وقوله تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29675_29677_30478_30489_30532_30614_34265_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه ففي الآية تنويع الخطاب حيث خاطب سبحانه المقسمين على تقدير التولي ثم صرفه تعالى عنهم إلى المؤمنين الثابتين وهو كالاعتراض بناء على ما سيأتي إن شاء الله تعالى من كون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وأقيموا الصلاة عطفا على قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أطيعوا الله وفائدته أنه لما أفاد الكلام السابق أنه ينبغي أن يأمرهم بالطاعة كفاحا ولا يخاف مضرتهم أكد بأنه عليه الصلاة والسلام هو الغالب ومن معه فأنى للخوف مجال، وإن شئت فاجعله استئنافا جيء به لتأكيد
[ ص: 202 ] ما يفيده الكلام من نفي المضرة على أبلغ وجه من غير اعتبار كونه اعتراضا فإن في العطف المذكور ما ستسمعه إن شاء الله تعالى ومن بيانية، ووسط الجار والمجرور بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55آمنوا والجملة المعطوفة عليها الداخلة معها في حيز الصلة أعني قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعملوا الصالحات مع التأخير في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما [الفتح: 29] قيل للدلالة على أن الأصل في ثبوت الاستخلاف الإيمان، ولهذا كان الأصح عدم الانعزال بالفسق الطارئ ودل عليه صحاح الأحاديث ومدخلية الصلاح في ابتداء البيعة وأما في المغفرة والأجر العظيم فكلاهما أصل فكان المناسب التأخير. وقد يقال: إن ذلك لتعجيل مسرة المخاطبين حيث إن الآية سيقت لذلك، وقيل: الخطاب للمقسمين والكلام تتميم لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا ببيان ما لهم في العاجل من الاستخلاف وما يترتب عليه وفي الآجل ما لا يقادر قدره على ما أدمج في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56لعلكم ترحمون والجار للتبعيض وأمر التوسيط على حاله، ولم يرتضه بعض الأجلة لأن
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55آمنوا إن كان ماضيا على حقيقته لم يستقم إذ لم يكن فيهم من كان آمن حال الخطاب وإن جعل بمعنى المضارع على المألوف من أخبار الله تعالى فمع نبوه عن هذا المقام لم يكن دليلا على صحة أمر الخلفاء ولم يطابق الواقع أيضا لأن هؤلاء الأجلاء لم يكن من بعض من آمن من أولئك المخاطبين ولا كان في المقسمين من نال الخلافة انتهى، وفيه شيء.
ولعله لا يضر بالغرض وارتضى
أبو السعود تعلق الكلام بذلك وادعى أنه استئناف مقرر لما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا إلخ من الوعد الكريم معرب عنه بطريق التصريح ومبين لتفاصيل ما أجمل فيه من فنون السعادات الدينية والدنيوية التي هي من آثار الاهتداء ومتضمن لما هو المراد بالطاعة التي نيط بها الاهتداء وأن المراد بالذين آمنوا كل من اتصف بالإيمان بعد الكفر على الإطلاق من أي طائفة كان وفي أي وقت كان لا من آمن من طائفة المنافقين فقط ولا من آمن بعد نزول الآية الكريمة فحسب ضرورة عموم الوعد الكريم وأن الخطاب ليس للرسول عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين المخلصين أو من يعمهم وغيرهم من الأمة ولا للمنافقين خاصة بل هو لعامة الكفرة وأن من للتبعيض، وقال في نكتة التوسيط: إنه لإظهار أصالة الإيمان وعراقته في استتباع الآثار والأحكام والإيذان بكونه ما يطلب منهم وأهم ما يجب عليهم، وأما التأخير في آية سورة الفتح فلان من هناك بيانية والضمير للذين معه عليه الصلاة والسلام من خلص المؤمنين ولا ريب في أنهم جامعون بين الإيمان والأعمال الصالحة مثابرون عليها فلا بد من ورود بيانهم بعد ذكر نعوتهم الجليلة بكمالها انتهى.
وأنت تعلم أن كون الخطاب لعامة الكفرة خلاف الظاهر، وحمل الفعل الماضي على ما يعم الماضي والمستقبل كذلك وفيما ذكره أيضا بعد عن سبب النزول، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الدلائل
nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء في المختارة عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال:
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه فقالوا ترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله تعالى فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم الآية ولا يتأتى معه الاستدلال بالآية على صحة أمر الخلفاء أصلا، ولعله لا يقول به ويستغني عنه بما هو أوضح دلالة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد عامة في أمة
محمد صلى الله عليه وسلم وأطلقا الأمة وهي تطلق على أمة الإجابة وعلى أمة الدعوة لكن
[ ص: 203 ] الأغلب في الاستعمال الإطلاق الأول فلا تغفل، وإذا كانت من بيانية فالمعنى وعد الله الذين آمنوا الذين هم أنتم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم في الأرض أي ليجعلهم خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في مماليكهم أو خلفاء من الذين كانوا يخافونهم من الكفرة بأن ينصرهم عليهم ويورثهم أرضهم، والمراد بالأرض على ما قيل
جزيرة العرب، وقيل مأواه عليه الصلاة والسلام من مشارق الأرض ومغاربها
ففي الصحيح
nindex.php?page=hadith&LINKID=680455«زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها»
واللام واقعة في جواب القسم المحذوف ومفعول وعد الثاني محذوف دل عليه الجواب أي وعد الله الذين آمنوا استخلافهم وأقسم ليستخلفنهم، ويجوز أن ينزل وعده تعالى لتحقق إنجازه لا محالة منزلة القسم وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ويكون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم منزل منزلة المفعول فلا حذف.
وما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كما استخلف مصدرية والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لمصدر محذوف أي ليستخلفهم استخلافا كائنا كاستخلافه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذين من قبلهم وهم بنو إسرائيل استخلفهم الله عز وجل في
الشام بعد إهلاك الجبابرة وكذا في
مصر على ما قيل من أنها صارت تحت تصرفهم بعد هلاك
فرعون وإن لم يعودوا إليها وهم ومن قبلهم من الأمم المؤمنة الذين أسكنهم الله تعالى في الأرض بعد إهلاك أعدائهم من الكفرة الظالمين.
وقرئ «كما استخلف» بالبناء فيكون التقدير ليستخلفهم في الأرض فيستخلفون فيها استخلافا أي مستخلفية كائنة كمستخلفية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم والكلام فيه كالكلام فيه، وتأخيره عنه مع كونه أجل الرغائب الموعودة وأعظمها لما أنه كالأثر للاستخلاف المذكور.
وقيل: لما أن النفوس إلى الحظوظ العاجلة أميل فتصدير المواعيد بها في الاستمالة أدخل، والتمكين في الأصل جعل الشيء في مكان ثم استعمل في لازمه وهو التثبيت والمعنى ليجعلن دينهم ثابتا مقررا بأن يعلي سبحانه شأنه ويقوي بتأييده تعالى أركانه ويعظم أهله في نفوس أعدائهم الذين يستغرقون النهار والليل في التدبير لإطفاء أنواره ويستنهضون الرجل والخيل للتوصل إلى إعفاء آثاره فيكونون بحيث ييأسون من التجمع لتفريقهم عنه ليذهب من البين ولا تكاد تحدثهم أنفسهم بالحيلولة بينهم وبينه ليعود أثرا بعد عين.
وقيل: المعنى ليجعله مقررا بحيث يستمرون على العمل بأحكامه ويرجعون إليه في كل ما يأتون وما يذرون، وأصل التمكين جعل الشيء مكانا لآخر والتعبير عن ذلك به للدلالة على كمال ثبات الدين ورصانة أحكامه وسلامته عن التغيير والتبديل لابتنائه على تشبيهه بالأرض في الثبات والقرار مع ما فيه من مراعاة المناسبة بينه وبين الاستخلاف في الأرض انتهى، وفيه بحث. وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح للمسارعة إلى بيان كون الموعود من منافعهم مع التشويق إلى المؤخر ولأن في توسيطه بينه وبين وصفه أعني قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذي ارتضى لهم وتأخيره عن الوصف من الإخلال بجزالة النظم الكريم ما لا يخفى، وفي إضافة الدين وهو دين الإسلام إليهم ثم وصفه بارتضائه لهم من مزيد الترغيب فيه والتثبيت عليه ما فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وليبدلنهم بالتشديد، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن وابن محيصن بالتخفيف من الإبدال وأخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم وهو عطف على ( ليستخلفنهم وليمكنن من بعد خوفهم ) بمقتضى البشرية في الدنيا
[ ص: 204 ] من أعدائهم في الدين
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55أمنا لا يقادر قدره، وقيل: الخوف في الدنيا من عذاب الآخرة والأمن في الآخرة ورجح بأن الكلام عليه أبعد من احتمال التأكيد بوجه من الوجوه بخلافه على الأول.
وأنت تعلم أن الأول أوفق بالمقام والأخبار الواردة في سبب النزول تقتضيه وأمر احتمال التأكيد سهل.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني جوز أن تكون الجملة في موضع نصب على الحال إما من
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذين الأول لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد لأن ما في حيز الصلة من الإيمان وعمل الصالحات بصيغة الماضي لما دل على أصل الاتصاف به جيء بما ذكر حالا بصيغة المضارع الدال على الاستمرار التجددي وإما من الضمير العائد عليه في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ليستخلفنهم أو في ( ليبدلنهم ) وجوز أن تكون مستأنفة إما لمجرد الثناء على أولئك المؤمنين على معنى هم يعبدونني وإما لبيان علة الاستخلاف وما انتظم معه في سلك الوعد، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لا يشركون بي شيئا حال من الواو في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني أو من
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الذين أو بدل من الحال أو استئناف. ونصب
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55شيئا على أنه مفعول به أي شيئا مما يشرك به أو مفعول مطلق أي شيئا من الإشراك. ومعنى العبادة وعدم الإشراك ظاهر.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في قوله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني لا يشركون بي شيئا لا يخافون أحدا غيري، وأخرج هو وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد نحوه. ولعلهما أرادا بذلك تفسيرا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لا يشركون بي شيئا وكأنهما عدا خوف غير الله نوعا من الإشراك، واختير على هذا حالية الجملة من الواو كأنه قيل: يعبدونني غير خائفين أحدا غيري، وجوز أن يكونا قد أرادا بيان المراد بمجموع
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني لا يشركون إلخ وكأنهما ادعيا أن عدم خوف أحد غيره سبحانه من لوازم العبادة والتوحيد وأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني إلخ استئناف لبيان ما يصلون إليه في الأمن كأنه قيل: يأمنون إلي حيث لا يخافون أحدا غير الله تعالى ولا يخفى ما في التعبير بضمير المتكلم وحده في
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني لا يشركون بي دون ضمير الغائب ودون ضمير العظمة من اللطافة.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55ومن كفر أي ومن ارتد من المؤمنين
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55بعد ذلك أي بعد حصول الموعود به
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55فأولئك المرتدون البعداء عن الحق
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55هم الفاسقون أي الكاملون في الفسق والخروج عن حدود الكفر والطغيان إذ لا عذر لهم حينئذ ولا كجناح بعوضة، وقيل: كفر من الكفران لا من الكفر مقابل الإيمان وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية وكمالهم في الفسق لعظم النعمة التي كفروها، وقيل: إشارة إلى الوعد السابق نفسه، وفي إرشاد العقل السليم أن المعنى ومن اتصف بالكفر بأن ثبت واستمر عليه ولم يتأثر بما مر من الترغيب والترهيب بعد ذلك الوعد الكريم بما فصل من المطالب العالية المستوجبة لغاية الاهتمام بتحصيلها فأولئك هم الكاملون في الفسق، وكون المراد بكفر ما ذكر أنسب بالمقام من كون المراد به ارتد أو كفر النعمة انتهى. والأولى عندي ما تقدم فإنه الظاهر، وفي الكلام عليه تعظيم لقدر الموعود به من حيث إنه لا يبقى بعد حصوله عذرا لمن يرتد، وقوة مناسبته للمقام لا تخفى. وهو ظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله تعالى عنه فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
أبي الشعثاء قال: كنت جالسا مع
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما فقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : ذهب النفاق إنما كان النفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو الكفر بعد الإيمان فضحك
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ثم قال: بم تقول؟ قال: بهذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات إلى آخر
[ ص: 205 ] الآية وكأن ضحك
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كان استغرابا لذلك وسكوته بعد الاستدلال ظاهر في ارتضائه لما فهمه معدن سر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآية.
( ومن ) تحتمل أن تكون موصولة وتحتمل أن تكون شرطية وجملةس ( من كفر ) إلخ قيل معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله إلخ أو على جملة محذوفة كأنه قيل: من آمن فهم الفائزون ومن كفر إلخ، إن هذه الجملة وكذا جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يعبدونني استئناف بياني أما ذلك في الأولى فالسؤال ناشئ من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله إلخ فكأنه قيل: فما ينبغي للمؤمنين بعد هذا الوعد الكريم أو بعد حصوله؟ فقيل: يعبدونني لا يشركون بي شيئا. وأما في الثانية فالسؤال ناشئ من الجواب المذكور فأنه قيل فإن لم يفعلوا فماذا؟ فقيل: ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون وجزاؤهم معلوم وهو كما ترى.
هذا واستدل كثير بهذه الآية على
nindex.php?page=treesubj&link=33695صحة خلافة الأربعة رضي الله تعالى عنهم لأن الله تعالى وعد فيها من في حضرة الرسالة من المؤمنين بالاستخلاف وتمكين الدين والأمن العظيم من الأعداء ولا بد من وقوع ما وعد به ضرورة امتناع الخلف في وعده تعالى ولم يقع ذلك المجموع إلا في عهدهم فكان كل منهم خليفة حقا باستخلاف الله تعالى إياه حسبما وعد جل وعلا ولا يلزم عموم الاستخلاف لجميع الحاضرين المخاطبين بل وقوعه فيهم كبنو فلان قتلوا فلانا فلا ينافي ذلك عموم الخطاب الجميع، وكون من بيانية، وكذا لا ينافيه ما وقع في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي رضي الله تعالى عنهما من الفتن لأن المراد من الأمن من أعداء الدين وهم الكفار كما تقدم.
وأقامها بعض أهل السنة دليلا على الشيعة في اعتقادهم عدم صحة خلافة الخلفاء الثلاثة، ولم يستدل بها على صحة خلافة
الأمير كرم الله تعالى وجهه لأنها مسلمة عند الشيعة والأدلة كثيرة عند الطائفتين على من ينكرها من النواصب عليهم من الله تعالى ما يستحقون فقال: إن الله تعالى وعد فيها جمعا من المؤمنين الصالحين الحاضرين وقت نزولها بما وعد من الاستخلاف وما معه ووعده سبحانه الحق ولم يقع ذلك إلا في عهد الثلاثة، والإمام
المهدي لم يكن موجودا حين النزول قطعا بالإجماع فلا يمكن حمل الآية على وعده بذلك،
والأمير كرم الله تعالى وجهه وإن كان موجودا إذ ذاك لكن لم يكن يرج الدين المرضي كما هو حقه في زمانه رضي الله تعالى عنه بزعم الشيعة بل صار أسوأ حالا بزعمهم مما كان في عهد الكفار كما صرح بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=15194المرتضى في تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام بل كل
nindex.php?page=treesubj&link=28833كتب الشيعة تصرح بأن الأمير وشيعته كانوا يخفون دينهم ويظهرون دين المخالفين تقية ولم يكن الأمن الكامل حاصلا أصلا في زمانه رضي الله تعالى عنه فقد كان أهل
الشام ومصر والمغرب ينكرون أصل إمامته ولا يقبلون أحكامه وهم كفرة بزعم الشيعة وأغلب عسكر الأمير يخافونهم ويحذرون غاية الحذر منهم، ومع هذا الأمير فرد يمكن إرادته من الذين آمنوا ليكون هو رضي الله تعالى عنه مصداق الآية كما يزعمون فإن حمل لفظ الجمع على واحد خلاف أصولهم إذ أقل الجمع عندهم ثلاثة أفراد، وأما الأئمة الآخرون الذين ولدوا بعد فلا احتمال لإرادتهم من الآية إذ ليسوا بموجودين حال نزولها ولم يحصل لهم التسلط في الأرض ولم يقع رواج دينهم المرتضى لهم وما كانوا آمنين بل كانوا خائفين من أعداء الدين منهم كما أجمع عليه الشيعة فلزم أن الخلفاء الثلاثة هم مصداق الآية فتكون خلافتهم حقة وهو المطلوب.
[ ص: 206 ] وزعم
الطبرسي أن الخطاب للنبي وأهل بيته صلى الله عليه وسلم فهم الموعودون بالاستخلاف وما معه ويكفي في ذلك تحقق الموعود في زمن
المهدي رضي الله تعالى عنه، ولا ينافي ذلك عدم وجوده عند نزول الآية لأن الخطاب الشفاهي لا يخص الموجودين، وكذا لا ينافي عدم حصوله للكل لأن الكلام نظير بنو فلان قتلوا فلانا، واستدل على ذلك بما روى
العياشي بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما أنه قرأ الآية فقال: هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل ذلك بهم على يد رجل منا وهو
مهدي هذه الأمة وهو الذي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=675656«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله تعالى ذلك اليوم حتى يلي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا» .
وزعم أنه روي مثل ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبي جعفر وأبي عبد الله رضي الله تعالى عنهما وهذا على ما فيه مما يأباه السياق والأخبار الصحيحة الواردة في سبب النزول وأخبار الشيعة لا يخفى حالها لا سيما على من وقف على التحفة الاثني عشرية. نعم ورد من طريقنا ما يستأنس به لهم في هذا المقام لكنه لا يعول عليه أيضا مثل أخبارهم وهو ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
عطية أنه عليه الصلاة والسلام قرأ الآية فقال: أهل البيت هاهنا وأشار بيده إلى القبلة. وزعم بعضهم نحو ما سمعت عن
الطبرسي إلا أنه قال: هي في حق جميع أهل البيت
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه وسائر الأئمة الاثنى عشر وتحقق ذلك فيهم زمن الرجعة حين يقوم القائم رضي الله تعالى عنه. وزعم أنها أحد أدلة الرجعة، وهذا قد زاد في الطنبور نغمة. وقال الملأ
عبد الله المشهدي في كتابه إظهار الحق لإبطال الاستدلال على صحة خلافة الخلفاء الثلاثة: يحتمل أن يكون الاستخلاف بالمعنى اللغوي وهو الإتيان بواحد خلف آخر أي بعده كما في قوله تعالى في حق بني إسرائيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=129عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض [الأعراف: 129] فقصارى ما يثبت أنهم خلفاء بالمعنى اللغوي وليس النزاع فيه بل هو دفي المعنى الاصطلاحي وهو معنى مستحدث بعد رحلة النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
وأجيب بأنه لو تم هذا لا يتم لهم الاستدلال على خلافة
الأمير كرم الله وجهه بالمعنى المصطلح
بحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=661426«أنت مني بمنزلة هارون من موسى »
المعتضد بما حكاه سبحانه عن
موسى عليه السلام من قوله
لهارون nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142اخلفني في قومي [الأعراف: 143] وبما يروونه من
قوله صلى الله عليه وسلم:
«يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي أنت خليفتي من بعدي»
وكذا لا يتم لهم الاستدلال على إمامة
الأمير كرم الله وجهه بما تضمن لفظ الإمام لأنه لم يستعمل في الكتاب المجيد بالمعنى المصطلح أصلا وإنما استعمل بمعنى النبي والمرشد والهادي والمقتدى به في أمر خيرا كان أو شرا ومتى ادعى فهم المعنى المصطلح من ذلك بطريق اللزوم فليدع فهم المعنى المصطلح من الخليفة كذلك وربما يدعي أن فهمه منه أقوى لأنه مقرون من حيث وقع في الكتاب العزيز بلفظ في الأرض الدال على التصرف العام الذي هو شأن الخليفة بذلك المعنى على أن مبنى الاستدلال على خلافة الثلاثة بهذه الآية ليس مجرد لفظ
nindex.php?page=treesubj&link=15134الاستخلاف حتى يتم غرض المناقش فيه بل ذلك مع ملاحظة إسناده إلى الله تعالى، وإذا أسند الاستخلاف اللغوي إلى الله عز وجل فقد صار استخلافا شرعيا وقد يستفتى في هذه المسألة من علماء الشيعة فيقال: إن إتيان بني إسرائيل بمكان آل
فرعون والعمالقة وجعلهم متصرفين في أرض
مصر والشام هل كان حقا أو لا ولا أظنهم يقولون إلا أنه حق وحينئذ يلزمهم أن يقولوا به في الآية لعدم الفرق وبذلك يتم الغرض هذا حاصل ما قيل في هذا المقام.
[ ص: 207 ] والذي أميل إليه أن الآية ظاهرة في
nindex.php?page=treesubj&link=31133نزاهة الخلفاء الثلاثة رضي الله تعالى عنهم عما رماهم للشيعة به من الظلم والجور والتصرف في الأرض بغير الحق لظهور تمكين الدين والأمن التام من أعدائه في زمانهم ولا يكاد يحسن الامتنان بتصرف باطل عقابه العذاب الشديد. وكذا لا يكاد يحسن الامتنان بما تضمنته الآية على أهل عصرهم مع كونهم الرؤساء الذين بيدهم الحل والعقد لو كانوا وحاشاهم كما يزعم الشيعة فيهم، ومتى ثبت بلك نزاهتهم عما يقولون اكتفينا به وهذا لا يتوقف إلا على اتصافهم بالإيمان والعمل الصالح حال نزول الآية وإنكار الشيعة له إنكار للضروريات، وكون المراد بالآية
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كرم الله وجهه أو
المهدي رضي الله تعالى عنه وأهل البيت مطلقا مما لا يقوله منصف.
وفي كلام
الأمير كرم الله تعالى وجهه ما يقتضي بسوقه خلاف ما عليه الشيعة ففي نهج البلاغة أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما استشار
الأمير كرم الله وجهه لانطلاقه لقتال أهل فارس حين تجمعوا للحرب قال له:
إن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة وهو دين الله تعالى الذي أظهره وجنده الذي أعزه وأيده حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع ونحن على موعود من الله تعالى حيث قال عز اسمه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا والله تعالى منجز وعده وناصر جنده ومكان القيم في الإسلام مكان النظام من الخرز فإن انقطع النظام تفرق ورب متفرق لم يجتمع والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالاجتماع فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب وأصلهم دونك نار الحرب فإنك إن شخصت من هذه الأرض تنقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العوارث أهم إليك مما بين يديك وكان قد آن للأعاجم أن ينظروا إليك غدا يقولون هذا أصل العرب فإذا قطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطعمهم فيك فأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما نقاتل بالنصر والمعونة
اهـ فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=28662_29675_29677_30478_30489_30532_30614_34265_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ خِطَابٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ آمَنِ مَعَهُ فَفِي الْآيَةِ تَنْوِيعُ الْخِطَابِ حَيْثُ خَاطَبَ سُبْحَانَهُ الْمُقَسِّمِينَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّوَلِّي ثُمَّ صَرَفَهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ الثَّابِتِينَ وَهُوَ كَالِاعْتِرَاضِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كَوْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أَطِيعُوا اللَّهَ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَفَادَ الْكَلَامَ السَّابِقَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالطَّاعَةِ كِفَاحًا وَلَا يَخَافَ مَضَرَّتَهُمْ أَكَّدَ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الْغَالِبُ وَمِنْ مَعَهُ فَأَنَّى لِلْخَوْفِ مَجَالٌ، وَإِنْ شِئْتَ فَاجْعَلْهُ اسْتِئْنَافًا جِيءَ بِهِ لِتَأْكِيدِ
[ ص: 202 ] مَا يُفِيدُهُ الْكَلَامُ مِنْ نَفْيِ الْمَضَرَّةِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ اعْتِرَاضًا فَإِنَّ فِي الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ مَا سَتَسْمَعُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْ بَيَانِيَّةٍ، وَوَسَطَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55آمَنُوا وَالْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ عَلَيْهَا الدَّاخِلَةُ مَعَهَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مَعَ التَّأْخِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الْفَتْحُ: 29] قِيلَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِخْلَافِ الْإِيمَانِ، وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ عَدَمَ الِانْعِزَالِ بِالْفِسْقِ الطَّارِئِ وَدَلَّ عَلَيْهِ صِحَاحُ الْأَحَادِيثِ وَمَدْخَلِيَّةِ الصَّلَاحِ فِي ابْتِدَاءِ الْبَيْعَةِ وَأَمَّا فِي الْمَغْفِرَةِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ فَكِلَاهُمَا أَصْلٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّأْخِيرَ. وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ لِتَعْجِيلِ مَسَرَّةِ الْمُخَاطِبِينَ حَيْثُ إِنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ لِذَلِكَ، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لِلْمُقَسَّمِينَ وَالْكَلَامُ تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا بِبَيَانِ مَا لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ مِنَ الِاسْتِخْلَافِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَفِي الْآجِلِ مَا لَا يُقَادِرُ قَدْرَهُ عَلَى مَا أُدْمِجَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=56لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَالْجَارُّ لِلتَّبْعِيضِ وَأَمْرُ التَّوْسِيطِ عَلَى حَالِهِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ لِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55آمَنُوا إِنْ كَانَ مَاضِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ كَانَ آمَنَ حَالَ الْخِطَابِ وَإِنَّ جَعْلَ بِمَعْنَى الْمُضَارِعِ عَلَى الْمَأْلُوفِ مِنْ أَخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَعَ نُبُوِّهِ عَنْ هَذَا الْمَقَامِ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ أَمْرِ الْخُلَفَاءِ وَلَمْ يُطَابِقِ الْوَاقِعَ أَيْضًا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَجِلَّاءَ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَعْضِ مَنْ آمَنَ مِنْ أُولَئِكَ الْمُخَاطِبِينَ وَلَا كَانَ فِي الْمُقَسَّمِينَ مَنْ نَالَ الْخِلَافَةَ انْتَهَى، وَفِيهِ شَيْءٌ.
وَلَعَلَّهُ لَا يَضُرُّ بِالْغَرَضِ وَارْتَضَى
أَبُو السُّعُودِ تَعَلُّقَ الْكَلَامِ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ مُقَرَّرٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا إِلَخْ مِنَ الْوَعْدِ الْكَرِيمِ مُعَرَّبٌ عَنْهُ بِطَرِيقِ التَّصْرِيحِ وَمُبَيِّنٌ لِتَفَاصِيلِ مَا أَجْمَلَ فِيهِ مِنْ فُنُونِ السِّعَادَاتِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آثَارِ الِاهْتِدَاءِ وَمُتَضَمِّنٌ لِمَا هُوَ الْمُرَادُ بِالطَّاعَةِ الَّتِي نِيطَ بِهَا الِاهْتِدَاءُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ آمَنُوا كُلُّ مَنِ اتُّصِفَ بِالْإِيمَانِ بَعْدَ الْكُفْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ كَانَ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ لَا مَنْ آمَنَ مِنْ طَائِفَةِ الْمُنَافِقِينَ فَقَطْ وَلَا مَنْ آمَنَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَحَسْبُ ضَرُورَةِ عُمُومِ الْوَعْدِ الْكَرِيمِ وَأَنَّ الْخِطَابَ لَيْسَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلَصِينَ أَوْ مَنْ يَعُمُّهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْأُمَّةِ وَلَا لِلْمُنَافِقِينَ خَاصَّةً بَلْ هُوَ لِعَامَّةِ الْكَفَرَةِ وَأَنَّ مَنْ لِلتَّبْعِيضِ، وَقَالَ فِي نُكْتَةِ التَّوْسِيطَ: إِنَّهُ لِإِظْهَارِ أَصَالَةِ الْإِيمَانِ وَعَرَاقَتِهِ فِي اسْتِتْبَاعِ الْآثَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْإِيذَانِ بِكَوْنِهِ مَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ وَأَهَمُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ فِي آيَةِ سُورَةِ الْفَتْحِ فُلَانٌ مِنْ هُنَاكَ بَيَانِيَّةٌ وَالضَّمِيرُ لِلَّذِينِ مَعَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ خَلَصَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُمْ جَامِعُونَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مُثَابِرُونَ عَلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ وُرُودِ بَيَانِهِمْ بَعْدَ ذِكْرِ نُعُوتِهِمُ الْجَلِيلَةِ بِكَمَالِهَا انْتَهَى.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْخِطَابِ لِعَامَّةِ الْكَفَرَةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَحَمْلُ الْفِعْلِ الْمَاضِي عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلَ كَذَلِكَ وَفِيمَا ذَكَرَهُ أَيْضًا بُعْدٌ عَنْ سَبَبِ النُّزُولِ، فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدُويَهٍ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14679وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أَبِيّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:
لَمَّا قَدَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَآوَتْهُمُ الْأَنْصَارُ رَمَتْهُمُ الْعَرَبُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ فَكَانُوا لَا يَبِيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاحِ وَلَا يَصْبَحُونَ إِلَّا فِيهِ فَقَالُوا تَرَوْنَ أَنَّا نَعِيشُ حَتَّى نَبِيتَ آمِنِينَ مُطَمْئِنِّينَ لَا نَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى فَنَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ الْآيَةُ وَلَا يَتَأَتَّى مَعَهُ الِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ أَمْرِ الْخُلَفَاءِ أَصْلًا، وَلَعَلَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ وَيَسْتَغْنِي عَنْهُ بِمَا هُوَ أَوْضَحُ دَلَالَةً، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ عَامَّةً فِي أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطْلَقَا الْأُمَّةُ وَهِيَ تُطْلِقُ عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ وَعَلَى أُمَّةِ الدَّعْوَةِ لَكِنَّ
[ ص: 203 ] الْأَغْلَبَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْإِطْلَاقُ الْأَوَّلُ فَلَا تَغْفُلْ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ بَيَانِيَّةٍ فَالْمَعْنَى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ هُمْ أَنْتُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ أَيْ لِيَجْعَلَهُمْ خُلَفَاءَ مُتَصَرِّفِينَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلُوكِ فِي مَمَالِيكِهِمْ أَوْ خُلَفَاءَ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يَخَافُونَهُمْ مِنَ الْكَفَرَةِ بِأَنْ يَنْصُرَهُمْ عَلَيْهِمْ وَيُورِثَهُمْ أَرْضَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ عَلَى مَا قِيلَ
جَزِيرَةُ الْعَرَبِ، وَقِيلَ مَأْوَاهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا
فَفِي الصَّحِيحِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=680455«زُوِيَتْ لِي الْأَرْضُ فَأُرِيتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا»
وَاللَّامُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ وَمَفْعُولُ وَعَدَ الثَّانِي مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْجَوَابُ أَيْ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا اسْتِخْلَافَهُمْ وَأَقْسَمَ لِيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ وَعْدُهُ تَعَالَى لِتَحَقُّقِ إِنْجَازِهِ لَا مَحَالَةَ مَنْزِلَةَ الْقِسْمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَيَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ مَنْزِلَ مَنْزِلَةِ الْمَفْعُولِ فَلَا حَذْفَ.
وَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55كَمَا اسْتَخْلَفَ مَصْدَرِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٍ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لِيَسْتَخْلِفَهُمُ اسْتِخْلَافًا كَائِنًا كَاسْتِخْلَافِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ اسْتَخْلَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي
الشَّامِ بَعْدَ إِهْلَاكِ الْجَبَابِرَةِ وَكَذَا فِي
مِصْرَ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا صَارَتْ تَحْتَ تَصَرُّفِهِمْ بَعْدَ هَلَاكِ
فِرْعَوْنَ وَإِنْ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهَا وَهُمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُؤْمِنَةِ الَّذِينَ أَسْكَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِهْلَاكِ أَعْدَائِهِمْ مِنَ الْكَفَرَةِ الظَّالِمِينَ.
وَقُرِئَ «كَمَا اسْتَخْلَفَ» بِالْبِنَاءِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لِيَسْتَخْلِفَهُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَسْتَخْلِفُونَ فِيهَا اسْتِخْلَافًا أَيْ مُسْتَخْلَفِيَّةٍ كَائِنَةٍ كَمُسْتَخْلِفِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ عَطْفٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِيهِ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ أَجَلُّ الرَّغَائِبِ الْمَوْعُودَةِ وَأَعْظَمُهَا لَمَّا أَنَّهُ كَالْأَثَرِ لِلِاسْتِخْلَافِ الْمَذْكُورِ.
وَقِيلَ: لَمَّا أَنَّ النُّفُوسَ إِلَى الْحُظُوظِ الْعَاجِلَةِ أَمْيَلُ فَتَصْدِيرُ الْمَوَاعِيدِ بِهَا فِي الِاسْتِمَالَةِ أَدْخَلُ، وَالتَّمْكِينُ فِي الْأَصْلِ جَعَلَ الشَّيْءَ فِي مَكَانٍ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ فِي لَازِمِهِ وَهُوَ التَّثْبِيتُ وَالْمَعْنَى لِيَجْعَلَنَّ دِينَهُمْ ثَابِتًا مُقَرَّرًا بِأَنْ يُعَلِّيَ سُبْحَانَهُ شَأْنَهُ وَيُقَوِّيَ بِتَأْيِيدِهِ تَعَالَى أَرْكَانَهُ وَيُعَظِّمَ أَهْلَهُ فِي نُفُوسِ أَعْدَائِهِمُ الَّذِينَ يَسْتَغْرِقُونَ النَّهَارَ وَاللَّيْلَ فِي التَّدْبِيرِ لِإِطْفَاءِ أَنْوَارِهِ وَيَسْتَنْهِضُونَ الرَّجُلَ وَالْخَيْلَ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى إِعْفَاءِ آثَارِهِ فَيَكُونُونَ بِحَيْثُ يَيْأَسُونَ مِنَ التَّجَمُّعِ لِتَفْرِيقِهِمْ عَنْهُ لِيَذْهَبَ مِنَ الْبَيْنِ وَلَا تَكَادُ تُحَدِّثُهُمْ أَنْفُسِهِمْ بِالْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لِيَعُودَ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى لِيَجْعَلَهُ مُقَرَّرًا بِحَيْثُ يَسْتَمِرُّونَ عَلَى الْعَمَلِ بِأَحْكَامِهِ وَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ مَا يَأْتُونَ وَمَا يَذْرُوَنَ، وَأَصْلُ التَّمْكِينِ جَعْلُ الشَّيْءِ مَكَانًا لِآخَرَ وَالتَّعْبِيرُ عَنْ ذَلِكَ بِهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى كَمَالِ ثَبَاتِ الدِّينِ وَرَصَانَةِ أَحْكَامِهِ وَسَلَامَتِهِ عَنِ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ لِابْتِنَائِهِ عَلَى تَشْبِيهِهِ بِالْأَرْضِ فِي الثَّبَاتِ وَالْقَرَارِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْمُنَاسِبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْأَرْضِ انْتَهَى، وَفِيهِ بَحْثٌ. وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولِ الصَّرِيحِ لِلْمُسَارَعَةِ إِلَى بَيَانِ كَوْنِ الْمَوْعُودِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ مَعَ التَّشْوِيقِ إِلَى الْمُؤَخَّرِ وَلِأَنَّ فِي تَوْسِيطِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَصْفِهِ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَتَأْخِيرُهُ عَنِ الْوَصْفِ مِنَ الْإِخْلَالِ بِجَزَالَةِ النَّظْمِ الْكَرِيمِ مَا لَا يَخْفَى، وَفِي إِضَافَةِ الدِّينِ وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ وَصَفَهُ بِارْتِضَائِهِ لَهُمْ مِنْ مَزِيدِ التَّرْغِيبِ فِيهِ وَالتَّثْبِيتُ عَلَيْهِ مَا فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ بِالتَّشْدِيدِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11948وَأَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْإِبْدَالِ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ ) بِمُقْتَضَى الْبَشَرِيَّةِ فِي الدُّنْيَا
[ ص: 204 ] مِنْ أَعْدَائِهِمْ فِي الدِّينِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55أَمْنًا لَا يُقَادِرُ قَدْرَهُ، وَقِيلَ: الْخَوْفُ فِي الدُّنْيَا مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَالْأَمْنُ فِي الْآخِرَةِ وَرَجَّحَ بِأَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَبْعَدُ مِنِ احْتِمَالِ التَّأْكِيدِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْفَقُ بِالْمَقَامِ وَالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ تَقْتَضِيهِ وَأَمْرُ احْتِمَالِ التَّأْكِيدِ سَهْلٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي جَوَّزَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ إِمَّا مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِينَ الْأَوَّلِ لِتَقْيِيدِ الْوَعْدِ بِالثَّبَاتِ عَلَى التَّوْحِيدِ لِأَنَّ مَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ مِنَ الْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِمَا دَلَّ عَلَى أَصْلِ الِاتِّصَافِ بِهِ جِيءَ بِمَا ذُكِرَ حَالًا بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ التَّجَدُّدِيِّ وَإِمَّا مِنَ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَيْهِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ أَوْ فِي ( لَيُبَدِّلَنَّهُمْ ) وَجَوَّزَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنِفَةً إِمَّا لِمُجَرَّدِ الثَّنَاءِ عَلَى أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَعْنَى هُمْ يَعْبُدُونَنِي وَإِمَّا لِبَيَانِ عِلَّةِ الِاسْتِخْلَافِ وَمَا انْتَظَمَ مَعَهُ فِي سِلْكِ الْوَعْدِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا حَالٌ مِنَ الْوَاوِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي أَوْ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55الَّذِينَ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الْحَالِ أَوِ اسْتِئْنَافٌ. وَنُصِبَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ أَيْ شَيْئًا مِمَّا يُشْرِكُ بِهِ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ شَيْئًا مِنَ الْإِشْرَاكِ. وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ وَعَدَمُ الْإِشْرَاكِ ظَاهِرٌ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حَمِيدِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا لَا يَخَافُونَ أَحَدًا غَيْرِي، وَأَخْرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ. وَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا بِذَلِكَ تَفْسِيرًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَكَأَنَّهُمَا عَدَا خَوْفِ غَيْرِ اللَّهِ نَوْعًا مِنَ الْإِشْرَاكِ، وَاخْتِيرَ عَلَى هَذَا حَالِيَّةِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْوَاوِ كَأَنَّهُ قِيلَ: يَعْبُدُونَنِي غَيْرَ خَائِفِينَ أَحَدًا غَيْرِي، وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَا قَدْ أَرَادَا بَيَانَ الْمُرَادِ بِمَجْمُوعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ إِلَخْ وَكَأَنَّهُمَا ادَّعَيَا أَنَّ عَدَمَ خَوْفِ أَحَدٍ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ لَوَازِمِ الْعِبَادَةِ وَالتَّوْحِيدِ وَأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي إِلَخِ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ فِي الْأَمْنِ كَأَنَّهُ قِيلَ: يَأْمَنُونَ إِلَيَّ حَيْثُ لَا يَخَافُونَ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَخْفَى مَا فِي التَّعْبِيرِ بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي دُونَ ضَمِيرِ الْغَائِبِ وَدُونَ ضَمِيرِ الْعَظَمَةِ مِنَ اللَّطَافَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَمَنْ كَفَرَ أَيْ وَمَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدِ حُصُولِ الْمَوْعُودِ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55فَأُولَئِكَ الْمُرْتَدُّونَ الْبُعَدَاءُ عَنِ الْحَقِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55هُمُ الْفَاسِقُونَ أَيِ الْكَامِلُونَ فِي الْفِسْقِ وَالْخُرُوجِ عَنْ حُدُودِ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ إِذْ لَا عُذْرَ لَهُمْ حِينَئِذٍ وَلَا كَجَنَاحِ بَعُوضَةٍ، وَقِيلَ: كَفَّرَ مِنَ الْكُفْرَانِ لَا مِنَ الْكُفْرِ مُقَابِلَ الْإِيمَانِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبِي الْعَالِيَةِ وَكَمَالِهِمْ فِي الْفِسْقِ لِعِظَمِ النِّعْمَةِ الَّتِي كَفَّرُوهَا، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى الْوَعْدِ السَّابِقِ نَفْسِهِ، وَفِي إِرْشَادِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنَّ الْمَعْنَى وَمَنِ اتَّصَفَ بِالْكُفْرِ بِأَنْ ثَبَتَ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَأَثَّرْ بِمَا مَرَّ مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَعْدِ الْكَرِيمِ بِمَا فَصَلَ مِنَ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ الْمُسْتَوْجَبَةِ لِغَايَةِ الِاهْتِمَامِ بِتَحْصِيلِهَا فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَامِلُونَ فِي الْفِسْقِ، وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِكُفْرِ مَا ذُكِرَ أَنْسَبَ بِالْمَقَامِ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ بِهِ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ النِّعْمَةَ انْتَهَى. وَالْأَوْلَى عِنْدِي مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ الظَّاهِرُ، وَفِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ تَعْظِيمٌ لِقَدْرِ الْمَوْعُودِ بِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ حُصُولِهِ عُذْرًا لِمَنْ يَرْتَدُّ، وَقُوَّةُ مُنَاسَبَتِهِ لِلْمَقَامِ لَا تَخْفَى. وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدُويَهٍ عَنْ
أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ : ذَهَبَ النِّفَاقُ إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ فَضَحَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ثُمَّ قَالَ: بِمَ تَقُولُ؟ قَالَ: بِهَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى آخِرِ
[ ص: 205 ] الْآيَةُ وَكَأَنَّ ضَحِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ اسْتِغْرَابًا لِذَلِكَ وَسُكُوتَهُ بَعْدَ الِاسْتِدْلَالِ ظَاهِرٌ فِي ارْتِضَائِهِ لِمَا فَهِمَهُ مَعْدِنُ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآيَةِ.
( وَمَنْ ) تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً وَتَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَجُمْلَةُس ( مَنْ كَفَرَ ) إِلَخْ قِيلَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ إِلَخْ أَوْ عَلَى جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ آمَنَ فَهُمُ الْفَائِزُونَ وَمَنْ كَفَرَ إِلَخْ، إِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ وَكَذَا جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55يَعْبُدُونَنِي اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ أَمَّا ذَلِكَ فِي الْأُولَى فَالسُّؤَالُ نَاشِئٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ إِلَخْ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ هَذَا الْوَعْدِ الْكَرِيمِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِهِ؟ فَقِيلَ: يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَالسُّؤَالُ نَاشِئٌ مِنَ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فَأَنَّهُ قِيلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَمَاذَا؟ فَقِيلَ: وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَجَزَاؤُهُمْ مَعْلُومٌ وَهُوَ كَمَا تَرَى.
هَذَا وَاسْتَدَلَّ كَثِيرٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=33695صِحَّةِ خِلَافَةِ الْأَرْبَعَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعْدٌ فِيهَا مَنْ فِي حَضْرَةِ الرِّسَالَةِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِخْلَافِ وَتَمْكِينِ الدِّينِ وَالْأَمْنِ الْعَظِيمِ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ مَا وُعِدَ بِهِ ضَرُورَةُ امْتِنَاعِ الْخَلَفِ فِي وَعْدِهِ تَعَالَى وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ إِلَّا فِي عَهْدِهِمْ فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ خَلِيفَةً حَقًّا بِاسْتِخْلَافِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ حَسْبَمَا وَعَدَ جَلَّ وَعَلَا وَلَا يَلْزَمُ عُمُومَ الِاسْتِخْلَافِ لِجَمِيعِ الْحَاضِرِينَ الْمُخَاطِبِينَ بَلْ وُقُوعُهُ فِيهِمْ كَبَنُو فَلَانٍ قَتَلُوا فَلَانًا فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عُمُومَ الْخِطَابِ الْجَمِيعِ، وَكَوْنُ مِنْ بَيَانِيَّةً، وَكَذَا لَا يُنَافِيهِ مَا وَقَعَ فِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مِنَ الْفِتَنِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْأَمْنِ مِنْ أَعْدَاءِ الدِّينِ وَهُمُ الْكُفَّارُ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَقَامَهَا بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى الشِّيعَةِ فِي اعْتِقَادِهِمْ عَدَمُ صِحَّةِ خِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَسْتَدِلْ بِهَا عَلَى صِحَّةِ خِلَافَةِ
الْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ لِأَنَّهَا مُسَلِّمَةٌ عِنْدَ الشِّيعَةِ وَالْأَدِلَّةُ كَثِيرَةٌ عِنْدَ الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى مَنْ يُنْكِرُهَا مِنَ النَّوَاصِبِ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَسْتَحِقُّونَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ فِيهَا جَمْعًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ الْحَاضِرِينَ وَقْتَ نُزُولِهَا بِمَا وَعَدَ مِنَ الِاسْتِخْلَافِ وَمَا مَعَهُ وَوَعَدَهُ سُبْحَانَهُ الْحَقَّ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ إِلَّا فِي عَهْدِ الثَّلَاثَةِ، وَالْإِمَامُ
الْمَهْدِيُّ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ النُّزُولِ قَطْعًا بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى وَعْدِهِ بِذَلِكَ،
وَالْأَمِيرُ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا إِذْ ذَاكَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَرُجُّ الدِّينُ الْمَرْضِيُّ كَمَا هُوَ حَقُّهُ فِي زَمَانِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِزَعْمِ الشِّيعَةِ بَلْ صَارَ أَسْوَأَ حَالًا بِزَعْمِهِمْ مِمَّا كَانَ فِي عَهْدِ الْكُفَّارِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15194الْمُرْتَضَى فِي تَنْزِيهِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بَلْ كُلِّ
nindex.php?page=treesubj&link=28833كُتُبِ الشِّيعَةِ تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْأَمِيرَ وَشِيعَتِهِ كَانُوا يَخْفُونَ دِينَهُمْ وَيُظْهِرُونَ دِينَ الْمُخَالِفِينَ تَقِيَّةً وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْنُ الْكَامِلُ حَاصِلًا أَصْلًا فِي زَمَانِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَدْ كَانَ أَهْلُ
الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ يُنْكِرُونَ أَصْلَ إِمَامَتِهِ وَلَا يَقْبَلُونَ أَحْكَامَهُ وَهُمْ كَفَرَةٌ بِزَعْمِ الشِّيعَةِ وَأَغْلَبُ عَسْكَرِ الْأَمِيرِ يَخَافُونَهُمْ وَيُحَذِّرُونَ غَايَةَ الْحَذَرِ مِنْهُمْ، وَمَعَ هَذَا الْأَمِيرِ فَرَدَّ يُمْكِنُ إِرَادَتُهُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا لِيَكُونَ هُوَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِصْدَاقُ الْآيَةِ كَمَا يَزْعُمُونَ فَإِنَّ حَمْلَ لَفْظِ الْجَمْعِ عَلَى وَاحِدٍ خِلَافَ أُصُولِهِمْ إِذْ أَقَلِّ الْجَمْعِ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَفْرَادٍ، وَأَمَّا الْأَئِمَّةُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ وَلَدُوا بَعْدَ فَلَا احْتِمَالَ لِإِرَادَتِهِمْ مِنَ الْآيَةِ إِذْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ حَالَ نُزُولِهَا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمُ التَّسَلُّطُ فِي الْأَرْضِ وَلَمْ يَقَعْ رَوَاجُ دِينِهِمُ الْمُرْتَضَى لَهُمْ وَمَا كَانُوا آمِنِينَ بَلْ كَانُوا خَائِفِينَ مِنْ أَعْدَاءِ الدِّينِ مِنْهُمْ كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ فَلَزِمَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الثَّلَاثَةَ هُمْ مِصْدَاقُ الْآيَةِ فَتَكُونُ خِلَافَتُهُمْ حَقَّةً وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
[ ص: 206 ] وَزَعَمَ
الطَّبَرْسِيُّ أَنَّ الْخِطَابَ لِلنَّبِيِّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمُ الْمَوْعُودُونَ بِالِاسْتِخْلَافِ وَمَا مَعَهُ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ تَحَقُّقُ الْمَوْعُودِ فِي زَمَنِ
الْمَهْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ عَدَمَ وُجُودِهِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ لِأَنَّ الْخِطَابَ الشِّفَاهِيَّ لَا يَخُصُّ الْمَوْجُودِينَ، وَكَذَا لَا يُنَافِي عَدَمَ حُصُولِهِ لِلْكُلِّ لِأَنَّ الْكَلَامَ نَظِيرُ بَنُو فُلَانٍ قَتَلُوا فَلَانًا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى
الْعَيَّاشِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16600عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَرَأَ الْآيَةَ فَقَالَ: هُمْ وَاللَّهِ شِيعَتُنَا أَهْلُ الْبَيْتِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنَّا وَهُوَ
مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ الَّذِي
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=675656«لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَلِيَ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتَيِ اسْمُهُ اسْمِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَقِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجُورًا» .
وَزَعَمَ أَنَّهُ رُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهَذَا عَلَى مَا فِيهِ مِمَّا يَأْبَاهُ السِّيَاقُ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ الْوَارِدَةُ فِي سَبَبِ النُّزُولِ وَأَخْبَارِ الشِّيعَةِ لَا يَخْفَى حَالُهَا لَا سِيَّمَا عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَى التُّحْفَةِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ. نَعَمْ وَرَدَ مِنْ طَرِيقِنَا مَا يَسْتَأْنِسُ بِهِ لَهُمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَكِنَّهُ لَا يُعَوِّلُ عَلَيْهِ أَيْضًا مِثْلَ أَخْبَارِهِمْ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ عَنْ
عَطِيَّةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَرَأَ الْآيَةَ فَقَالَ: أَهْلُ الْبَيْتِ هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقِبْلَةِ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ نَحْوَ مَا سَمِعَتْ عَنِ
الطَّبَرْسِيِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: هِيَ فِي حَقِّ جَمِيعِ أَهْلِ الْبَيْتِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ الْاثْنَى عَشْرَ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ فِيهِمْ زَمَنَ الرَّجْعَةِ حِينَ يَقُومُ الْقَائِمُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَزَعَمَ أَنَّهَا أَحَدُ أَدِلَّةِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا قَدْ زَادَ فِي الطُّنْبُورِ نَغْمَةً. وَقَالَ الْمَلَأُ
عَبْدُ اللَّهِ الْمُشْهِدِيُّ فِي كِتَابِهِ إِظْهَارِ الْحَقِّ لِإِبْطَالِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِحَّةِ خِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِخْلَافُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِوَاحِدٍ خَلْفَ آخَرَ أَيْ بَعْدِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=129عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ [الْأَعْرَافُ: 129] فَقُصَارَى مَا يَثْبُتُ أَنَّهُمْ خُلَفَاءُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ بَلْ هُوَ دَفِيُّ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ وَهُوَ مَعْنًى مُسْتَحْدَثٌ بَعْدَ رِحْلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْـ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَوْ تَمَّ هَذَا لَا يَتِمُّ لَهُمُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى خِلَافَةِ
الْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ
بِحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=661426«أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى »
الْمُعْتَضِدُ بِمَا حَكَاهُ سُبْحَانَهُ عَنْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ
لِهَارُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي [الْأَعْرَافُ: 143] وَبِمَا يَرْوُونَهُ مِنْ
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«يَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ أَنْتَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي»
وَكَذَا لَا يَتِمُّ لَهُمُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى إِمَامَةِ
الْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِمَا تَضَمَّنَ لَفْظُ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي الْكِتَابِ الْمَجِيدِ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ أَصْلًا وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ بِمَعْنَى النَّبِيِّ وَالْمُرْشِدِ وَالْهَادِي وَالْمُقْتَدَى بِهِ فِي أَمْرٍ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا وَمَتَى ادَّعَى فَهُمُ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ مِنْ ذَلِكَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَلْيَدَّعِ فَهُمُ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ مِنَ الْخَلِيفَةِ كَذَلِكَ وَرُبَّمَا يَدَّعِي أَنَّ فَهْمَهُ مِنْهُ أَقْوَى لِأَنَّهُ مَقْرُونٌ مِنْ حَيْثُ وَقَعَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِلَفْظٍ فِي الْأَرْضِ الدَّالِّ عَلَى التَّصَرُّفِ الْعَامِ الَّذِي هُوَ شَأْنُ الْخَلِيفَةِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ مُجَرَّدَ لَفْظِ
nindex.php?page=treesubj&link=15134الِاسْتِخْلَافِ حَتَّى يَتِمَّ غَرَضُ الْمُنَاقِشِ فِيهِ بَلْ ذَلِكَ مَعَ مُلَاحَظَةِ إِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا أَسْنَدَ الِاسْتِخْلَافَ اللُّغَوِيَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ صَارَ اسْتِخْلَافًا شَرْعِيًّا وَقَدْ يُسْتَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ فَيُقَالُ: إِنَّ إِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَكَانِ آلِ
فِرْعَوْنَ وَالْعَمَالِقَةِ وَجَعْلِهُمْ مُتَصَرِّفِينَ فِي أَرْضِ
مِصْرَ وَالشَّامِ هَلْ كَانَ حَقًّا أَوْ لَا وَلَا أَظُنُّهُمْ يَقُولُونَ إِلَّا أَنَّهُ حَقٌّ وَحِينَئِذٍ يُلْزِمُهُمْ أَنَّ يَقُولُوا بِهِ فِي الْآيَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَبِذَلِكَ يَتِمُّ الْغَرَضُ هَذَا حَاصِلٌ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
[ ص: 207 ] وَالَّذِي أَمِيلُ إِلَيْهِ أَنَّ الْآيَةَ ظَاهِرَةٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31133نَزَاهَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَمَّا رَمَاهُمْ لِلشِّيعَةِ بِهِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْجَوْرِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ لِظُهُورِ تَمْكِينِ الدِّينِ وَالْأَمْنِ التَّامِّ مِنْ أَعْدَائِهِ فِي زَمَانِهِمْ وَلَا يَكَادُ يَحْسُنُ الِامْتِنَانُ بِتَصَرُّفٍ بَاطِلٍ عِقَابُهُ الْعَذَابُ الشَّدِيدُ. وَكَذَا لَا يَكَادُ يُحْسِنُ الِامْتِنَانَ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِمْ مَعَ كَوْنِهِمُ الرُّؤَسَاءَ الَّذِينَ بِيَدِهِمُ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ لَوْ كَانُوا وَحَاشَاهُمْ كَمَا يَزْعُمُ الشِّيعَةُ فِيهِمْ، وَمَتَى ثَبَتَ بَلَّكَ نَزَاهَتُهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ اكْتَفَيْنَا بِهِ وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى اتِّصَافِهِمْ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ حَالَ نُزُولِ الْآيَةِ وَإِنْكَارِ الشِّيعَةِ لَهُ إِنْكَارٌ لِلضَّرُورِيَّاتِ، وَكَوْنُ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَوِ
الْمَهْدِيَّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَهْلَ الْبَيْتِ مُطْلَقًا مِمَّا لَا يَقُولُهُ مُنْصِفٌ.
وَفِي كَلَامِ
الْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ مَا يَقْتَضِي بِسُوقِهِ خِلَافَ مَا عَلَيْهِ الشِّيعَةُ فَفِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا اسْتَشَارَ
الْأَمِيرَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لِانْطِلَاقِهِ لِقِتَالِ أَهْلِ فَارِسَ حِينَ تَجَمَّعُوا لِلْحَرْبِ قَالَ لَهُ:
إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرَهُ وَلَا خِذْلَانَهُ بِكَثْرَةٍ وَلَا بِقِلَّةٍ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَظْهَرَهُ وَجُنُدَهُ الَّذِي أَعَزَّهُ وَأَيَّدَهُ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ وَطَلَعَ حَيْثُ طَلَعَ وَنَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ قَالَ عَزَّ اسْمُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=55وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا وَاللَّهُ تَعَالَى مُنْجِزٌ وَعَدَهُ وَنَاصِرٌ جُنُدَهُ وَمَكَانُ الْقِيَمِ فِي الْإِسْلَامِ مَكَانَ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ وَرَبَّ مُتَفَرِّقٍ لَمْ يَجْتَمِعْ وَالْعَرَبُ الْيَوْمَ وَإِنْ كَانُوا قَلِيلًا فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالْإِسْلَامِ عَزِيزُونَ بِالِاجْتِمَاعِ فَكُنْ قُطْبًا وَاسْتَدَرَّ الرَّحَى بِالْعَرَبِ وَأَصْلُهُمْ دُونَكَ نَارُ الْحَرْبِ فَإِنَّكَ إِنْ شَخَّصْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ تَنَقَّضَتْ عَلَيْكَ الْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ مَا تَدْعُ وَرَاءَكَ مِنَ الْعَوَارِثِ أَهَمُّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ وَكَانَ قَدْ آنَ لِلْأَعَاجِمِ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَدًا يَقُولُونَ هَذَا أَصْلُ الْعَرَبِ فَإِذَا قَطَعْتُمُوهُ اسْتَرَحْتُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلْبِهِمْ عَلَيْكَ وَطَعْمِهِمْ فِيكَ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ عَدَدِهِمْ فَإِنَّا لَمْ نُقَاتِلْ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ وَإِنَّمَا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ
اهْـ فَتَأَمَّلْ ذَاكَ وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى هُدَاكَ.