُوِّهِ وَاقْتِرَابِهِ عَلَى طَرِيقَةِ نَظْمِ الْمُتَوَقَّعِ فِي سَلْكِ الْوَاقِعِ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِتْيَانَ مَبَادِيهِ فَالْمَاضِي بَاقٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَعَلَّ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ فَسَّرَ الْأَمْرَ بِخُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذُكِرَ وَبَعْضُهُمْ أَبْقَى الْفِعْلَ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَزَعَمَ أَنَّ الْمَعْنَى أَتَى أَمْرُ اللَّهِ وَعْدًا فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ وُقُوعًا وَهُوَ كَمَا تَرَى، وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْكَثِيرِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِ أَنَّ الْمَاضِيَ بِمَعْنَى الْمُضَارِعِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ بِتَشْبِيهِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُتَحَقَّقِ بِالْمَاضِي فِي تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ لَوْ وَقَعَ مَا اسْتُعْجِلَ. وَهُوَ الَّذِي يَمِيلُ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1تَسْتَعْجِلُوهُ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَمْرِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ، وَقِيلَ: يَعُودُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَيْ فَلَا تَسْتَعْجِلُوا اللَّهَ تَعَالَى بِالْعَذَابِ أَوْ بِإِتْيَانِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، لَكِنْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ أَوْفَقُ بِمَا بَعْدُ، وَالْخِطَابُ لِلْكَفَرَةِ خَاصَّةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنِ جُبَيْرٍ «فَلَا يَسْتَعْجِلُوهُ» عَلَى صِيغَةِ نَهْيِ الْغَائِبِ، وَاسْتِعْجَالُهُمْ وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ لَكِنَّهُ حُمِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَنُهُوا بِضَرْبٍ مِنَ التَّهَكُّمِ لَا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ سَوَاءٌ أُرِيدَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَا قَدَّمْنَا أَوِ الْعَذَابُ الْمَوْعُودُ لِلْكَفَرَةِ خَاصَّةً، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ
[ ص: 91 ] لَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اسْتِعْجَالُ السَّاعَةِ أَوْ مَا يَعُمُّهَا مِنَ الْعَذَابِ حَتَّى يَعُمَّهُمُ النَّهْيُ عَنْهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الِاسْتِعْجَالَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَقِيقَةٌ وَمِنِ الْكَفَرَةِ اسْتِهْزَاءٌ فَلَا يُنَظِّمُهُمَا صِيغَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالِالْتِجَاءُ إِلَى إِرَادَةِ مَعْنًى مَجَازِيٍّ يَعُمُّهُمَا مَعًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نُكْتَةٌ سِرِّيَّةٌ تَعَسُّفٌ لَا يَلِيقُ بِشَأْنِ التَّنْزِيلِ.
وَادَّعَى بَعْضُهُمْ عُمُومَ الْخِطَابِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=1اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ قَالَ الْكُفَّارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَرُبَتْ فَأَمْسِكُوا عَنْ بَعْضِ مَا تَعْمَلُونَ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا تَأَخَّرَتْ قَالُوا: مَا نَرَى شَيْئًا فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=1اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ فَأَشْفَقُوا وَانْتَظَرُوا قُرْبَهَا فَلَمَّا امْتَدَّتِ الْأَيَّامُ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَرَى شَيْئًا مِمَّا تُخَوِّفُنَا بِهِ فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَوَثَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ النَّاسُ رُؤُوسَهُمْ فَلَمَّا نَزَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اطْمَأَنُّوا ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=698866بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي »
وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ مَنَاطَ اطْمِئْنَانِهِمْ إِنَّمَا هُوَ وُقُوفُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْيَانِ هُوَ الْإِتْيَانُ الِادِّعَائِيُّ لَا الْحَقِيقِيُّ الْمُوجِبُ لِاسْتِحَالَةِ الِاسْتِعْجَالِ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِامْتِنَاعِ النَّهْيِ عَنْهُ لِمَا أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي إِمْكَانَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَدَارُ ذَلِكَ الْوُقُوفِ إِنَّمَا هُوَ النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِعْجَالِ الْمُسْتَلْزِمِ لِإِمْكَانِهِ الْمُقْتَضِي عَدَمَ وُقُوعِ الْمُسْتَحِيلِ بَعْدُ، وَلَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْجِلِ كَائِنًا مَنْ كَانَ بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ الْعُمُومِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ السَّاعَةُ وَصُدُورُ اسْتِعْجَالهَا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحِيلٌ. نَعَمْ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْخِطَابِ بِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَذَابَ الْمَوْعُودَ لِلْكَفَرَةِ خَاصَّةً، لَكِنَّ الَّذِي يَقْضِي بِهِ الْإِعْجَازُ التَّنْزِيلِيُّ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْكَفَرَةِ كَذَا قَالَهُ
أَبُو السُّعُودِ.
وَبُحِثَ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الِاسْتِعْجَالُ بِمَعْنَى طَلَبِ الْوُقُوعِ عَاجِلًا لَا عَدُّهُ عَاجِلًا وَسِيَاقُ مَا رُوِيَ يَدُلُّ عَلَى الْأَخِيرِ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَمِعُوا صَدْرَ الْكَلَامِ حَمَلُوهُ عَلَى الظَّاهِرِ فَاضْطَرَبُوا فَقِيلَ لَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ أَيْ لَا تَعُدُّوهُ عَاجِلًا، عَلَى أَنَّ عَدَمَ تَصَوُّرِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْضًا مِنْهُمْ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ لِجَوَازِ أَنْ يَسْتَعْجِلُوهُ لِتَشَفِّي صُدُورِهِمْ وَإِذْهَابِ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِهِمْ وَالضَّحِكِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لَعَلَّهُ مَذْهَبُ ذَلِكَ الْقَائِلِ، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ عَلَى صِيغَةِ نَهْيِ الْغَائِبِ دَالَّةً عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ مَخْصُوصٌ بِالْكَفَرَةِ مَمْنُوعٌ وَالسَّنَدُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ نَفْيَ دَلَالَةِ مَا رُوِيَ عَلَى عُمُومِ الْخِطَابِ غَيْرُ مُوَجَّهٍ لِعُمُومِ لَفْظِ النَّاسِ، وَأَمَّا خَامِسًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ: بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ الْعُمُومِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا هُوَ السَّاعَةُ إِلَى آخِرِهِ، يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ أَصْلًا عَلَى عَدَمِ الْعُمُومِ فَضْلًا أَنْ تَكُونَ وَاضِحَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِي قَوْلِهِ: وَقَدْ عَرَفْتَ، وَأَمَا سَادِسًا فَلِأَنَّ حَصْرَهُ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ فِي السَّاعَةِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ حَيْثُ قَالَ: أَيِ السَّاعَةُ أَوْ مَا يَعُمُّهَا وَغَيْرُهَا مِنَ الْعَذَابِ فَبَعْدَ هَذَا التَّصْرِيحِ كَيْفَ يَدَّعِي ذَلِكَ الْحَصْرَ؟، وَفِي بَعْضِ الْأَبْحَاثِ نَظَرٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ فِي الْخَبَرِ الْمُؤْمِنُونَ لِمَا فِي خَبَرٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11الْحَبْرِ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ ذُعِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ فَسَكَنُوا». وَهَذَا أَيْضًا عَلَى مَا قِيلَ لَا يَقْتَضِي كَوْنَ الْخِطَابِ لِلْمُؤْمِنِينَ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ لَمَّا سَمَعُوا أَوَّلَ الْآيَةِ ذُعِرُوا وَاضْطَرَبُوا لِظَنِّ أَنَّهُ وَقَعَ فَلَمَّا سَمِعُوا خِطَابَ الْكَفَرَةِ
[ ص: 92 ] بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ اطْمَأَنَّتْ قُلُوبُهُمْ وَسَكَنُوا، وَقَدْ يُورَدُ عَلَى دَعْوَى أَنَّ صُدُورَ اسْتِعْجَالِ السَّاعَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَحِيلٌ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَوْ كَانَ اسْتِعْجَالُهُمْ عَلَى طُرُزِ اسْتِعْجَالِ الْكَفَرَةِ لَهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُسَلَّمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِاسْتِعْجَالِهِمُ اضْطِرَابُهُمْ وَتَهَيُّؤُهُمْ لَهَا الْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِعْجَالِ الْحَقِيقِيِّ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى كَوْنِ الْخِطَابِ لِلْكَفَرَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ فَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ يَظْهَرُ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ:
لَمَّا كَانَ اسْتِعْجَالُهُمْ ذَلِكَ مِنْ نَتَائِجِ إِشْرَاكِهِمُ الْمُسْتَتْبَعِ لِنِسْبَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْعَجْزِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَى الْغَيْرِ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ أَحَدًا يَحْجِزُهُ عَنْ إِمْضَاءِ وَعِيدِهِ أَوْ إِنْجَازِ وَعْدِهِ قِيلَ بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى تَنَزُّهٍ وَتَقَدُّسٍ بِذَاتِهِ وَجَلَّ عَنْ إِشْرَاكِهِمُ الْمُؤَدِّي إِلَى صُدُورِ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَبَاطِيلِ عَنْهُمْ أَوْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فَيَدْفَعُ مَا أَرَادَ بِهِمْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ عَلَى مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: إِنْ صَحَّ مَجِيءُ ذَلِكَ فَالْأَصْنَامُ تُخَلِّصُنَا عَنْهُ بِشَفَاعَتِهَا لَنَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِ إِشْرَاكِهِمْ وَاسْتِمْرَارِهِ وَالِالْتِفَاتُ إِلَى الْغَيْبَةِ لِلْإِيذَانِ بِاقْتِضَاءِ ذِكْرِ قَبَائِحِهِمْ لِلْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ وَطَرْحِهِمْ عَنْ رُتْبَةِ الْخِطَابِ وَحِكَايَةِ شَنَائِعِهِمْ لِلْغَيْرِ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى تَقْدِيرِ تَخْصِيصِ الْخِطَابِ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ فِي وَجْهِ الِارْتِبَاطِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرُ: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَهَاهُمْ عَنِ الِاسْتِعْجَالِ ذَكَرَ مَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ إِنْذَارَهُ سُبْحَانَهُ وَإِخْبَارَهُ تَعَالَى لِلتَّخْوِيفِ وَالْإِرْشَادِ وَأَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ لِذَلِكَ فَيَسْتَعِدُّ كُلُّ أَحَدٍ لِمَعَادِهِ وَيَشْتَغِلُ قَبْلَ السَّفَرِ بِتَهْيِئَةِ زَادِهِ فَلِذَلِكَ عَقَّبَ بِذَلِكَ دُونَ عَطْفٍ، وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى ارْتِبَاطِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ مَا ذُكِرَ مُقَدِّمَةً وَاسْتِفْتَاحًا لَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ وَإِيقَاظٌ لِمَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنْ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ اه، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الِارْتِبَاطَ عَلَى مَا قُرِّرَ أَوَّلًا أَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فَافْهَمْ، ثُمَّ إِنَّ مَا تَحْتَمِلُ الْمَوْصُولِيَّةَ وَالْمَصْدَرِيَّةَ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَظْهَرُ، وَلَا بُدَّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مِنِ اعْتِبَارِ مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ التَّنْزِيهُ عَنِ الشَّرِيكِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ «تُشْرِكُونَ» بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى وَفْقِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ nindex.php?page=showalam&ids=11962وَأَبُو جَعْفَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حِينَئِذٍ الْتِفَاتًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخِطَابَ السَّابِقَ لِلْكَفَرَةِ أَمَّا إِذَا كَانَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ لَهُمْ وَلِلْكَفَرَةِ فَلَا يَتَّحِدُ مَعْنَى الضَّمِيرَيْنِ حَتَّى يَكُونَ الْتِفَاتٌ وَلَا الْتِفَاتَ أَيْضًا عَلَى قِرَاءَةِ «تُشْرِكُونَ» بِالتَّاءِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِطَابُ الْأَوَّلُ لِلْكَفَرَةِ أَوْ لَهُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ. نَعَمْ فِي ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ عُمُومِ الْخِطَابِ تَغْلِيبَانِ عَلَى مَا قِيلَ الْأَوَّلُ تَغْلِيبُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْخِطَابِ وَالثَّانِي تَغْلِيبُ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ فِي نِسْبَةِ الشِّرْكِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ «يَسْتَعْجِلُوهُ» (وَيُشْرِكُونَ) بِالتَّحْتِيَّةِ فِيهِمَا لَا الْتِفَاتَ وَلَا تَغْلِيبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=2يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ قِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى طَرِيقِ عِلْمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِتْيَانِ مَا أُوعِدُ بِهِ وَبِاقْتِرَابِهِ إِزَاحَةً لِاسْتِبْعَادِ اخْتِصَاصِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْكَشْفِ:
التَّحْقِيقُ أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=1أَتَى أَمْرُ اللَّهِ تَنْبِيهٌ وَإِيقَاظٌ لِيَكُونَ مَا يَرِدُ بَعْدَهُ مُمْكِنًا فِي نَفْسٍ حَاضِرَةٍ مُلْقِيَةٍ إِلَيْهِ وَهُوَ تَمْهِيدٌ لِمَا يَرِدُ مِنْ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ،