تقدم نزول الآية على الحكم
يذكر " الزركشي " نوعا يتصل بأسباب النزول يسميه : " تقدم نزول الآية على الحكم “ ، والمثال الذي ذكره في ذلك لا يدل على أن الآية تنزل في حكم خاص ثم لا يكون العمل بها إلا مؤخرا ، وإنما يدل على أن الآية قد تنزل بلفظ مجمل يحتمل أكثر من معنى ثم يحمل تفسيرها على أحد المعاني فيما بعد فتكون دليلا على حكم متأخر . جاء في " البرهان " : " واعلم أنه قد يكون النزول سابقا على الحكم ، وهذا كقوله تعالى : قد أفلح من تزكى فإنه يستدل بها على ، روى زكاة الفطر بسنده إلى البيهقي أنها نزلت في ابن عمر ، ثم أسند مرفوعا نحوه ، وقال بعضهم : لا أدري ما وجه هذا التأويل ؟ لأن هذه السورة مكية ، ولم يكن زكاة رمضان بمكة عيد ولا زكاة " .
[ ص: 89 ] وأجاب في تفسيره بأنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم ، كما قال : البغوي لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ، فالسورة مكية ، وظهر أثر الحل يوم فتح مكة ، حتى قال عليه الصلاة والسلام : . " أحلت لي ساعة من نهار “
وكذلك نزل بمكة : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، قال : كنت لا أدري : أي الجمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر . عمر بن الخطاب
فأنت ترى فيما ذكره صاحب البرهان أن صيغة سبب النزول محتملة للسببية ولما تضمنته الآية من الأحكام " روى بسنده إلى البيهقي أنها نزلت في زكاة رمضان " ، والآيات التي ذكرها مجملة تحتمل أكثر من معنى ، أو جاءت بصيغة الإخبار عما يحدث في المستقبل ابن عمر سيهزم الجمع ويولون الدبر . "