وقوله - عز وجل - : وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ؛ يقرأ بالتاء؛ والياء؛ فمن قرأ بالتاء؛ فلأن " السبيل " : الطريق؛ وهو يذكر ويؤنث؛ ويجوز وجه ثالث : " ولتستبين سبيل المجرمين " ؛ بنصب السبيل؛ لأن المعنى : " ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين " ؛ فإن قال قائل : أفلم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - مستبينا سبيل المجرمين؟ فالجواب في هذا أن جميع ما يخاطب به [ ص: 255 ] المؤمنون يخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فكأنه قال : " ولتستبينوا سبيل المجرمين " ؛ أي : لتزدادوا استبانة لها.
ولم يحتج أن يقول : " ولتستبين سبيل المؤمنين " ؛ مع ذكر سبيل المجرمين؛ لأن سبيل المجرمين إذا استبانت؛ فقد بانت معها سبيل المؤمنين؛ وجائز أن يكون المعنى : " ولتستبين سبيل المجرمين ولتستبين سبيل المؤمنين " ؛ إلا أن الذكر والخطاب ههنا في ذكر المجرمين؛ فذكروا؛ وترك ذكر سبيل المؤمنين؛ لأن في الكلام دليلا عليها؛ كما قال - عز وجل - : سرابيل تقيكم الحر ؛ ولم يقل : " تقيكم البرد " ؛ لأن الساتر يستر من الحر؛ والبرد؛ ولكن جرى ذكر الحر؛ لأنهم كانوا في مكانهم أكثر معاناة له من البرد.