وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل [ ص: 357 ] الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام قوله تعالى : " وقال الشيطان " قال المفسرون : يعني به إبليس ، " لما قضي الأمر " أي : فرغ منه ، فدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، فحينئذ يجتمع أهل النار باللوم على إبليس ، فيقوم فيما بينهم خطيبا ويقول : " إن الله وعدكم وعد الحق " أي : وعدكم كون هذا اليوم فصدقكم " ووعدتكم " أنه لا يكون " فأخلفتكم " الوعد " وما كان لي عليكم من سلطان " أي : ما أظهرت لكم حجة على ما ادعيت . وقال بعضهم : ما كنت أملككم فأكرهكم " إلا أن دعوتكم " وهذا من الاستثناء المنقطع ، والمعنى : لكن دعوتكم " فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم " حيث أجبتموني من غير برهان ، " ما أنا بمصرخكم " أي : بمغيثكم " وما أنتم بمصرخي " أي : بمغيثي . قرأ " بمصرخي " فحرك الياء إلى الكسر ، وحركها الباقون إلى الفتح . قال حمزة قطرب : هي لغة في بني يربوع ، يعني : قراءة . قال اللغويون : يقال : استصرخني فلان فأصرخته ، أي : استغاثني فأغثته . " حمزة إني كفرت " اليوم بإشراككم إياي في الدنيا مع الله في الطاعة ، " إن الظالمين " يعني : المشركين .
قوله تعالى : " بإذن ربهم " أي : بأمر ربهم . وقوله : " تحيتهم فيها سلام " قد ذكرناه في (يونس :10) .