ولما أبطل تعالى وجوه طعنهم في المرسل به والمرسل من جهة جهلهم مرة، ومن جهة ادعائهم البطلان أخرى، نبههم على وجه آخر هم أعرف الناس ببطلانه ليثبت المدعى من الصحة إذا انتفت وجوه المطاعن فقال منكرا: أم تسألهم أي على ما جئتهم به خرجا قال [ ص: 169 ] : أجرا وجعلا، وقال البغوي ابن مكتوم في الجمع بين العباب والمحكم: والخرج والخراج شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم، والخراج غلة العبد والأمة، وقال : الخراج: الفيء، والخرج: الضريبة والجزية، وقال الزجاج الأصبهاني : سئل فقال: الخراج ما لزمك ووجب عليك أداؤه، والخرج ما تبرعت به من غير وجوب. أبو عمرو بن العلاء
ولما كان الإنكار معناه النفي، حسن موقع فاء السبب في قوله: فخراج أي أم تسألهم ذلك ليكون سؤالك سببا لاتهامك وعدم سؤالك، بسبب أن خراج ربك الذي لم تقصد غيره قط ولم تخل عن بابه وقتا ما خير من خراجهم، لأن خراجه غير مقطوع ولا ممنوع عن أحد من عباده المسيئين فكيف بالمحسنين! وكأنه سماه خراجا إشارة إلى أنه أوجب رزق كل أحد على نفسه بوعد لا خلف فيه وهو خير الرازقين فإنه يعلم ما يصلح كل مرزوق وما يفسده، فيعطيه على حسب ما يعلم منه ولا يحوجه إلى سؤال.