ومقامة غلب الرقاب كأنهم جن على باب الحصير قيام
فإن كان اسما للمكان المعروف فهو جامد لا يلزم تأنيثه وتذكيره، وإن كان بمعنى حاصر أي محيط بهم وفعيل بمعنى فاعل يلزم مطابقته، فعدم المطابقة هنا إما لأنه على النسب كلابن وتامر، أي: ذات حصر، وعلى ذلك خرج قوله تعالى: السماء منفطر به أي ذات انفطار أو لحمله على فعيل بمعنى مفعول وقيل: التذكير على تأويل جهنم بمذكر، وقيل: لأن تأنيثها ليس بحقيقي، نقل ذلك وهو كما ترى. أبو البقاء
وأخرج وغيره عن ابن المنذر أنه فسر ذلك بالفراش والمهاد، قال الحسن كأنه جعل الحصير المرمول، وأطلق عليه ذلك لحصر بعض طاقاته على بعض، فحصير على هذا بمعنى محصور، وفي الكلام التشبيه البليغ، وجاء الحصير بمعنى السلطان، وأنشد الراغب: في ذلك البيت السابق ثم قال: وتسميته بذلك إما لكونه محصورا نحو محجب، وإما لكونه حاصرا أي: مانعا لمن أراد أن يمنعه من الوصول إليه اه. الراغب
وحمل ما في الآية [ ص: 22 ] على ذلك مما لم أر من تعرض له، والحمل عليه في غاية البعد؛ فلا ينبغي أن يحمل عليه، وإن تضمن معنى لطيفا يدرك بالتأمل، وكان الظاهر أن يقال: (لكم) بدل (للكافرين) إلا أنه عدل عنه تسجيلا على كفرهم بالعود، وذما لهم بذلك وإشعارا بعلة الحكم