يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية. اختلف في سبب نزولها على ثلاثة أقاويل: [ ص: 64 ] أحدها: ما روى عن ابن إسحاق قال: أبي ميسرة قال رضي الله عنه: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في البقرة: عمر بن الخطاب يسألونك عن الخمر والميسر فدعي فقرئت عليه ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في سورة النساء: عمر لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة ينادي لا يقربن الصلاة سكران ، فدعي فقرئت عليه ، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في المائدة عمر إنما الخمر والميسر إلى قوله تعالى: فهل أنتم منتهون فقال عمر: انتهينا ، انتهينا. والثاني: أنها نزلت في وقد لاحى رجلا على شراب ، فضربه الرجل بلحي جمل ، ففزر أنفه قاله سعد بن أبي وقاص . والثالث: أنها نزلت في قبيلتين من مصعب بن سعد الأنصار ثملوا من الشراب فعبث بعضهم ببعض ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ، قاله . فأما " الميسر " فهو القمار. وأما " الأنصاب " ففيها وجهان. أحدهما: أنها الأصنام تعبد ، قاله الجمهور . والثاني: أنها أحجار حول ابن عباس الكعبة يذبحون لها ، قاله . وأما " الأزلام " فهي قداح من خشب يستقسم بها على ما قدمناه. [ ص: 65 ] قوله تعالى: مقاتل رجس يعني حراما ، وأصل الرجس المستقذر الممنوع منه ، فعبر به عن الحرام لكونه ممنوعا منه. ثم قال تعالى: من عمل الشيطان أي مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به لأنه لا يأمر إلا بالمعاصي ، ولا ينهى إلا عن الطاعات. فلما حرمت الخمر قال المسلمون: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين شربوها وماتوا قبل تحريمها ، فأنزل الله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ، يعني من الخمر قبل التحريم ، إذا ما اتقوا يعني في أداء الفرائض وآمنوا يعني بالله ورسوله وعملوا الصالحات يعني البر والمعروف ، ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا يعني بعمل النوافل ، فالتقوى الأولى عمل الفرائض ، والتقوى الثانية عمل النوافل.