[ ص: 116 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل في
nindex.php?page=treesubj&link=28705الشفاعة المنفية في القرآن : كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=2واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } . وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=132&ayano=2ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فما لنا من شافعين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26ولا صديق حميم } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4191&ayano=40ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } . وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1014&ayano=7يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل } وأمثال ذلك .
واحتج بكثير منه
الخوارج والمعتزلة على منع
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشفاعة لأهل الكبائر إذ منعوا أن يشفع لمن يستحق العذاب أو أن يخرج من النار من يدخلها ولم ينفوا الشفاعة لأهل الثواب في زيادة الثواب . ومذهب سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة : إثبات الشفاعة لأهل الكبائر والقول بأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان . وأيضا : فالأحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة : فيها - استشفاع أهل الموقف ليقضى بينهم وفيهم المؤمن والكافر وهذا فيه
[ ص: 117 ] نوع شفاعة للكفار . وأيضا : ففي الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595116عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء ؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك قال : نعم هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار } وعن
عبد الله بن الحارث قال : سمعت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595117العباس يقول : قلت يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك ؟ قال : نعم ; وجدته في غمرات من نار فأخرجته إلى ضحضاح . } وعن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595118أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر عنده عمه أبو طالب فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه } . فهذا نص صحيح صريح لشفاعته في بعض الكفار أن يخفف عنه العذاب بل في أن يجعل أهون أهل النار عذابا كما في الصحيح أيضا عن
ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8690أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه } . وعن
أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595119إن أدنى أهل النار عذابا منتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه } وعن
النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595120إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه } وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595121إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وإنه لأهونهم عذابا . }
[ ص: 118 ] وهذا السؤال الثاني يضعف جواب من تأول نفي الشفاعة على
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشفاعة للكفار وإن الظالمين هم الكافرون . فيقال : الشفاعة المنفية هي الشفاعة المعروفة عند الناس عند الإطلاق وهي أن يشفع الشفيع إلى غيره ابتداء فيقبل شفاعته فأما إذا أذن له في أن يشفع فشفع ; لم يكن مستقلا بالشفاعة بل يكون مطيعا له أي تابعا له في الشفاعة وتكون شفاعته مقبولة ويكون الأمر كله للآمر المسئول .
وقد ثبت بنص القرآن في غير آية : أن أحدا لا يشفع عنده إلا بإذنه . كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } وأمثال ذلك . والذي يبين أن هذه هي الشفاعة المنفية : أنه قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=846&ayano=6وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3539&ayano=32الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع } فأخبر أنه ليس لهم من دون الله ولي ولا شفيع .
وأما نفي الشفاعة بدون إذنه : فإن الشفاعة إذا كانت بإذنه لم تكن من دونه كما أن الولاية التي بإذنه ليست من دونه ; كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=729&ayano=5إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون nindex.php?page=tafseer&surano=730&ayano=5ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } . وأيضا فقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4140&ayano=39أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=4141&ayano=39قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض } فذم الذين اتخذوا من دون الله شفعاء وأخبر أن لله الشفاعة جميعا ; فعلم أن الشفاعة منتفية عن غيره إذ لا يشفع أحد إلا بإذنه وتلك فهي له .
وقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } . ومما يوضح ذلك : أنه نفى يومئذ الخلة بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون } ومعلوم أنه إنما نفى الخلة المعروفة ونفعها المعروف كما ينفع الصديق الصديق في الدنيا كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5928&ayano=82وما أدراك ما يوم الدين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5929&ayano=82ثم ما أدراك ما يوم الدين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5930&ayano=82يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4188&ayano=40لينذر يوم التلاق } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4189&ayano=40يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } . لم ينف أن يكون في الآخرة خلة نافعة بإذنه فإنه قد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4435&ayano=43الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4436&ayano=43يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } الآيات .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11588حقت محبتي للمتحابين في } " ويقول الله تعالى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9078أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي } . فتعين أن الأمر كله عائد إلى تحقيق التوحيد وأنه لا ينفع أحد ولا يضر إلا بإذن الله وأنه لا يجوز أن يعبد أحد غير الله ولا يستعان به من دون الله وأنه يوم القيامة يظهر لجميع الخلق أن الأمر كله لله ويتبرأ كل مدع من
[ ص: 120 ] دعواه الباطلة فلا يبقى من يدعي لنفسه معه شركا في ربوبيته أو إلهيته ولا من يدعي ذلك لغيره بخلاف الدنيا ; فإنه وإن لم يكن رب ولا إله إلا هو فقد اتخذ غيره ربا وإلها وادعى ذلك مدعون .
وفي الدنيا يشفع الشافع عند غيره وينتفع بشفاعته وإن لم يكن أذن له في الشفاعة ويكون خليله فيعينه ويفتدي نفسه من الشر فقد ينتفع بالنفوس والأموال في الدنيا ، النفوس ينتفع بها تارة بالاستقلال وتارة بالإعانة وهي الشفاعة ، والأموال بالفداء فنفى الله هذه الأقسام الثلاثة . قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=2لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة } كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3533&ayano=31لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا } . فهذا هذا والله أعلم .
وعاد ما نفاه الله من الشفاعة إلى تحقيق أصلي الإيمان وهي الإيمان بالله وباليوم الآخر التوحيد والمعاد كما قرن بينهما في مواضع كثيرة . كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=165&ayano=2الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3528&ayano=31ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } . وأمثال ذلك .
[ ص: 116 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28705الشَّفَاعَةِ الْمَنْفِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ : كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=2وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } . وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=132&ayano=2وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3058&ayano=26فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3059&ayano=26وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4191&ayano=40مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } . وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1014&ayano=7يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .
وَاحْتَجَّ بِكَثِيرِ مِنْهُ
الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ عَلَى مَنْعِ
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ إذْ مَنَعُوا أَنْ يَشْفَعَ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ أَوْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ النَّارِ مَنْ يَدْخُلُهَا وَلَمْ يَنْفُوا الشَّفَاعَةَ لِأَهْلِ الثَّوَابِ فِي زِيَادَةِ الثَّوَابِ . وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَسَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ : إثْبَاتُ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ . وَأَيْضًا : فَالْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّفَاعَةِ : فِيهَا - اسْتِشْفَاعُ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لِيُقْضَى بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَهَذَا فِيهِ
[ ص: 117 ] نَوْعُ شَفَاعَةٍ لِلْكُفَّارِ . وَأَيْضًا : فَفِي الصَّحِيحِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595116عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْت أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءِ ؟ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَك قَالَ : نَعَمْ هُوَ فِي ضِحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ } وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : سَمِعْت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595117الْعَبَّاسَ يَقُولُ : قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنْ نَارٍ فَأَخْرَجْتُهُ إلَى ضِحْضَاحٍ . } وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595118أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ : لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضِحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ } . فَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ لِشَفَاعَتِهِ فِي بَعْضِ الْكُفَّارِ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُ الْعَذَابُ بَلْ فِي أَنْ يُجْعَلَ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا كَمَا فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8690أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ } . وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ الخدري : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595119إنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ } وَعَنْ
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595120إنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَجُلٌ يُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ } وَعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=595121إنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلَانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا . }
[ ص: 118 ] وَهَذَا السُّؤَالُ الثَّانِي يُضْعِفُ جَوَابَ مَنْ تَأَوَّلَ نَفْيَ الشَّفَاعَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28768الشَّفَاعَةِ لِلْكُفَّارِ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ هُمْ الْكَافِرُونَ . فَيُقَالُ : الشَّفَاعَةُ الْمَنْفِيَّةُ هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النَّاسِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهِيَ أَنْ يَشْفَعَ الشَّفِيعُ إلَى غَيْرِهِ ابْتِدَاءً فَيَقْبَلُ شَفَاعَتَهُ فَأَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَشْفَعَ فَشَفَعَ ; لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا بِالشَّفَاعَةِ بَلْ يَكُونُ مُطِيعًا لَهُ أَيْ تَابِعًا لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَتَكُونُ شَفَاعَتُهُ مَقْبُولَةً وَيَكُونُ الْأَمْرُ كُلُّهُ لِلْآمِرِ الْمَسْئُولِ .
وَقَدْ ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ آيَةٍ : أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=264&ayano=2مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3663&ayano=34وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2532&ayano=21وَلَا يَشْفَعُونَ إلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } وَأَمْثَالِ ذَلِكَ . وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمَنْفِيَّةُ : أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=846&ayano=6وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3539&ayano=32اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ } فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ .
وَأَمَّا نَفْيُ الشَّفَاعَةِ بِدُونِ إذْنِهِ : فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ إذَا كَانَتْ بِإِذْنِهِ لَمْ تَكُنْ مِنْ دُونِهِ كَمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ الَّتِي بِإِذْنِهِ لَيْسَتْ مِنْ دُونِهِ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=729&ayano=5إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=730&ayano=5وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } . وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4140&ayano=39أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=4141&ayano=39قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } فَذَمَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ وَأَخْبَرَ أَنَّ لِلَّهِ الشَّفَاعَةَ جَمِيعًا ; فَعُلِمَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ غَيْرِهِ إذْ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَتِلْكَ فَهِيَ لَهُ .
وَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1392&ayano=10وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } . وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ : أَنَّهُ نَفَى يَوْمَئِذٍ الْخُلَّةَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْخُلَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَنَفْعَهَا الْمَعْرُوفَ كَمَا يَنْفَعُ الصَّدِيقُ الصَّدِيقَ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5928&ayano=82وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5929&ayano=82ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=5930&ayano=82يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4188&ayano=40لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4189&ayano=40يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } . لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرَةِ خُلَّةٌ نَافِعَةٌ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4435&ayano=43الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلَّا الْمُتَّقِينَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4436&ayano=43يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ } الْآيَاتُ .
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11588حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ } " وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9078أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي } . فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ عَائِدٌ إلَى تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَحَدٌ وَلَا يَضُرُّ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْبَدَ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ وَلَا يُسْتَعَانَ بِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَظْهَرُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَيَتَبَرَّأُ كُلُّ مُدَّعٍ مِنْ
[ ص: 120 ] دَعْوَاهُ الْبَاطِلَةِ فَلَا يَبْقَى مَنْ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ مَعَهُ شِرْكًا فِي رُبُوبِيَّتِهِ أَوْ إلَهِيَّتِهِ وَلَا مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الدُّنْيَا ; فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبٌّ وَلَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَدْ اتَّخَذَ غَيْرَهُ رَبًّا وَإِلَهًا وَادَّعَى ذَلِكَ مُدَّعُونَ .
وَفِي الدُّنْيَا يَشْفَعُ الشَّافِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ وَيَنْتَفِعُ بِشَفَاعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ وَيَكُونُ خَلِيلَهُ فَيُعِينُهُ وَيَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْ الشَّرِّ فَقَدْ يَنْتَفِعُ بِالنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ فِي الدُّنْيَا ، النُّفُوسُ يُنْتَفَعُ بِهَا تَارَةً بِالِاسْتِقْلَالِ وَتَارَةً بِالْإِعَانَةِ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ ، وَالْأَمْوَالُ بِالْفِدَاءِ فَنَفَى اللَّهُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ . قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=2لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=263&ayano=2لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ } كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3533&ayano=31لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا } . فَهَذَا هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَعَادَ مَا نَفَاهُ اللَّهُ مِنْ الشَّفَاعَةِ إلَى تَحْقِيقِ أَصْلَيْ الْإِيمَانِ وَهِيَ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ التَّوْحِيدِ وَالْمَعَادِ كَمَا قَرَنَ بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ . كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=2وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=165&ayano=2الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3528&ayano=31مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . وَأَمْثَالِ ذَلِكَ .