الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      22 - وقال الشيطان لما قضي الأمر حكم بالجنة والنار لأهليهما وفرغ [ ص: 170 ] من الحساب ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وروي أن الشيطان يقوم عند ذلك خطيبا على منبر من نار فيقول لأهل النار إن الله وعدكم وعد الحق وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفى لكم بما وعدكم ووعدتكم بأن لا بعث ولا حساب ولا جزاء فأخلفتكم كذبتكم وما كان لي عليكم من سلطان من تسلط واقتدار إلا أن دعوتكم لكني دعوتكم إلى الضلالة بوسوستي وتزييني ، والاستثناء منقطع ؛ لأن الدعاء ليس من جنس السلطان فاستجبتم لي فأسرعتم إجابتي فلا تلوموني ؛ لأن من تجرد للعداوة لا يلام إذا دعا إلى أمر قبيح مع أن الرحمن قد قال لكم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ولوموا أنفسكم حيث اتبعتموني بلا حجة ولا برهان ، وقول المعتزلة: هذا دليل على أن الإنسان هو الذي يختار الشقاوة أو السعادة ويحصلها لنفسه وليس من الله إلا التمكين ولا من الشيطان إلا التزيين باطل لقوله "لو هدانا الله" أي إلى الإيمان "لهديناكم" كما مر ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي لا ينجي بعضنا بعضا من عذاب الله ولا يغيثه ، والإصراخ: الإغاثة ، "بمصرخي" حمزة إتباعا للخاء . غيره بفتح الياء لئلا تجتمع الكسرة والياءان بعد كسرتين وهو جمع مصرخ فالياء الأولى ياء الجمع والثانية ضمير المتكلم إني كفرت بما أشركتمون وبالياء بصري وما مصدرية من قبل متعلق بأشركتموني أي : كفرت اليوم بإشراككم إياي مع الله من قبل هذا اليوم أي : في الدنيا كقوله "ويوم القيامة يكفرون بشرككم" ومعنى كفره بإشراكهم إياه تبرؤه منه واستنكاره له كقوله إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم أو "من قبل" متعلق بكفرت وما موصولة أي : كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالذي أشركتمونيه وهو الله عز وجل تقول أشركني فلان أي : جعلني له شريكا ومعنى إشراكهم الشيطان بالله طاعتهم له فيما كان يزينه لهم من عبادة الأوثان وهذا [ ص: 171 ] آخر قول الشيطان ، وقوله إن الظالمين لهم عذاب أليم قول الله عز وجل ، وقيل هو من تمام كلام إبليس وإنما حكى الله عز وجل ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون لطفا للسامعين

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية