ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
نعم كثيرا ما تصحب هذه الجهالة التي هي بمعنى ضد العلم، وفسرها بعضهم بذلك وجعل الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ملتبسين بجهالة غير عارفين بالله تعالى وبعقابه أو غير متدبرين في العواقب لغلبة الشهوة عليهم ثم تابوا من بعد ذلك أي من بعد ما عملوا ما عملوا، والتصريح به مع دلالة ( ثم ) عليه للتوكيد والمبالغة وأصلحوا أي أصلحوا أعمالهم أو دخلوا في الصلاح، وفسر بعضهم الإصلاح بالاستقامة على التوبة إن ربك من بعدها أي التوبة كما قال غير واحد، ولعل الإصلاح مندرج في التوبة وتكميل لها. وقال : الضمير عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة أي من بعد عمل السوء والتوبة والإصلاح، وقيل: يعود على الجهالة، وقيل: على السوء على معنى المعصية وليس بذاك أبو حيان لغفور لذلك السوء رحيم يثبت على طاعته سبحانه فعلا وتركا، وتكرير ( إن ربك ) لتأكيد الوعد وإظهار كمال العناية بإنجازه، والتعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله تعالى عليه وسلم مع ظهور الأثر في التائبين للإيماء إلى أن إفاضة آثار الربوبية من المغفرة والرحمة عليهم بتوسطه صلى الله عليه وسلم وكونهم من أتباعه كما مر عن قريب، والتقييد بالجهالة قيل: لبيان الواقع لأن كل من يعمل السوء لا يعمله إلا بجهالة.
وقال العسكري : ليس المعنى أنه تعالى يغفر لمن يعمل السوء بجهالة ولا يغفر لمن عمله بغير جهالة بل المراد أن جميع من تاب فهذه سبيله، وإنما خص من يعمل السوء بجهالة لأن أكثر من يأتي الذنوب يأتيها بقلة فكر في عاقبة الأمر أو عند غلبة الشهوة أو في جهالة الشباب فذكر الأكثر على عادة العرب في مثل ذلك، وعلى القوانين لا مفهوم للقيد