ولما أتم سبحانه ما ذكر من أقوالهم الناشئة عن ضلالهم، التفت سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم مسليا له فقال: انظر ثم أشار إلى التعجب منهم بأن ما قالوه يستحق الاستفهام بقوله: كيف ضربوا وقدم ما به العناية فقال: لك الأمثال فجعلوك تارة مثلهم في الاحتياج إلى الغذاء، وتارة نظيرهم في التوسل إلى التوصل إلى الأرباح والفوائد، بلطيف الحيلة وغريز العقل، وتارة [ ص: 347 ] مغلوب العقل مختلط المزاج تأتي بما لا يرضى به عاقل، وتارة ساحرا تأتي بما يعجز عنه قواهم، وتحير فيه أفكارهم فضلوا أي عن جميع طرق العدل، وسائر أنحاء البيان بسبب ذلك فلم يجدوا قولا يستقرون عليه وأبعدوا جدا فلا يستطيعون في الحال ولا في المآل، بسبب هذا الضلال سبيلا أي سلوك سبيل من السبل الموصلة إلى ما يستحق أن يقصد، بل هم في مجاهل موحشة، وفيافي مهلكة.