وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون
قوله تعالى : " وجاءت سيارة " أي : قوم يسيرون " فأرسلوا واردهم " قال : أنث السيارة وذكر الوارد ، لأن السيارة في المعنى للرجال . وقال الأخفش : الوارد : الذي يرد الماء ليستقي للقوم . الزجاج
[ ص: 194 ] وفي اسم هذا الوارد قولان :
أحدهما : مالك بن ذعر بن يؤيب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم ، قاله عن أبو صالح . والثاني : ابن عباس مجلث بن رعويل ، قاله . وهب بن منبه
قوله تعالى : " فأدلى دلوه " أي : أرسلها . قال : يقال أدليت الدلو : إذا أرسلتها لتملأها ، ودلوتها : إذا أخرجتها . " قال يا بشراي " قرأه الزجاج ، ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : " يا بشراي " بفتح الياء وإثبات الألف . وروى وابن عامر عن ورش " بشراي " و " محياي " [الأنعام :162] و نافع مثواي [يوسف :23] بسكون الياء . وقرأ ، عاصم ، وحمزة " يا بشرى " بألف بغير ياء . والكسائي بفتح الراء ، وعاصم ، وحمزة يميلانها . قال والكسائي : من قرأ يا " بشراي " فهذا النداء تنبيه للمخاطبين ، لأن البشرى لا تجيب ولا تعقل ; فالمعنى : أبشروا ، ويا أيتها البشرى هذا من أوانك ، وكذلك إذا قلت : يا عجباه ، فكأنك قلت : اعجبوا ، ويا أيها العجب هذا من حينك ; وقد شرحنا هذا المعنى [هود: 69 و74] . الزجاج
فأما قراءة من قرأ " يا بشرى " فيجوز أن يكون المعنى : يا من حضر ، هذه بشرى . ويجوز أن يكون المعنى : يا بشرى هذا أوانك على ما سبق بيانه من تنبيه الحاضرين . وذكر أنه نادى بذاك أحدهم وكان اسمه بشرى . وقال السدي : يجوز فيه هذه الأقوال ، ويجوز أن يكون اسم امرأة . وقرأ ابن الأنباري ، أبو رجاء : " يا بشري " بتشديد الياء وفتحها من غير ألف . قال وابن أبي عبلة : لما أدلى دلوه ; تعلق ابن عباس يوسف بالحبل فنظر إليه فإذا غلام أحسن ما يكون من الغلمان ، فقال لأصحابه : البشرى ، فقالوا : ما وراءك ؟ قال : هذا غلام في البئر ، فأقبلوا يسألونه الشركة فيه ، واستخرجوه من الجب ، [ ص: 195 ] فقال بعضهم لبعض : اكتموه عن أصحابكم لئلا يسألوكم الشركة فيه ، فإن قالوا : ما هذا ؟ فقولوا : استبضعناه أهل الماء لنبيعه لهم بمصر ; فجاء إخوة يوسف فطلبوه فلم يجدوه في البئر ، فنظروا ، فإذا هم بالقوم ومعهم يوسف ، فقالوا لهم : هذا غلام أبق منا ، فقال مالك بن ذعر : فأنا أشتريه منكم ، فباعوه بعشرين درهما وحلة ونعلين ، وأسره مالك بن ذعر من أصحابه ، وقال : استبضعناه أهل الماء لنبيعه لهم بمصر .
قوله تعالى : " وأسروه بضاعة " قال : " بضاعة " منصوب على الحال كأنه قال : وأسروه جاعليه بضاعة . وقال الزجاج : أسروا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة . في الفاعلين لذاك قولان : ابن قتيبة
أحدهما : أنهم واردو الجب : أسروا ابتياعه عن باقي أصحابهم ، وتواصوا أنه بضاعة استبضعهم إياها أهل الماء ، وقد ذكرنا هذا المعنى عن ، وبه قال ابن عباس . مجاهد
والثاني : أنهم إخوته ، أسروا أمره ، وباعوه ، وقالوا : هو بضاعة لنا ، وهذا المعنى مروي عن أيضا . ابن عباس
قوله تعالى : " والله عليم بما يعملون " يعم الباعة والمشترين .