إن الذين لا يؤمنون بآيات الله أي يصدقون بأنها من عنده تعالى بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء وأخرى أساطير معلمة من البشر، وقيل: المراد بالآيات المعجزات الدالة على صدق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويدخل فيها الآيات القرآنية دخولا أوليا والأول على ما قيل أوفق بالمقام. لا يهديهم الله قيل: أي إلى الجنة بل يسوقهم إلى النار كما يشير إليه قوله تعالى: ولهم عذاب أليم .
وقال بعض المحققين: المعنى لا يهديهم إلى ما ينجيهم من الحق لما يعلم من سوء استعدادهم، وقال في البحر: أي لا يخلق الإيمان في قلوبهم، وهذا عام مخصوص فقد اهتدى قوم كفروا بآيات الله تعالى، وقال الجلبي: المعنى أن سبب عدم إيمانهم هو أنه تعالى لا يهديهم لختمه على قلوبهم أو لا يهديهم سبحانه مجازاة لعدم إيمانهم بأن تلك الآيات من عنده تعالى، وقال العسكري: يجوز أن يكون المعنى أنهم إن لم يؤمنوا بهذه الآيات لم يهتدوا، والمراد- بلا يهديهم الله- لا يهتدون فإنه إنما يقال هدى الله تعالى فلانا على الإطلاق إذا اهتدى هو وأما من لم يقبل الهدى فإنه يقال فيه: إن الله تعالى هداه فلم يهتد كما قال تعالى: وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى وقيل: المعنى إن الذين لا يصرفون اختيارهم إلى الإيمان بآياته تعالى لا يخلقه سبحانه في قلوبهم، وقال : المفهوم من الوجود أن [ ص: 235 ] الذين لا يهديهم الله تعالى لا يؤمنون بآياته ولكنه قدم وأخر تتميما لتقبيح حالهم وللتشنيع بخطئهم كما في قوله تعالى: ابن عطية فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ويؤدي مؤدى التقديم والتأخير ما ذكره الجلبي أولا والأكثر لا يخلو عن دغدغة.
وقال القاضي: أقوى ما قيل في الآية ما ذكر أولا، وكونه تفسيرا للمعتزلة مناسبا لأصولهم فيه نظر، وأيا ما كان فالمراد من الآية التهديد والوعيد لأولئك الكفرة على ما هم عليه من الكفر بآيات الله تعالى ونسبة رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الافتراء والتعلم من البشر بعد إماطة شبهتهم ورد طعنهم،