إن الله عنده علم الساعة وينـزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير
34 - إن الله عنده علم الساعة أي : وقت قيامها وينـزل بالتشديد شامي ومدني وهو عطف على ما يقتضيه الظرف من الفعل تقديره: وعاصم وينزل إن الله يثبت عنده علم الساعة الغيث في إبانه من غير تقديم ولا تأخير ويعلم ما في الأرحام أذكر أم أنثى وتام أم ناقص؟ وما تدري نفس برة أو فاجرة ماذا تكسب غدا من خير أو شر وربما كانت عازمة على خير فعملت شرا أو عازمة على شر فعملت خيرا وما تدري نفس بأي أرض تموت أي : أين تموت؟ وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرحها فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها ، روي: أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه فقال الرجل من هذا؟ قال له : ملك الموت ، قال كأنه يريدني وسأل سليمان عليه السلام أن يحمله على الريح ويلقيه ببلاد الهند ففعل ثم قال ملك الموت لسليمان كان دوام نظري إليه تعجبا منه لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك وجعل العلم لله والدراية للعبيد ؛ لما في الدراية من معنى الختل والحيلة والمعنى: أنها لا تعرف وإن أعملت حيلها ما يختص بها [ ص: 723 ] ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما كان معرفة ما عداهما أبعد وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيث والموت فإنه يقول بالقياس والنظر في الطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيبا على أنه مجرد الظن والظن غير العلم ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعن مفاتح الغيب خمس وتلا هذه الآية - رضي الله عنهما - من ادعى علم هذه الخمسة فقد كذب ، ورأى ابن عباس المنصور في منامه صورة ملك الموت وسأله عن مدة عمره فأشار بأصابعه الخمس فعبرها المعبرون بخمس سنوات وبخمسة أشهر وبخمسة أيام فقال - رضي الله عنه - هو إشارة إلى هذه الآية فإن هذه العلوم الخمسة لا يعلمها إلا الله أبو حنيفة إن الله عليم بالغيوب خبير بما كان ويكون ، وعن رضي الله تعالى عنه "أكثروا قراءة سورة لقمان فإن فيها أعاجيب الزهري