nindex.php?page=treesubj&link=17295_19257_27521_28640_28800_30431_30437_30525_34513_4419_5366_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الذين يأكلون الربا أي يأخذونه فيعم سائر أنواع الانتفاع، والتعبير عنه بالأكل لأنه معظم ما قصد به، والربا في الأصل الزيادة من قولهم: ربا الشيء يربو إذا زاد، وفي الشرع عبارة عن فضل مال لا يقابله عوض في معاوضة مال بمال وإنما يكتب بالواو كالصلاة للتفخيم على لغة من يفخم وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع فصار اللفظ به على طبق المعنى في كون كل منهما مشتملا على زيادة غير مستحقة، فأخذ لفظ الربا الحرف الزائد وهو الألف بسبب اللفظ الذي يشابهه وهو واو الجمع حيث زيدت فيه الألف كما يأخذ معنى لفظ الربا بمشابهته معنى لفظ البيع لاشتمال المعنيين على معاوضة المال بالمال بالرضا، وإن كان أحد العوضين أزيد، وقيل: الكتابة بالواو والألف لأن للفظ نصيبا منهما، وإنما لم تكتب الصلاة والزكاة بهما لئلا يكون في مظنة الالتباس بالجمع، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: إنهم تعلموا الخط من أهل الحيرة وهم نبط لغتهم ربوا بواو ساكنة فكتب كذلك، وهذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون كتابته وكذا تثنيته بالياء لأجل الكسرة التي في أوله، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: وهو خطأ عندنا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275لا يقومون أي يوم القيامة وبه قرئ كما في «الدر المنثور»
[ ص: 49 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان أي إلا قياما كقيام المتخبط المصروع في الدنيا، والتخبط تفعل بمعنى فعل وأصله ضرب متوال على أنحاء مختلفة، ثم تجوز به عن كل ضرب غير محمود، وقيام المرابي يوم القيامة كذلك مما نطقت به الآثار، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
عوف بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=935745 " إياك والذنوب التي لا تغفر، الغلول فمن غل شيئا أتى به يوم القيامة، وأكل الربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط " ثم قرأ الآية، وهو مما لا يحيله العقل ولا يمنعه، ولعل الله تعالى جعل ذلك علامة له يعرف بها يوم الجمع الأعظم عقوبة له كما جعل لبعض المطيعين أمارة تليق به يعرف بها كرامة له، ويشهد لذلك أن هذه الأمة يبعثون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء وإلى هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية: المراد تشبيه المرابي في حرصه وتحركه في اكتسابه في الدنيا بالمتخبط المصروع كما يقال لمن يسرع بحركات مختلفة: قد جن، ولا يخفى أنه مصادمة لما عليه سلف الأمة، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير داع سوى الاستبعاد الذي لا يعتبر في مثل هذه المقامات.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275من المس أي الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا جن وأصله اللمس باليد وسمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسد ويحدث الجنون، وهذا لا ينافي ما ذكره الأطباء من أن ذلك من غلبة مرة السوداء لأن ما ذكروه سبب قريب وما تشير إليه الآية سبب بعيد وليس بمطرد أيضا بل ولا منعكس فقد يحصل مس ولا يحصل جنون كما إذا كان المزاج قويا وقد يحصل جنون ولم يحصل مس كما إذا فسد المزاج من دون عروض أجنبي، والجنون الحاصل بالمس قد يقع أحيانا، وله عند أهل الحاذقين أمارات يعرفونه بها، وقد يدخل في بعض الأجساد على بعض الكيفيات ريح متعفن تعلقت به روح خبيثة تناسبه فيحدث الجنون أيضا على أتم وجه وربما استولى ذلك البخار على الحواس وعطلها، واستقلت تلك الروح الخبيثة بالتصرف فتتكلم وتبطش وتسعى بآلات ذلك الشخص الذي قامت به من غير شعور للشخص بشيء من ذلك أصلا، وهذا كالمشاهد المحسوس الذي يكاد يعد منكره مكابرا منكرا للمشاهدات.
وقال
المعتزلة والقفال من الشافعية: إن كون الصرع والجنون من الشيطان باطل؛ لأنه لا يقدر على ذلك كما قال تعالى حكاية عنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما كان لي عليكم من سلطان الآية و (ما) هنا وارد على ما يزعمه
العرب ويعتقدونه من أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع وأن الجني يمسه فيختلط عقله وليس لذلك حقيقة وليس بشيء بل هو من تخبط الشيطان بقائله ومن زعماته المردودة بقواطع الشرع، فقد ورد
nindex.php?page=hadith&LINKID=688228 " ما من مولود يولد إلا يمسه الشيطان فيستهل صارخا " وفي بعض الطرق: «إلا طعن الشيطان في خاصرته» ومن ذلك يستهل صارخا إلا
مريم وابنها لقول أمها:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=36وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم وقوله صلى الله عليه وسلم:
" كفوا صبيانكم أول العشاء فإنه وقت انتشار الشياطين " وقد " ورد في حديث المفقود الذي اختطفته الشياطين وردته في زمنه عليه الصلاة والسلام أنه حدث من شأنه معهم قال:
«فجاءني طائر كأنه جمل قبعثري فاحتملني على خافية من خوافيه " إلى غير ذلك من الآثار، وفي «لقط المرجان في أحكام الجان» كثير منها، واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقية واقعة كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطا طويلا لا يميل إليه إلا
المعتزلة ومن حذا حذوهم وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون، والآية التي ذكروها في معرض الاستدلال على مدعاهم لا تدل عليه إذ السلطان المنفي فيها إنما
[ ص: 50 ] هو القهر والإلجاء إلى متابعته لا التعرض للإيذاء والتصدي لما يحصل بسببه الهلاك، ومن تتبع الأخبار النبوية وجد الكثير منها قاطعا بجواز وقوع ذلك من الشيطان بل وقوعه بالفعل، وخبر
nindex.php?page=hadith&LINKID=699552«الطاعون من وخز أعدائكم الجن» صريح في ذلك، وقد حمله بعض مشايخنا المتأخرين على نحو ما حملنا عليه مسألة التخبط والمس حيث قال: إن الهواء إذا تعفن تعفنا مخصوصا مستعدا للخلط والتكوين تنفرز منه وتنحاز أجزاء سمية باقية على هوائيتها أو منقلبة بأجزاء نارية محرقة فيتعلق بها روح خبيثة تناسبها في الشرارة وذلك نوع من الجن فإنها على ما عرف في الكلام أجسام حية لا ترى؛ إما الغالب عليها الهوائية أو النارية، ولها أنواع عقلاء وغير عقلاء تتوالد وتتكون، فإذا نزل واحد منها طبعا أو إرادة على شخص أو نفذ في منافذه، أو ضرب وطعن نفسه به يحصل فيه بحسب ما في ذلك الشر من القوة السمية وما في الشخص من الاستعداد للتأثر منه كما هو مقتضى الأسباب العادية في المسببات ألم شديد مهلك غالبا مظهر للدماميل والبثرات في الأكثر بسبب إفساده للمزاج المستعد، وبهذا يحصل الجمع بين الأقوال في هذا الباب وهو تحقيق حسن لم نجده لغيره كما لم نجد ما حققناه في شأن المس لأحد سوانا فليحفظ.
والجار والمجرور متعلق بما قبله من الفعل المنفي بناء على أن ما قبل (إلا) يعمل فيما بعدها إذا كان ظرفا كما في «الدر المصون» أي لا يقومون من جهة المس الذي بهم بسبب أكلهم الربا أو ب (يقوم) أو ب (يتخبطه) .
(ذلك) إشارة إلى الأكل أو إلى ما نزل بهم من العذاب
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا أرادوا نظمهما في سلك واحد لإفضائهما إلى الربح فحيث حل بيع ما قيمته درهم بدرهمين حل بيع درهم بدرهمين إلا أنهم جعلوا الربا أصلا في الحل وشبهوا البيع به روما للمبالغة كما في قوله:
ومهمه مغبرة أرجاؤه كأن (لون أرضه سماؤه)
وقيل: يجوز أن يكون التشبيه غير مقلوب بناء على ما فهموه أن البيع إنما حل لأجل الكسب والفائدة وذلك في الربا متحقق وفي غيره موهوم.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم الربا جملة مستأنفة من الله تعالى ردا عليهم وإنكارا لتسويتهم، وحاصله أن ما ذكرتم قياس فاسد الوضع لأنه معارض للنص فهو من عمل الشيطان على أن بين البابين فرقا، وهو أن من باع ثوبا يساوي درهما بدرهمين فقد جعل الثوب مقابلا لدرهمين فلا شيء منهما إلا وهو في مقابلة شيء من الثوب، وأما إذا باع درهما بدرهمين فقد أخذ الدرهم الزائد بغير عوض ولا يمكن جعل الإمهال عوضا إذ الإمهال ليس بمال حتى يكون في مقابلة المال، وقيل: الفرق بينهما أن أحد الدرهمين في الثاني ضائع حتما وفي الأول منجبر بمساس الحاجة إلى السلعة أو بتوقع رواجها، وجوز أن تكون الجملة من تتمة كلام الكفار إنكارا للشريعة وردا لها أي مثل هذا من الفرق بين المتماثلات لا يكون عند الله تعالى فهي حينئذ حالية، وفيها قد مقدرة ولا يخفى أنه من البعد بمكان، والظاهر عموم البيع والربا في كل بيع وفي كل ربا إلا ما خصه الدليل من تحريم بعض البيوع وإحلال بعض الربا، وقيل: هما مجملان فلا يقدم على تحليل بيع ولا تحريم ربا إلا ببيان، ويؤيده ما أخرجه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: من آخر ما أنزل آية الربا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة أي فمن بلغه وعظ وزجر كالنهي عن الربا واستحلاله، و (من)
[ ص: 51 ] شرطية أو موصولة، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275موعظة فاعل جاء وسقطت التاء للفصل وكون التأنيث مجازيا مع ما في الموعظة معنى من التذكير، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن (جاءته) بإلحاق التاء،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275من ربه متعلق ب (جاءه) أو بمحذوف وقع صفة لموعظة وعلى التقديرين فيه تعظيم لشأنها وفي ذكر الرب تأنيس لقبول الموعظة إذ فيه إشعار بإصلاح عبده و (من) لابتداء الغاية أو للتبعيض وحذف المضاف،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فانتهى عطف على
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275جاءه أي فاتعظ بلا تراخ وتبع النهي
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فله ما سلف أي ما تقدم أخذه قبل التحريم لا يسترد منه، وهذا هو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11958الباقر nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، وقيل: المراد لا مؤاخذة عليه في الدنيا ولا في الآخرة فيما تقدم له أخذه من الربا قبل، والفاء إما للجواب أو صلة في الخبر، و (ما) في موضع الرفع بالظرف إن جعلت (من) موصولة، وبالابتداء إن جعلت شرطية على رأي من يشترط الاعتماد، وكون المرفوع اسم حدث، ومن لا يشترطهما يجوز كونه فاعل الظرف
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأمره أي المنتهى بعد التحريم
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275إلى الله إن شاء عصمه من الربا فلم يفعل وإن شاء لم يفعل، وقيل: المراد إنه يجازيه على انتهائه إن كان عن قبول الموعظة وصدق النية أو يحكم في شأنه يوم القيامة بما شاء لا اعتراض لكم عليه. ومن الناس من جعل الضمير المجرور لما سلف أو للربا وكلاهما خلاف الظاهر.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275ومن عاد أي رجع إلى ما سلف ذكره من فعل الربا واعتقاد جوازه والاحتجاج عليه بقياسه على البيع
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فأولئك إشارة إلى من عاد والجمع باعتبار المعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275أصحاب النار أي ملازموها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275هم فيها خالدون [ 275 ] أي ماكثون أبدا لكفرهم، والجملة مقررة لما قبلها; وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري متعلق عاد الربا فاستدل بالآية على تخليد مرتكب الكبيرة وعلى ما ذكرنا وهو التفسير المأثور لا يبقى للاستدلال بها مساغ، واعترض بأن الخلود لو جعل جزاء للاستحلال بقي جزاء مرتكب الفعل من غير استحلال غير مذكور في الكلام أصلا لا عبارة ولا إشارة مع أنه المقصود الأهم بخلاف ما لو جعل ذلك جزاء أصل الفعل فإن المقصود يكون مذكورا صريحا مع إفادته جزاء الاستحلال وأنه أمر فوق الخلود، وأجيب بأن ما يكفر مستحله لا يكون إلا من كبائر المحرمات وجزاؤها معلوم ولذا لم ينبه عليه لظهوره، وقال بعض المحققين في الجواب: إن جعل ذلك إشارة إلى الأكل كان الجزاء القيام المذكور من القبور إلى الموقف وكفى به نكالا، ثم أخبر أن حاملهم على الأكل كان هذا القول فأشعر الوصف أولا أن الوعيد به ثم ذكر موجب اجترائهم فدل على أنه وعيد كل آكل سواء كان حامله عليه ذلك القول أو لا.
وأما قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275ومن عاد فهو في القائل المعتقد وإن جعل إشارة إلى القيام المذكور فالجزاء ما يفهم من ضم الفعل إلى القول فإنه لو لم يكن له مدخل في التعذيب لم يحسن في معرض الوعيد، والقول بأن المتعلق الربا والآية محمولة على التغليظ خلاف الظاهر، فتدبر.
nindex.php?page=treesubj&link=17295_19257_27521_28640_28800_30431_30437_30525_34513_4419_5366_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا أَيْ يَأْخُذُونَهُ فَيَعُمُّ سَائِرَ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْأَكْلِ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا قُصِدَ بِهِ، وَالرِّبَا فِي الْأَصْلِ الزِّيَادَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو إِذَا زَادَ، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةً عَنْ فَضْلِ مَالٍ لَا يُقَابِلُهُ عِوَضٍ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَإِنَّمَا يُكْتَبُ بِالْوَاوِ كَالصَّلَاةِ لِلتَّفْخِيمِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يُفَخِّمُ وَزِيدَتِ الْأَلْفُ بَعْدَهَا تَشْبِيهًا بِوَاوِ الْجَمْعِ فَصَارَ اللَّفْظُ بِهِ عَلَى طِبْقِ الْمَعْنَى فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَمِلًا عَلَى زِيَادَةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ، فَأَخَذَ لَفْظُ الرِّبَا الْحَرْفَ الزَّائِدَ وَهُوَ الْأَلْفُ بِسَبَبِ اللَّفْظِ الَّذِي يُشَابِهُهُ وَهُوَ وَاوُ الْجَمْعِ حَيْثُ زِيدَتْ فِيهِ الْأَلْفُ كَمَا يَأْخُذُ مَعْنَى لَفْظِ الرِّبَا بِمُشَابَهَتِهِ مَعْنَى لَفْظِ الْبَيْعِ لِاشْتِمَالِ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى مُعَاوَضَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالرِّضَا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ أَزِيدَ، وَقِيلَ: الْكِتَابَةُ بِالْوَاوِ وَالْأَلِفِ لِأَنَّ لِلَّفْظِ نَصِيبًا مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَكْتُبِ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ بِهِمَا لِئَلَّا يَكُونُ فِي مَظِنَّةِ الِالْتِبَاسِ بِالْجَمْعِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ: إِنَّهُمْ تَعَلَّمُوا الْخَطَّ مِنْ أَهْلِ الْحَيْرَةِ وَهُمْ نَبَطٌ لُغَتُهُمْ رَبُوا بِوَاوٍ سَاكِنَةٍ فَكُتِبَ كَذَلِكَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ، وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ كِتَابَتَهُ وَكَذَا تَثْنِيَتُهُ بِالْيَاءِ لِأَجْلِ الْكَسْرَةِ الَّتِي فِي أَوَّلِهِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ: وَهُوَ خَطَأٌ عِنْدِنَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275لا يَقُومُونَ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبِهِ قُرِئَ كَمَا فِي «اَلدُّرِّ الْمَنْثُورِ»
[ ص: 49 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ أَيْ إِلَّا قِيَامًا كَقِيَامِ الْمُتَخَبِّطِ الْمَصْرُوعِ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّخَبُّطُ تَفَعُّلٌ بِمَعْنَى فَعْلٍ وَأَصْلُهُ ضَرْبٌ مُتَوَالٍ عَلَى أَنْحَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ تُجُوِّزَ بِهِ عَنْ كُلِّ ضَرْبٍ غَيْرِ مَحْمُودٍ، وَقِيَامُ الْمُرَابِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ مِمَّا نَطَقَتْ بِهِ الْآثَارُ، فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ عَنْ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=935745 " إِيَّاكَ وَالذُّنُوبَ الَّتِي لَا تُغْفَرُ، الْغُلُولُ فَمَنْ غَلَّ شَيْئًا أَتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَكْلُ الرِّبَا فَمِنْ أَكْلِ الرِّبَا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَجْنُونًا يَتَخَبَّطُ " ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُحِيلُهُ الْعَقْلُ وَلَا يَمْنَعُهُ، وَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُ يُعْرَفُ بِهَا يَوْمَ الْجَمْعِ الْأَعْظَمِ عُقُوبَةً لَهُ كَمَا جَعَلَ لِبَعْضِ الْمُطِيعِينَ أَمَارَةً تَلِيقُ بِهِ يُعْرَفُ بِهَا كَرَامَةً لَهُ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11اِبْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366اِبْنُ عَطِيَّةَ: الْمُرَادُ تَشْبِيهُ الْمُرَابِي فِي حِرْصِهِ وَتَحَرُّكِهِ فِي اِكْتِسَابِهِ فِي الدُّنْيَا بِالْمُتَخَبِّطِ الْمَصْرُوعِ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يُسْرِعُ بِحَرَكَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ: قَدْ جُنَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُصَادَمَةٌ لِمَا عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ سِوَى الِاسْتِبْعَادِ الَّذِي لَا يُعْتَبَرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275مِنَ الْمَسِّ أَيِ الْجُنُونِ، يُقَالُ: مُسَّ الرَّجُلُ فَهُوَ مَمْسُوسٌ إِذَا جُنَّ وَأَصْلُهُ اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَمَسُّ الرَّجُلَ وَأَخْلَاطُهُ مُسْتَعِدَّةٌ لِلْفَسَادِ فَتَفْسَدُ وَيَحْدُثُ الْجُنُونُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْأَطِبَّاءُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ غَلَبَةِ مُرَّةِ السَّوْدَاءِ لِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ سَبَبٌ قَرِيبٌ وَمَا تُشِيرُ إِلَيْهِ الْآيَةُ سَبَبٌ بَعِيدٌ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ أَيْضًا بَلْ وَلَا مُنْعَكِسٍ فَقَدْ يَحْصُلُ مَسٌّ وَلَا يَحْصُلُ جُنُونٌ كَمَا إِذَا كَانَ الْمِزَاجُ قَوِيًّا وَقَدْ يَحْصُلُ جُنُونٌ وَلَمْ يَحْصُلْ مَسٌّ كَمَا إِذَا فَسَدَ الْمِزَاجُ مِنْ دُونِ عُرُوضِ أَجْنَبِيٍّ، وَالْجُنُونُ الْحَاصِلُ بِالْمَسِّ قَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا، وَلَهُ عِنْدُ أَهْلِ الْحَاذِقِينَ أَمَارَاتٌ يَعْرِفُونَهُ بِهَا، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَادِ عَلَى بَعْضِ الْكَيْفِيَّاتِ رِيحٌ مُتَعَفِّنٌ تَعَلَّقَتْ بِهِ رُوحٌ خَبِيثَةٌ تُنَاسِبُهُ فَيَحْدُثُ الْجُنُونُ أَيْضًا عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ وَرُبَّمَا اِسْتَوْلَى ذَلِكَ الْبُخَارُ عَلَى الْحَوَاسِّ وَعَطَّلَهَا، وَاسْتَقَلَّتْ تِلْكَ الرُّوحُ الْخَبِيثَةُ بِالتَّصَرُّفِ فَتَتَكَلَّمُ وَتَبْطِشُ وَتَسْعَى بِآلَاتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ لِلشَّخْصِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، وَهَذَا كَالْمُشَاهَدِ الْمَحْسُوسِ الَّذِي يَكَادُ يُعَدُّ مُنْكِرُهُ مُكَابِرًا مُنْكِرًا لِلْمُشَاهَدَاتِ.
وَقَالَ
الْمُعْتَزِلَةُ وَالْقَفَّالُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ كَوْنَ الصَّرَعِ وَالْجُنُونِ مِنَ الشَّيْطَانِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ الْآيَةَ وَ (مَا) هُنَا وَارِدٌ عَلَى مَا يَزْعُمُهُ
الْعَرَبُ وَيَعْتَقِدُونَهُ مِنْ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْبِطُ الْإِنْسَانَ فَيُصْرَعُ وَأَنَّ الْجِنِّيَّ يَمَسُّهُ فَيَخْتَلِطُ عَقْلُهُ وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ بَلْ هُوَ مِنْ تَخَبُّطِ الشَّيْطَانِ بِقَائِلِهِ وَمِنْ زَعَمَاتِهِ الْمَرْدُودَةِ بِقَوَاطِعِ الشَّرْعِ، فَقَدْ وَرَدَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=688228 " مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا " وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ: «إِلَّا طَعَنَ الشَّيْطَانُ فِي خَاصِرَتِهِ» وَمِنْ ذَلِكَ يَسْتَهِلُّ صَارِخًا إِلَّا
مَرْيَمَ وَابْنَهَا لِقَوْلِ أُمِّهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=36وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كُفُّوا صِبْيَانَكُمْ أَوَّلَ الْعَشَاءِ فَإِنَّهُ وَقْتُ اِنْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ " وَقَدْ " وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْمَفْقُودِ الَّذِي اِخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ وَرَدَّتْهُ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ حَدَثَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَهُمْ قَالَ:
«فَجَاءَنِي طَائِرٌ كَأَنَّهُ جَمَلٌ قَبَعْثَرِيٌّ فَاحْتَمَلَنِي عَلَى خَافِيَةٍ مِنْ خَوَافِيهِ " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ، وَفِي «لُقَطِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ» كَثِيرٌ مِنْهَا، وَاعْتِقَادُ السَّلَفِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أُمُورٌ حَقِيقِيَّةٌ وَاقِعَةٌ كَمَا أَخْبَرَ الشَّرْعُ عَنْهَا، وَالْتِزَامُ تَأْوِيلِهَا كُلِّهَا يَسْتَلْزِمُ خَبْطًا طَوِيلًا لَا يَمِيلُ إِلَيْهِ إِلَّا
الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُمْ وَبِذَلِكَ وَنَحْوِهِ خَرَجُوا عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفِكُونَ، وَالْآيَةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي مَعْرِضِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مُدَعَّاهُمْ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ إِذِ السُّلْطَانُ الْمَنْفِيُّ فِيهَا إِنَّمَا
[ ص: 50 ] هُوَ الْقَهْرُ وَالْإِلْجَاءُ إِلَى مُتَابَعَتِهِ لَا التَّعَرُّضُ لِلْإِيذَاءِ وَالتَّصَدِّي لِمَا يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ الْهَلَاكُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الْأَخْبَارَ النَّبَوِيَّةَ وَجَدَ الْكَثِيرَ مِنْهَا قَاطِعًا بِجَوَازِ وُقُوعِ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ بَلْ وُقُوعِهِ بِالْفِعْلِ، وَخَبَرُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=699552«اَلطَّاعُونُ مِنْ وَخْزِ أَعْدَائِكُمُ الْجِنِّ» صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى نَحْوِ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَسْأَلَةَ التَّخَبُّطِ وَالْمَسِّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْهَوَاءَ إِذَا تَعَفَّنَ تَعَفُّنًا مَخْصُوصًا مُسْتَعِدًّا لِلْخَلْطِ وَالتَّكْوِينِ تَنْفَرِزُ مِنْهُ وَتَنْحَازُ أَجْزَاءٌ سَمِيَّةٌ بَاقِيَةٌ عَلَى هَوَائِيَّتِهَا أَوْ مُنْقَلِبَةٌ بِأَجْزَاءٍ نَارِيَّةٍ مُحْرِقَةٍ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا رُوحٌ خَبِيثَةٌ تُنَاسِبُهَا فِي الشَّرَارَةِ وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ الْجِنِّ فَإِنَّهَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْكَلَامِ أَجْسَامٌ حَيَّةٌ لَا تُرَى؛ إِمَّا الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْهَوَائِيَّةُ أَوِ النَّارِيَّةُ، وَلَهَا أَنْوَاعٌ عُقَلَاءُ وَغَيْرُ عُقَلَاءَ تَتَوَالَدُ وَتَتَكَوَّنُ، فَإِذَا نَزَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا طَبْعًا أَوْ إِرَادَةً عَلَى شَخْصٍ أَوْ نَفَذَ فِي مَنَافِذِهِ، أَوْ ضَرَبَ وَطَعَنَ نَفْسَهُ بِهِ يَحْصُلُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا فِي ذَلِكَ الشَّرِّ مِنَ الْقُوَّةِ السَّمِيَّةِ وَمَا فِي الشَّخْصِ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ لِلتَّأَثُّرِ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ فِي الْمُسَبِّبَاتِ أَلَمٌ شَدِيدٌ مُهْلِكٌ غَالِبًا مَظْهَرٌ لِلدَّمَامِيلِ وَالْبَثَرَاتِ فِي الْأَكْثَرِ بِسَبَبِ إِفْسَادِهِ لِلْمِزَاجِ الْمُسْتَعِدِّ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ تَحْقِيقٌ حَسَنٌ لَمْ نَجِدْهُ لِغَيْرِهِ كَمَا لَمْ نَجِدْ مَا حَقَّقْنَاهُ فِي شَأْنِ اِلْمَسِّ لِأَحَدٍ سِوَانَا فَلْيُحْفَظْ.
وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْفِعْلِ الْمَنْفِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَ (إِلَّا) يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَهَا إِذَا كَانَ ظَرْفًا كَمَا فِي «اَلدُّرِّ الْمَصُونِ» أَيْ لَا يَقُومُونَ مِنْ جِهَةِ الْمَسِّ الَّذِي بِهِمْ بِسَبَبِ أَكْلِهِمُ الرِّبَا أَوْ بِ (يَقُومُ) أَوْ بِ (يَتَخَبَّطُهُ) .
(ذَلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى الْأَكْلِ أَوْ إِلَى مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا أَرَادُوا نَظْمَهُمَا فِي سِلْكٍ وَاحِدٍ لِإِفْضَائِهِمَا إِلَى الرِّبْحِ فَحَيْثُ حَلَّ بَيْعٌ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ حَلَّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ إِلَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا الرِّبَا أَصْلًا فِي الْحِلِّ وَشَبَّهُوا الْبَيْعَ بِهِ رَوْمًا لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
وَمُهِمُّهُ مُغْبَرَّةٌ أَرْجَاؤُهُ كَأَنَّ (لَوْنَ أَرْضِهِ سَمَاؤُهُ)
وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ غَيْرَ مَقْلُوبٍ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمُوهُ أَنَّ الْبَيْعَ إِنَّمَا حَلَّ لِأَجْلِ الْكَسْبِ وَالْفَائِدَةِ وَذَلِكَ فِي الرِّبَا مُتَحَقِّقٌ وَفِي غَيْرِهِ مَوْهُومٌ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ وَإِنْكَارًا لِتَسْوِيتِهِمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ قِيَاسٌ فَاسِدُ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلنَّصِّ فَهُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ مَنْ بَاعَ ثَوْبًا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدْ جُعِلَ الثَّوْبُ مُقَابِلًا لِدِرْهَمَيْنِ فَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا إِلَّا وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنَ الثَّوْبِ، وَأَمَّا إِذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدْ أَخَذَ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْإِمْهَالِ عِوَضًا إِذِ الْإِمْهَالُ لَيْسَ بِمَالٍ حَتَّى يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ، وَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَحَدَ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الثَّانِي ضَائِعٌ حَتْمًا وَفِي الْأَوَّلِ مُنْجَبِرٌ بِمِسَاسِ الْحَاجَةِ إِلَى السِّلْعَةِ أَوْ بِتَوَقُّعِ رَوَاجِهَا، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْكُفَّارِ إِنْكَارًا لِلشَّرِيعَةِ وَرَدًّا لَهَا أَيْ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ لَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ حِينَئِذٍ حَالِيَّةٌ، وَفِيهَا قَدُّ مَقْدِرَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مِنَ الْبُعْدِ بِمَكَانٍ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْبَيْعِ وَالرِّبَا فِي كُلِّ بَيْعٍ وَفِي كُلِّ رِبَا إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ مِنْ تَحْرِيمِ بَعْضِ الْبُيُوعِ وَإِحْلَالِ بَعْضِ الرِّبَا، وَقِيلَ: هُمَا مُجْمَلَانِ فَلَا يُقْدَمُ عَلَى تَحْلِيلِ بَيْعٍ وَلَا تَحْرِيمِ رِبًا إِلَّا بِبَيَانٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مِنْ آخِرِ مَا أُنْزِلَ آيَةُ الرِّبَا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ قَبْلَ أَنْ يُفَسِّرَهَا لَنَا فَدَعَوَا الرِّبَا وَالرِّيبَةَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ أَيْ فَمَنْ بَلَغَهُ وَعْظٌ وَزَجْرٌ كَالنَّهْيِ عَنِ الرِّبَا وَاسْتِحْلَالِهِ، وَ (مَنْ)
[ ص: 51 ] شَرْطِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275مَوْعِظَةٌ فَاعِلُ جَاءَ وَسَقَطَتِ التَّاءُ لِلْفَصْلِ وَكَوْنِ التَّأْنِيثِ مَجَازِيًّا مَعَ مَا فِي الْمَوْعِظَةِ مَعْنًى مِنَ التَّذْكِيرِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ (جَاءَتْهُ) بِإِلْحَاقِ التَّاءِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275مِنْ رَبِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِ (جَاءَهُ) أَوْ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِمَوْعِظَةٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِشَأْنِهَا وَفِي ذِكْرِ الرَّبِّ تَأْنِيسٌ لِقَبُولِ الْمَوْعِظَةِ إِذْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِإِصْلَاحِ عَبْدِهِ وَ (مِنْ) لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَوْ لِلتَّبْعِيضِ وَحُذِفَ الْمُضَافُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَانْتَهَى عُطِفَ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275جَاءَهُ أَيْ فَاتَّعِظْ بِلَا تَرَاخٍ وَتَبِعَ النَّهْيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَلَهُ مَا سَلَفَ أَيْ مَا تَقَدَّمَ أَخْذُهُ قَبْلَ التَّحْرِيمِ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11958الْبَاقِرِ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لَا مُؤَاخَذَةَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَخَذُهُ مِنَ الرِّبَا قَبْلُ، وَالْفَاءُ إِمَّا لِلْجَوَابِ أَوْ صِلَةٌ فِي الْخَبَرِ، وَ (مَا) فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ بِالظَّرْفِ إِنْ جُعِلَتْ (مَنْ) مَوْصُولَةً، وَبِالِابْتِدَاءِ إِنْ جُعِلَتْ شَرْطِيَّةً عَلَى رَأْيِ مَنْ يَشْتَرِطُ الِاعْتِمَادَ، وَكَوْنُ الْمَرْفُوعِ اِسْمُ حَدَثٍ، وَمَنْ لَا يَشْتَرِطُهُمَا يُجَوِّزُ كَوْنَهُ فَاعِلَ الظَّرْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَمْرُهُ أَيِ الْمُنْتَهَى بَعْدَ التَّحْرِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَصَمَهُ مِنَ الرِّبَا فَلَمْ يَفْعَلْ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ إِنَّهُ يُجَازِيهِ عَلَى اِنْتِهَائِهِ إِنْ كَانَ عَنْ قَبُولِ الْمَوْعِظَةِ وَصِدْقِ النِّيَّةِ أَوْ يَحْكُمُ فِي شَأْنِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا شَاءَ لَا اِعْتِرَاضَ لَكُمْ عَلَيْهِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ الضَّمِيرَ الْمَجْرُورَ لِمَا سَلَفَ أَوْ لِلرِّبَا وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الظَّاهِرِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَمَنْ عَادَ أَيْ رَجَعَ إِلَى مَا سَلَفَ ذِكْرُهُ مِنْ فِعْلِ الرِّبَا وَاعْتِقَادِ جَوَازِهِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْبَيْعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَأُولَئِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ عَادَ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275أَصْحَابُ النَّارِ أَيْ مُلَازِمُوهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ 275 ] أَيْ مَاكِثُونَ أَبَدًا لِكَفْرِهِمْ، وَالْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا; وَجَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مُتَعَلِّقُ عَادَ الرِّبَا فَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى تَخْلِيدِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ وَعَلَى مَا ذَكَرَنَا وَهُوَ التَّفْسِيرُ الْمَأْثُورُ لَا يَبْقَى لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا مُسَاغٌ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخُلُودَ لَوْ جُعِلَ جَزَاءً لِلِاسْتِحْلَالِ بَقِيَ جَزَاءُ مُرْتَكِبِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اِسْتِحْلَالٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْكَلَامِ أَصْلًا لَا عِبَارَةً وَلَا إِشَارَةً مَعَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَ ذَلِكَ جَزَاءَ أَصْلِ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ يَكُونُ مَذْكُورًا صَرِيحًا مَعَ إِفَادَتِهِ جَزَاءَ الِاسْتِحْلَالِ وَأَنَّهُ أَمْرٌ فَوْقَ الْخُلُودِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا يُكَفِّرُ مُسْتَحِلَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَجَزَاؤُهَا مَعْلُومٌ وَلِذَا لَمْ يُنَبَّهُ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْجَوَابِ: إِنَّ جَعْلَ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَكْلِ كَانَ الْجَزَاءُ الْقِيَامَ الْمَذْكُورَ مِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ وَكَفَى بِهِ نَكَالًا، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ حَامِلَهُمْ عَلَى الْأَكْلِ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ فَأَشْعَرَ الْوَصْفُ أَوَّلًا أَنَّ الْوَعِيدَ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مُوجِبَ اِجْتِرَائِهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَعِيدُ كُلِّ آكِلٍ سَوَاءً كَانَ حَامِلُهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَوْلُ أَوْ لَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَمَنْ عَادَ فَهُوَ فِي الْقَائِلِ الْمُعْتَقِدِ وَإِنَّ جُعِلَ إِشَارَةً إِلَى الْقِيَامِ الْمَذْكُورِ فَالْجَزَاءُ مَا يُفْهَمُ مِنْ ضَمِّ الْفِعْلِ إِلَى الْقَوْلِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّعْذِيبِ لَمْ يَحْسُنْ فِي مَعْرِضِ الْوَعِيدِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ الرِّبَا وَالْآيَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّغْلِيظِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَتَدَبَّرْ.