قوله تعالى: إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فيه قولان .
أحدهما: إني أريد أن ترجع بإثم قتلي وإثمك الذي في عنقك ، هذا قول ابن مسعود ، وابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك .
والثاني: أن تبوء بإثمي في خطاياي ، وإثمك في قتلك لي ، وهو مروي عن أيضا . قال مجاهد والصحيح عن ابن جرير: القول الأول . وقد روى [ ص: 336 ] مجاهد البخاري ، في "صحيحيهما" من حديث ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ابن مسعود فإن قيل: كيف أراد "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه كان أول من سن القتل" هابيل وهو من المؤمنين أن يبوء قابيل بالإثم وهو معصية ، والمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟ فعنه ثلاثة أجوبة .
أحدها: أنه ما أراد لأخيه الخطيئة ، وإنما أراد: إن قتلتني أردت أن تبوء بالإثم ، وإلى هذا المعنى ذهب . الزجاج
والثاني: أن في الكلام محذوفا ، تقديره: إني أريد أن لا تبوء بإثمي وإثمك ، فحذف "لا" كقوله: وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم [لقمان: 10] أي: أن لا تميد بكم ، ومنه قول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي
أراد: لا أبرح . وهذا مذهب ثعلب .
[ ص: 337 ] والثالث: أن المعنى: أريد زوال أن تبوء بإثمي وإثمك ، وبطلان أن تبوء بإثمي وإثمك ، فحذف ذلك ، وقامت "أن" مقامه ، كقوله: وأشربوا في قلوبهم العجل [البقرة: 93] أي: حب العجل ، ذكره والذي قبله ابن الأنباري .
قوله تعالى: وذلك جزاء الظالمين الإشارة إلى مصاحبة النار .