ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا
قوله تعالى: ليس بأمانيكم في سبب نزولها ثلاثة أقوال . .
أحدها: أن أهل الأديان اختصموا ، فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء ، وقال أهل الإنجيل مثل ذلك ، وقال المسلمون: كتابنا نسخ كل كتاب ، ونبينا خاتم الأنبياء ، فنزلت هذه الآية ، ثم خير بين [ ص: 209 ] الأديان بقوله: ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله رواه عن العوفي ، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عباس ، مسروق ، وأبو صالح ، وقتادة ، والسدي .
والثاني: أن العرب قالت: لا نبعث ، ولا نعذب ، ولا نحاسب ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول مجاهد .
والثالث: أن اليهود والنصارى قالوا: لا يدخل الجنة غيرنا ، وقالت قريش: لا نبعث ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عكرمة .
قال : اسم "ليس" مضمر ، والمعنى: ليس ثواب الله عز وجل بأمانيكم ، وقد جرى ما يدل على الثواب ، وهو قوله: الزجاج سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار . وفي المشار إليهم بقوله "أمانيكم" قولان .
أحدهما: أنهم المسلمون على قول الأكثرين .
والثاني: المشركون على قول فأما أماني المسلمين ، فما نقل من قولهم: كتابنا ناسخ للكتب ، ونبينا خاتم الأنبياء ، وأماني المشركين قولهم: لا نبعث ، وأماني أهل الكتاب قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه ، وإن النار لا تمسنا إلا أياما معدودة ، وإن كتابنا خير الكتب ، ونبينا خير الأنبياء ، فأخبر الله عز وجل أن دخول الجنة والجزاء بالأعمال لا بالأماني . وفي المراد "بالسوء" قولان . مجاهد .
أحدهما: أنه المعاصي ، ومنه حديث أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية؟ أبي بكر الصديق (من يعمل سوءا يجز به) فإذا عملنا سوءا جزينا [ ص: 210 ] به فقال: غفر الله لك يا ألست تمرض ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به . أبا بكر ،
والثاني: أنه الشرك ، قاله ابن عباس ، وفي هذا الجزاء قولان . أحدهما: أنه عام في كل من عمل سوءا فإنه يجازى به ، وهو معنى قول ويحيى بن أبي كثير . أبي بن كعب ، واختاره وعائشة ، واستدل عليه بحديث ابن جرير ، أبي بكر الذي قدمناه .
والثاني: أنه خاص في الكفار يجازون بكل ما فعلوا ، فأما المؤمن فلا يجازى بكل ما جنى ، قاله وقال الحسن البصري . ابن زيد: وعد الله المؤمنين أن يكفر عنهم سيآتهم ، ولم يعد المشركين .
قوله تعالى: ولا يجد له من دون الله وليا قال لا يجد من أراد الله أن يجزيه بشيء من عمله وليا ، وهو القريب ، ولا ناصرا يمنعه من عذاب الله وجزائه . أبو سليمان: