قوله تعالى : " ويسبح الرعد بحمده " فيه قولان : [ ص: 314 ] أحدهما : أنه اسم الملك الذي يزجر السحاب ، وصوته : تسبيحه ، قاله . مقاتل
والثاني : أنه الصوت المسموع . وإنما خص الرعد بالتسبيح ، لأنه من أعظم الأصوات . قال : وإخباره عن الصوت بالتسبيح مجاز ، كما يقول القائل : قد غمني كلامك . ابن الأنباري
قوله تعالى : " والملائكة من خيفته " في هاء الكناية قولان :
أحدهما : أنها ترجع إلى الله عز وجل ، وهو الأظهر . قال : يخافون الله ، وليس كخوف ابن ابن عباس آدم ، لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره ، ولا يشغله عن عبادة الله شيء .
والثاني : أنها ترجع إلى الرعد ، ذكره . الماوردي
قوله تعالى : " ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء " اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها نزلت في أربد بن قيس ، وعامر بن الطفيل ، أتيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان الفتك به ، فقال : " اللهم اكفنيهما بما شئت " ، فأما أربد فأرسل الله عليه صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته ، وأما عامر فأصابته غدة فهلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، هذا قول الأكثرين ، منهم ، ابن جريج وأربد هو أخو لبيد بن ربيعة لأمه .
[ ص: 315 ] والثاني : أنها نزلت في رجل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حدثني يا محمد عن إلهك : أياقوت هو ؟ أذهب هو ؟ فنزلت على السائل صاعقة فأحرقته ، ونزلت هذه الآية ، قاله علي عليه السلام . قال : وكان يهوديا . وقال مجاهد : أنس بن مالك العرب يدعوه إلى الله تعالى ، فقال للرسول : وما الله ، أمن ذهب هو ، أم من فضة ، أم من نحاس ؟ فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : " ارجع إليه فادعه " فرجع ، فأعاد عليه الكلام ، إلى أن رجع إليه ثالثة ، فبينما هما يتراجعان الكلام ، إذ بعث الله سحابة حيال رأسه ، فرعدت ووقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، ونزلت هذه الآية . بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض فراعنة
والثالث : أنها في رجل أنكر القرآن وكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته ، ونزلت هذه الآية ، قاله . قتادة
قوله تعالى : " وهم يجادلون في الله " فيه قولان :
أحدهما : يكذبون بعظمة الله ، قاله . ابن عباس
والثاني : يخاصمون في الله ، حيث قال قائلهم : أهو من ذهب ، أم من فضة ؟ على ما تقدم بيانه .
قوله تعالى : " وهو شديد المحال " فيه خمسة أقوال :
[ ص: 316 ] أحدها : شديد الأخذ ، قاله علي عليه السلام .
والثاني : شديد المكر ، شديد العداوة ، رواه عن الضحاك . ابن عباس
والثالث : شديد العقوبة ، قاله عن أبو صالح ، وقال ابن عباس في رواية عنه : شديد الانتقام . وقال مجاهد : شديد العقوبة والمكر والنكال ، وأنشد أبو عبيدة للأعشى :
فرع نبع يهتز في غصن المجـ ـد ، غزير الندى ، شديد المحال
إن يعاقب يكن غراما وإن يعـ
ـط جزيلا فإنه لا يبالي
وقال : شديد المكر واليد ، وأصل المحال : الحيلة ابن قتيبة
والرابع : شديد القوة ، قاله . قال مجاهد : يقال : ماحلته محالا : إذا قاويته حتى تبين له أيكما الأشد ، والمحل في اللغة : الشدة . الزجاج
والخامس : شديد الحقد ، قاله فيما سمعناه عنه مسندا من طرق ، وقد رواه عنه جماعة من المفسرين منهم الحسن البصري ، ابن الأنباري والنقاش ، ولا يجوز هذا في صفات الله تعالى . قال : هذا قول منكر عند أهل الخبر والنظر في اللغة لا يجوز أن تكون هذه صفة من صفات الله عز وجل . والذي أختاره في هذا ما قاله النقاش علي عليه السلام : شديد الأخذ ، يعني : أنه إذا أخذ الكافر والظالم لم يفلته من عقوباته .