ويأمركم بالفحشاء أي الخصلة الفحشاء وهي البخل وترك الصدقات والعرب تسمي البخيل فاحشا قال كعب:
أخي يا أخي (لا فاحشا) عند بيته ولا ورع عند اللقاء هيوب
والمراد بالأمر بذلك الإغراء والحث عليه ففي الكلام استعارة مصرحة تبعية، وقيل: المراد بالفحشاء سائر المعاصي وحملها على الزنا نعوذ بالله منه; وجوز أن تكون بمعنى الكلمة السيئة فتكون هذه الجملة كالتأكيد للأولى وقدم وعد الشيطان على أمره لأنه بالوعد يحصل الاطمئنان إليه فإذا اطمأن إليه وخاف الفقر تسلط عليه بالأمر إذ فيه استعلاء على المأمور.والله يعدكم في الإنفاق على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم مغفرة لذنوبكم، وعن لفحشائكم، والتنوين فيها للتفخيم وكذا وصفها بقوله تعالى: (منه) فهو مؤكد لفخامتها، وفيه تصريح بما علم ضمنا من الوعد كما علمت مبالغة في توهين أمر الشيطان قتادة وفضلا أي رزقا وخلفا وهو المروي عن رضي الله تعالى عنهما فتكون المغفرة إشارة إلى منافع الآخرة، وهذا إشارة إلى منافع الدنيا. وفي الحديث: ابن عباس وقدم منافع الآخرة لأنها أهم عند المصدق بها، وقيل: المغفرة والفضل كلاهما في الآخرة وتقديم الأول حينئذ لتقدم التخلية على التحلية ولكون رفع المفاسد أولى من جلب المصالح، وفي الآية " ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وحذف صفة الثاني لدلالة المذكور عليها.
والله واسع بالرحمة والفضل عليم [ 268 ] بما تنفقونه فيجازيكم عليه، والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله ومثلها في قوله تعالى: