ومن باب الإشارة في الآيات ما قيل في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43ألم تر أن الله يزجي سحابا إلى آخره أنه إشارة إلى جمع العناصر الأربعة وتركيب الإنسان منها ثم خروج مطر الإحساس من عينيه وأذنيه مثلا وينزل من سماء العقل الفياض برد حقائق العلوم فيصيب به من يشاء فتظهر آثاره عليه ويصرفه عمن يشاء حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يكاد سنا برقه نور تجليه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يذهب بالأبصار بأن يعطلها عن الإبصار ويفني أصحابها عنها لما أن الإدراك بنوره فوق الإدراك بنور الإبصار
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يقلب الله الليل والنهار إشارة إلى ليل المحو ونهار الصحو أو ليل القبض ونهار البسط أو ليل الجلال ونهار الجمال أو نحو ذلك. وقيل: يزجي سحاب المعاصي إلى أن يتراكم فترى مطر التوبة يخرج من خلاله كما خرج من سحاب
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وعصى آدم مطر
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثم اجتباه ربه وينزل من سماء القلوب من جبال القسوة فيها من برد القهر يقلب الله ليل المعصية لمن يشاء إلى نهار الطاعة وبالعكس
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45والله خلق كل دابة من ماء تقدم الكلام في الماء
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فمنهم من يمشي على بطنه يعتمد في سيره على الباطن وهم أهل الجذبة المغمورون في بحار المحبة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45ومنهم من يمشي على رجلين يعتمد في سيره الشريعة والطريقة لكن فيما يتعلق به خاصة منهما وهم صنف من الكاملين سكنوا زوايا الخمول ولم يخالطوا الناس ولم يشتغلوا بالإرشاد
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45ومنهم من يمشي على أربع يعتمد في سيره الشريعة والطريقة فيما يتعلق به وبغيره منهما وهم صنف آخر من الكاملين برزوا للناس وخالطوهم واشتغلوا بالإرشاد وعملوا في أنفسهم بما تقتضيه الشريعة والطريقة وعاملوا الناس والمريدين بذلك أيضا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يخلق الله ما يشاء فلا يبعد أن يكون في خلقه من يمشي على أكثر كالكاملين الذين أوقفهم الله تعالى على أسرار الملك والملكوت وما حده لكل أمة من الأمم ونوع من أنواع المخلوقات فعاملوا بعد أن عملوا في أنفسهم ما يليق بهم كل أمة وكل نوع بما حد له
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كل قد علم صلاته وتسبيحه .
وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47ويقولون آمنا بالله وبالرسول الآيات إشارة إلى أحوال المنكرين في القلب على المشايخ وأحوال المصدقين بهم قلبا وقالبا وفي قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا إشارة إلى أن طاعة الرسول سبب لحصول المكاشفات ونحوها، وقال
أبو عثمان : من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة لأن الله تعالى يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=62إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إشارة إلى أنه لا ينبغي للمريد الاستبداد بشيء قال
عبد الله الرازي: قال قوم من أصحاب
أبي عثمان لأبي عثمان أوصنا فقال: عليكم بالاجتماع على الدين وإياكم
[ ص: 230 ] ومخالفة الأكابر والدخول في شيء من الطاعات إلا بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم فإذا فعلتم أرجو أن لا يضيع الله تعالى لكم سعيا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا فيه من تعظيم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ما فيه، وذكر أن الشيخ في جماعته كالنبي في أمته فينبغي أن يحترم في مخاطبته ويميز على غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم قال
أبو سعيد الخراز: الفتنة إسباغ النعم مع الاستدراج، وقال الجنيد قدس سره: قسوة القلب عن معرفة المعروف والمنكر، وقال بعضهم: طبع على القلوب والعذاب الأليم هو عذاب البعد والحجاب عن الحضرة نعوذ بالله تعالى من ذلك ونسأله سبحانه التوفيق إلى أقوم المسالك فلا رب غيره ولا يرجى إلا خيره.
وَمِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا إِلَى آخِرِهِ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى جَمْعِ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ وَتَرْكِيبُ الْإِنْسَانِ مِنْهَا ثُمَّ خُرُوجِ مَطَرِ الْإِحْسَاسِ مِنْ عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَثَلًا وَيَنْزِلُ مِنْ سَمَاءِ الْعَقْلِ الْفَيَّاضِ بِرَدِّ حَقَائِقِ الْعُلُومِ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ فَتَظْهَرُ آثَارُهُ عَلَيْهِ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ نُورُ تَجَلِّيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=43يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ بِأَنْ يُعَطِّلَهَا عَنِ الْإِبْصَارِ وَيُفْنِيَ أَصْحَابَهَا عَنْهَا لِمَا أَنَّ الْإِدْرَاكَ بِنُورِهِ فَوْقَ الْإِدْرَاكِ بِنُورِ الْإِبْصَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=44يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِشَارَةٌ إِلَى لَيْلِ الْمَحْوِ وَنَهَارِ الصَّحْوِ أَوْ لَيْلِ الْقَبْضِ وَنَهَارِ الْبَسْطِ أَوْ لَيْلِ الْجَلَالِ وَنَهَارِ الْجَمَالِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: يُزْجِي سَحَابَ الْمَعَاصِي إِلَى أَنْ يَتَرَاكَمَ فَتَرَى مَطَرَ التَّوْبَةِ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ سَحَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وَعَصَى آدَمُ مَطَرٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=122ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ وَيَنْزِلُ مِنْ سَمَاءِ الْقُلُوبِ مِنْ جِبَالِ الْقَسْوَةِ فِيهَا مِنْ بَرْدِ الْقَهْرِ يُقَلِّبُ اللَّهُ لَيْلَ الْمَعْصِيَةِ لِمَنْ يَشَاءُ إِلَى نَهَارِ الطَّاعَةِ وَبِالْعَكْسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْمَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ يَعْتَمَّدُ فِي سَيْرِهِ عَلَى الْبَاطِنِ وَهُمْ أَهْلُ الْجَذْبَةِ الْمَغْمُورُونَ فِي بِحَارِ الْمَحَبَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ يَعْتَمِدُ فِي سَيْرِهِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ لَكِنَّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خَاصَّةً مِنْهُمَا وَهُمْ صِنْفٌ مِنَ الْكَامِلِينَ سَكَنُوا زَوَايَا الْخُمُولِ وَلَمْ يُخَالِطُوا النَّاسَ وَلَمْ يَشْتَغِلُوا بِالْإِرْشَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَعْتَمِدُ فِي سَيْرِهِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنْهُمَا وَهُمْ صِنْفٌ آخَرُ مِنَ الْكَامِلِينَ بَرَزُوا لِلنَّاسِ وَخَالَطُوهُمْ وَاشْتَغَلُوا بِالْإِرْشَادِ وَعَمِلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ بِمَا تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ وَالطَّرِيقَةُ وَعَامَلُوا النَّاسَ وَالْمُرِيدِينَ بِذَلِكَ أَيْضًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=45يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِي خَلْقِهِ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَكْثَرِ كَالْكَامِلِينَ الَّذِينَ أَوْقَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَسْرَارِ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ وَمَا حَدَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ وَنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ فَعَامَلُوا بَعْدَ أَنْ عَمِلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا يَلِيقُ بِهِمْ كُلِّ أُمَّةِ وَكُلِّ نَوْعٍ بِمَا حَدَّ لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=41كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ .
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=47وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ الْآيَاتُ إِشَارَةٌ إِلَى أَحْوَالِ الْمُنْكِرِينَ فِي الْقَلْبِ عَلَى الْمَشَايِخِ وَأَحْوَالِ الْمُصَدِّقِينَ بِهِمْ قَلْبًا وَقَالِبًا وَفِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ طَاعَةَ الرَّسُولِ سَبَبٌ لِحُصُولِ الْمُكَاشَفَاتِ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ
أَبُو عُثْمَانَ : مَنْ أَمَرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ وَمَنْ أَمَرَ الْهَوَى عَلَى نَفْسِهِ نَطَقَ بِالْبِدْعَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=62إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُرِيدِ الِاسْتِبْدَادُ بِشَيْءٍ قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ الرَّازِيُّ: قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ
أَبِي عُثْمَانَ لِأَبِي عُثْمَانَ أَوْصِنَا فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الدِّينِ وَإِيَّاكُمْ
[ ص: 230 ] وَمُخَالَفَةَ الْأَكَابِرِ وَالدُّخُولَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطَّاعَاتِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَمَشُورَتِهِمْ وَوَاسَوُا الْمُحْتَاجِينَ بِمَا أَمْكَنَكُمْ فَإِذَا فَعَلْتُمْ أَرْجُو أَنْ لَا يُضَيِّعَ اللَّهُ تَعَالَى لَكُمْ سَعْيًا
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فِيهِ، وَذَكَرَ أَنَّ الشَّيْخَ فِي جَمَاعَتِهِ كَالنَّبِيِّ فِي أُمَّتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِمَ فِي مُخَاطَبَتِهِ وَيُمَيِّزَ عَلَى غَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ: الْفِتْنَةُ إِسْبَاغُ النِّعَمِ مَعَ الِاسْتِدْرَاجِ، وَقَالَ الْجُنَيْدُ قَدَّسَ سِرَّهُ: قَسْوَةُ الْقَلْبِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكِرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طَبْعٌ عَلَى الْقُلُوبِ وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ هُوَ عَذَابُ الْبُعْدِ وَالْحِجَابُ عَنِ الْحَضْرَةِ نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقَ إِلَى أَقْوَمِ الْمَسَالِكِ فَلَا رَبَّ غَيْرِهِ وَلَا يُرْجَى إِلَّا خَيْرَهُ.