قوله عز وجل: وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه أي نبيح لكم شرب ما في بطونه ، فعبر عن الإباحة بالسقي. من بين فرث ودم لبنا خالصا فيه وجهان: أحدهما: خالصا من الفرث والدم.
الثاني: أن المراد من الخالص هنا الأبيض ، قاله ابن بحر ومنه قول النابغة :
يصونون أجسادا قديمها نعيمها بخالصة الأردان خضر المناكب
فخالصة الأردان أي بيض الأكمام ، وخضر المناكب يعني من حمائل السيوف. سائغا للشاربين فيه وجهان: أحدهما: حلال للشاربين.
الثاني: معناه لا تعافه النفس. وقيل: إنه لا يغص أحد باللبن.
[ ص: 198 ] قوله عز وجل: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا فيها أربعة تأويلات: أحدها: أن السكر الخمر ، والرزق الحسن التمر والرطب والزبيب. وأنزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر ثم حرمت من بعد. قال السكر ما حرم من شرابه ، والرزق الحسن ما حل من ثمرته ، وبه قال ابن عباس: مجاهد وقتادة ومن ذلك قول وسعيد بن جبير : الأخطل
بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم إذا جرى فيهم المزاء والسكر
والسكر: الخمر ، والمزاء: نوع من النبيذ المسكر. واختلف من قال بهذا ؛ هل خرج مخرج الإباحة أو مخرج الخبر ؟ على وجهين: أحدهما: أنه خرج مخرج الإباحة ثم نسخ. قاله . قتادة
الثاني: أنه خرج مخرج الخبر أنهم يتخذون ذلك وإن لم يحل ، قاله . ابن عباس
الثاني: أن السكر: النبيذ المسكر ، والرزق الحسن التمر والزبيب ، قاله الشعبي وجعلها أهل والسدي. العراق دليلا على إباحة النبيذ.
الثالث: أن السكر الخل بلغة الحبشة ، والرزق الحسن الطعام.
الرابع: أن السكر ما طعم من الطعام وحل شربه من ثمار النخيل والأعناب وهو الرزق الحسن ، وبه قال وأنشد قول الشاعر : أبو جعفر الطبري
وجعلت عيب الأكرمين سكرا