فوائد الأمثال
1- الأمثال تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس ، فيتقبله العقل ; لأن المعاني المعقولة لا تستقر في الذهن إلا إذا صيغت في صورة حسية قريبة الفهم ، كما ضرب الله مثلا لحال المنفق رياء ، حيث لا يحصل من إنفاقه على شيء من الثواب ، فقال تعالى : فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا .
2- وتكشف الأمثال عن الحقائق ، وتعرض الغائب في معرض الحاضر كقوله تعالى : الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس .
[ ص: 282 ] 3- وتجمع الأمثال المعنى الرائع في عبارة موجزة كالأمثال الكامنة والأمثال المرسلة في الآيات الآنفة الذكر .
4- ويضرب المثل للترغيب في الممثل حيث يكون الممثل به مما ترغب فيه النفوس ، كما ضرب الله مثلا لحال المنفق في سبيل الله حيث يعود عليه الإنفاق بخير كثير ، فقال تعالى : مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم .
5- ويضرب المثل للتنكير حيث يكون الممثل به مما تكرهه النفوس ، كقوله تعالى في النهي عن الغيبة : ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه .
6- ويضرب المثل لمدح الممثل كقوله تعالى في الصحابة : ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار . وكذلك حال الصحابة فإنهم كانوا في بدء الأمر قليلا . ثم أخذوا في النمو حتى استحكم أمرهم . وامتلأت القلوب إعجابا بعظمتهم .
7- ويضرب المثل حيث يكون للممثل به صفة يستقبحها الناس ، كما ضرب الله مثلا لحال من آتاه الله كتابه ، فتنكب الطريق عن العمل به ، وانحدر في الدنايا منغمسا . فقال تعالى : واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا .
[ ص: 283 ] 8- والأمثال أوقع في النفس ، وأبلغ في الوعظ ، وأقوى في الزجر ، وأقوم في الإقناع ، وقد أكثر الله تعالى الأمثال في القرآن للتذكرة والعبرة ، قال تعالى : ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون . وقال : وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ، وضربها النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه ، واستعان بها الداعون إلى الله في كل عصر لنصرة الحق وإقامة الحجة ، ويستعين بها المربون ويتخذونها من وسائل الإيضاح والتشويق ، ووسائل التربية في الترغيب أو التنفير ، في المدح أو الذم .