وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين
قوله تعالى : " وقال للذي ظن أنه ناج منهما " يعني الساقي .
وفي هذا الظن قولان :
أحدهما : أنه بمعنى العلم ، قاله . والثاني : أنه الظن الذي يخالف اليقين ، قاله ابن عباس . قتادة
قوله تعالى : " اذكرني عند ربك " أي : عند صاحبك ، وهو الملك ، وقل له : إن في السجن غلاما حبس ظلما . واسم الملك الوليد بن الريان .
قوله تعالى : " فأنساه الشيطان ذكر ربه " فيه قولان :
أحدهما : فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه ، قاله عن أبو صالح ، وبه قال ابن عباس . ابن إسحاق
والثاني : فأنسى الشيطان يوسف ذكر ربه ، وأمره بذكر الملك ابتغاء الفرج من عنده ، قاله ، مجاهد ، ومقاتل ، وهذا نسيان عمد ، لا نسيان سهو ، وعكسه القول الذي قبله . والزجاج
[ ص: 228 ] قوله تعالى : " فلبث في السجن بضع سنين " أي : غير ما كان قد لبث قبل ذلك ، عقوبة له على تعلقه بمخلوق .
وفي البضع تسعة أقوال :
أحدها : ما بين السبع والتسع ، روى ابن عباس لما ناحب أبا بكر قريشا عند نزول الم غلبت الروم [الروم 1،2] قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا احتطت ، فإن البضع ما بين السبع إلى التسع " . والثاني : اثنتا عشرة سنة ، قاله أن عن الضحاك . والثالث : سبع سنين ، قاله ابن عباس . والرابع : أنه ما بين الخمس إلى السبع ، قاله عكرمة . والخامس : أنه ما بين الأربع إلى التسع ، قاله الحسن . والسادس : ما بين الثلاث إلى التسع ، قاله مجاهد ، الأصمعي . والسابع : أن يكون البضع بين الثلاث والتسع والعشر ، قاله والزجاج . والثامن : أنه ما دون العشرة ، قاله قتادة ، وقال الفراء : البضع : من واحد إلى عشرة . والتاسع : أنه ما لم يبلغ العقد ولا نصفه ، قاله الأخفش . قال أبو عبيدة : يعني ما بين الواحد إلى الأربعة . وروى ابن قتيبة عن الأثرم : البضع : ما بين ثلاث وخمس . أبي عبيدة
وفي جملة ما لبث في السجن ثلاثة أقوال :
أحدها : اثنتا عشرة سنة ، قاله . والثاني : أربع عشرة ، قاله ابن عباس . والثالث : سبع سنين ، قاله الضحاك . قال قتادة : لما قال مالك بن دينار يوسف [ ص: 229 ] للساقي " اذكرني عند ربك " ، قيل له : يا يوسف ، أتخذت من دوني وكيلا ؟ لأطيلن حبسك ، فبكى ، وقال : يارب ، أنسى قلبي كثرة البلوى ، فقلت كلمة ، فويل لإخوتي .