وقوله تعالى - اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم اقتضت الآية النهي عن بعض الظن لا عن جميعه ؛ لأن قوله : كثيرا من الظن يقتضي البعض وعقبه بقوله إن بعض الظن إثم فدل أنه لم ينه عن جمعيه وقال في آية أخرى : وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وقال : وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا فأما الظن المحظور فهو سوء الظن بالله - تعالى - حدثنا فالظن على أربعة أضرب : محظور ومأمور به ومندوب إليه ومباح قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع معاذ بن المثنى ومحمد بن محمد بن حيان التمار قالا : حدثنا محمد بن كثير : حدثنا عن سفيان عن الأعمش أبي سفيان عن قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث يقول : جابر . وحدثنا لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع أبو سعيد يحيى بن منصور الهروي قال حدثنا سويد بن نصر قال : حدثنا عن ابن المبارك هشام بن الغازي عن حبان بن أبي [ ص: 288 ] النصر قال : سمعت يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله : واثلة بن الأسقع وحدثنا أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء . محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة محمد بن واسع عن شتير يعني ابن نهار عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي هريرة وهو مرفوع في حديث حسن الظن من العبادة نصر بن علي غير مرفوع في حديث . موسى بن إسماعيل
فحسن الظن بالله فرض وسوء الظن به محظور منهي وكذلك سوء الظن بالمسلمين الذين ظاهرهم العدالة محظور مزجور عنه ، وهو من الظن المحظور المنهي عنه . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا قال : حدثنا أبو داود أحمد بن محمد المروزي قال : حدثنا قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري علي بن حسين عن قالت : صفية فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها أسامة بن زيد قالا : - سبحان الله - يا رسول الله قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجري الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال سوءا صفية بنت حيي . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته وقمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار
وحدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا معاذ بن المثنى عبد الرحمن قال : حدثنا وهيب قال : حدثنا عن أبيه عن ابن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة فهذا من الظن المحظور ، وهو ظنه بالمسلم سوءا من غير سبب يوجبه ، وكل ظن فيما له سبيل إلى معرفته مما تعبد بعلمه فهو محظور ؛ لأنه لما كان متعبدا تعبد بعلمه ونصب له الدليل عليه فلم يتبع الدليل وحصل على الظن كان تاركا للمأمور به ؛ وأما ما لم ينصب له عليه دليل يوصله إلى العلم به ، وقد تعبد بتنفيذ الحكم فيه فالاقتصار على غالب الظن ، وإجراء الحكم عليه واجب . إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث
وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول شهادة العدول وتحري القبلة وتقويم المستهلكات وأروش الجنايات التي لم يرد بمقاديرها توقيف ، فهذه وما كان من نظائرها قد تعبدنا فيها بتنفيذ أحكام غالب الظن وأما الظن المباح فالشكاك في الصلاة أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالتحري والعمل على ما يغلب في ظنه ، فلو غلب ظنه كان مباحا ، وإن عدل عنه إلى البناء على اليقين كان جائزا ، ونحوه ما روي عن رضي الله عنه أنه قال أبي بكر الصديق : إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا بالعالية ، وإنك لم تكوني حزتيه ولا قبضتيه ، وإنما هو مال الوارث ، وإنما هما أخواك وأختاك ، قال : فقلت : إنما هي لعائشة فقال : ألقي في روعي أن [ ص: 289 ] ذا بطن خارجة جارية فاستجاز هذا الظن لما وقع في قلبه . أسماء
وحدثنا قال : حدثنا عبد الباقي بن قانع إسماعيل بن الفضل قال : حدثنا هشام بن عمار عن عبد الرحمن بن سعد عن عبد الله بن سعيد عن أبيه عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة فهذا من الظن الذي يعرض بقلب الإنسان في أخيه مما يوجب الريبة فلا ينبغي أن يحققه ، وأما الظن المندوب إليه فهو حسن الظن بالأخ المسلم ، هو مندوب إليه مثاب عليه . إذا ظننتم فلا تحققوا
فإن قيل : إذا كان سوء الظن محظورا فواجب أن يكون حسن الظن واجبا قيل له : لا يجب ذلك ؛ لأن بينهما واسطة ، وهو أن لا يظن به شيئا فإذا أحسن الظن به فقد فعل مندوبا إليه .