وقوله : ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ؛ يعني به من احتج عن هذا السارق؛ فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ؛ أي : في اليوم الذي يؤخذ فيه بالحقائق؛ وأمر الدنيا يقوم بالشهادات في الحقوق؛ وجائز أن تكون الشهادة غير حقيقة؛ فكأنه - والله أعلم - قيل لهم : إن يقم الجدال في الدنيا؛ والتغييب عن أمر هذا السارق؛ فيوم القيامة لا ينفع فيه جدال؛ ولا شهادة؛ ومعنى قوله " ها أنتم " : " ها " ؛ للتنبيه؛ وأعيدت في " أولاء " ؛ والمعنى - والله أعلم - : " ها أنتم الذين جادلتم " ؛ لأن " هؤلاء " ؛ و " هذا " ؛ يكونان في الإشارة للمخاطبين بمنزلة " الذين " ؛ نحو قول الشاعر :
وهذا تحملين طليق
أي : " والذي تحملينه طليق " ؛ وأصل المجادلة والجدال؛ في اللغة؛ شدة المخاصمة؛ و " الجدل " : شدة القتل؛ و " رجل مجدول " ؛ أي : كأنه قد قتل؛ و " الأجدل " : الصقر؛ يقال له : " أجدل " ؛ لأنه من أشد الطيور قوة؛