ولما قدم في هذه السورة ما ذكر من قصص الأولين وأخبار
[ ص: 374 ] الماضين، مبكتا بذلك من أمر
قريش بالتعنت من اليهود، فلم يقدروا على إنكار شيء منه ولا توجيه طعن إليه، وخلله ببدائع الحكم، وغرائب المواعظ في أرشق الكلم، وختم ذلك بأعظم داع إلى التقوى، عجب منهم في كونهم لا يذعنون للحق أنفة من المجاهرة بالباطل، أو خوفا من سوء العواقب، فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31011_34202_34513_28991nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وقالوا ولعله عطف على ما يقدر في حيز قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128أفلم يهد لهم إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128إن في ذلك لآيات من أن يقال: وقد أبوا ذلك ولم يعدوا شيئا منه آية:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133لولا أي هلا ولم لا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133يأتينا [أي
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم -]
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133بآية [أي مثل آيات الأولين-]
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133من ربه المحسن إليه، دالة على صدقه.
ولما تضمن هذا أنهم لم يعدوا شيئا من هذه البينات - التي أدلى بها على من تقدمه - آية مكابرة، استحقوا الإنكار، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم أي ألم يأتهم من الآيات في هذا القرآن مما خصصتك به من الأحكام والحكم في أبلغ المعاني بأرشق النظوم ما أعجز بلغاءهم، وأبكم فصحاءهم، فدل قطعا على أنه كلامي،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أولم تأتهم بينة ما أي الأخبار التي
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133في الصحف الأولى من صحف
إبراهيم وموسى وعيسى وداود عليهم السلام في التوراة والإنجيل والزبور وغير ذلك من الكتب الإلهية
[ ص: 375 ] كقصتي
آدم وموسى المذكورتين في هذه السورة وغيرهما مما تقدم قصه لها كما هي عند أهلها على وجوه لا يعلمها إلا قليل من حذاقهم من غير أن يخالط عالما منهم أو من غيرهم، ومن غير أن يقدر أحد منهم على معارضة ما أتى به في قصتها من النظم المنتج قطعا أنه [لا -] معلم له إلا الله المرسل له، وأن ما أتى به منها شاهد لما في الصحف الأولى من ذلك بالصدق، لأنه كلام الله، فهو بينة على غيره لإعجازه، فجميع الكتب الإلهية مفتقرة إلى شهادته افتقار المحتج عليه إلى شهادة الحجة، ولا افتقار له بعد العجز عنه إلى شيء أصلا، فهو أعظم من آيات جميع [الأنبياء -] اللاتي يطلبون مثلها بما لا يقايس.
وَلَمَّا قَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا ذَكَرَ مِنْ قِصَصِ الْأَوَّلِينَ وَأَخْبَارِ
[ ص: 374 ] الْمَاضِينَ، مُبَكِّتًا بِذَلِكَ مِنْ أَمْرِ
قُرَيْشٍ بِالتَّعَنُّتِ مِنَ الْيَهُودِ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى إِنْكَارِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا تَوْجِيهِ طَعْنٍ إِلَيْهِ، وَخَلَّلَهُ بِبَدَائِعِ الْحِكَمِ، وَغَرَائِبِ الْمَوَاعِظِ فِي أَرْشَقِ الْكَلِمِ، وَخَتَمَ ذَلِكَ بِأَعْظَمِ دَاعٍ إِلَى التَّقْوَى، عَجِبَ مِنْهُمْ فِي كَوْنِهِمْ لَا يُذْعِنُونَ لِلْحَقِّ أَنَفَةً مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ خَوْفًا مِنْ سُوءِ الْعَوَاقِبِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=30549_31011_34202_34513_28991nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133وَقَالُوا وَلَعَلَّهُ عَطَفَ عَلَى مَا يُقَدَّرُ فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=128إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ مِنْ أَنْ يُقَالَ: وَقَدْ أَبَوْا ذَلِكَ وَلَمْ يَعُدُّوا شَيْئًا مِنْهُ آيَةً:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133لَوْلا أَيْ هَلَّا وَلِمَ لَا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133يَأْتِينَا [أَيْ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -]
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133بِآيَةٍ [أَيْ مِثْلِ آيَاتِ الْأَوَّلِينَ-]
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133مِنْ رَبِّهِ الْمُحْسِنِ إِلَيْهِ، دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ.
وَلَمَّا تَضَمَّنَ هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْبَيِّنَاتِ - الَّتِي أَدْلَى بِهَا عَلَى مَنْ تَقَدَّمَهُ - آيَةً مُكَابَرَةً، اسْتَحَقُّوا الْإِنْكَارَ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ أَيْ أَلَمْ يَأْتِهِمْ مِنَ الْآيَاتِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِمَّا خَصَصْتُكَ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحِكَمِ فِي أَبْلَغِ الْمَعَانِي بِأَرْشَقِ النُّظُومِ مَا أَعْجَزَ بُلَغَاءَهُمْ، وَأَبْكَمَ فُصَحَاءَهُمْ، فَدَلَّ قَطْعًا عَلَى أَنَّهُ كَلَامِي،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا أَيِ الْأَخْبَارُ الَّتِي
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=133فِي الصُّحُفِ الأُولَى مِنْ صُحُفِ
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَدَاوُدَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ
[ ص: 375 ] كَقِصَّتَيْ
آدَمَ وَمُوسَى الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ قَصُّهُ لَهَا كَمَا هِيَ عِنْدَ أَهْلِهَا عَلَى وُجُوهٍ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا قَلِيلٌ مِنْ حُذَّاقِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَالِطَ عَالِمًا مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى مُعَارَضَةِ مَا أَتَى بِهِ فِي قِصَّتِهَا مِنَ النَّظْمِ الْمُنْتِجِ قَطْعًا أَنَّهُ [لَا -] مُعَلِّمَ لَهُ إِلَّا اللَّهَ الْمُرْسِلَ لَهُ، وَأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْهَا شَاهِدٌ لِمَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى مِنْ ذَلِكَ بِالصِّدْقِ، لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، فَهُوَ بَيِّنَةٌ عَلَى غَيْرِهِ لِإِعْجَازِهِ، فَجَمِيعُ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى شَهَادَتِهِ افْتِقَارَ الْمُحْتَجِّ عَلَيْهِ إِلَى شَهَادَةِ الْحُجَّةِ، وَلَا افْتِقَارَ لَهُ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ إِلَى شَيْءٍ أَصْلًا، فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ آيَاتِ جَمِيعِ [الْأَنْبِيَاءِ -] اللَّاتِي يَطْلُبُونَ مِثْلَهَا بِمَا لَا يُقَايَسُ.