الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
11 1 - حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17315أبي، قال: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15526أبو بردة بن عبد الله بن أبي بردة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة، عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى رضي الله عنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650010قالوا: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: nindex.php?page=treesubj&link=28647_18301_30483_25986_16207_32520_18446_28640_30476_30502_18719_18739_19092من سلم المسلمون من لسانه ويده.
الحديث مطابق للترجمة فإنه أخذ جزءا منه، وبوب عليه.
(بيان رجاله): وهم خمسة:
الأول: سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي بن أمية بن عبد شمس الأموي، يكنى بأبي عثمان، وهو شيخ الجماعة ما خلا nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، وروى عنه عبد الله بن أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي، وخلق كثير، توفي سنة تسع، وأربعين ومائتين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: صدوق، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، ويعقوب بن سفيان: سعيد وأبوه يحيى ثقتان، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني: هو أثبت من أبيه، وقال صالح بن محمد، هو ثقة، إلا أنه كان يغلط، والعاصي قتل يوم بدر كافرا، وأبان أخوه عمرو الأشدق.
الثاني: أبوه يحيى بن سعيد المذكور، سمع يحيى الأنصاري، nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة، ويزيد، وآخرين. قال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين: هو من أهل الصدق، وليس به بأس، وقال يعقوب بن سفيان: ثقة، توفي سنة أربع وسبعين ومائة بعد أن بلغ الثمانين، روى له الجماعة، ويحيى بن سعيد في الكتب الستة أربعة:
الأول: هذا، والثاني: يحيى بن سعيد التيمي، والثالث: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، والرابع: يحيى سعيد بن فروخ القطان.
الثالث: nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة، بضم الباء الموحدة، وسكون الراء، واسمه بريد، بضم الباء الموحدة، وفتح الراء، وسكون الياء آخر الحروف ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الكوفي، يروي عن أبيه، وجده، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك، وغيره من الأعلام، وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: ليس بالمتقن يكتب حديثه، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي: ليس بذلك القوي، وقال أحمد بن عبد الله: كوفي ثقة، روى له الجماعة، وليس في الكتب الستة بريد غير هذا، وفي الأربعة بريد ابن أبي مريم مالك، وفي مسند علي النسائي بريد بن أصرم مجهول كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري، وليس في الصحابة من اسمه بريد، ويشتبه بريد بأربعة أشياء، وهم يزيد، وبريد، وبزيد، وتريد.
[ ص: 135 ] بضم الباء الموحدة مثل الأول، وهو جد أبي بردة بريد، وافقه في كنيته لا في اسمه، فإن اسم الأول: بريد كما قلنا، واسم جده هذا nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر، وقيل: الحارث سمع أباه، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر، وابن سلام، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة، وغيرهم روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي، وبنوه أبو بكر، وعبد الله، وسعيد، وبلال، وابن ابنه nindex.php?page=showalam&ids=15526بريد بن عبد الله.
قال nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم: ولي nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة قضاء الكوفة بعد nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح. قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي: توفي بالكوفة سنة ثلاث ومائة، وقال ابن سعيد قيل: إنه توفي هو nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي في جمعة، وكان ثقة كثير الحديث، روى له الجماعة، وفي الصحابة: nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة سبعة، منهم: ابن نيار البلوي هاني أو الحارث أو مالك. وفي الرواة، هو أبو بردة بريد المذكور.
الخامس: nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى عبد الله بن قيس بن سليمان، بضم السين بن حضار، بفتح الحاء المهملة، وتشديد الضاد المعجمة، وقيل: بكسر الحاء، وتخفيف الضاد الأشعري الصحابي الكبير، استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على زبيد، وعدن، وساحل اليمن، واستعمله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه على الكوفة، والبصرة، وشهد وفاة أبي عبيدة بالأردن، وخطبة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بالجابية، وقدم دمشق على nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية، له ثلاثمائة وستون حديثا، اتفقا منها على خمسين، وانفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأربعة، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم بخمسة عشر، روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، وطارق بن شهاب، وخلق من التابعين، وبنوه nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة، وأبو بكر، وإبراهيم، وموسى، مات بمكة أو بالكوفة سنة خمس أو إحدى أو أربع وأربعين عن ثلاث وستين سنة، وكان من علماء الصحابة، ومفتيهم وأبو موسى في الصحابة أربعة: هذا، والأنصاري، والغافقي مالك بن عبادة أو ابن عبد الله، وأبو موسى الحكمي، وفي الرواة أبو موسى جماعة منهم في سنن nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود، اثنان، وآخر في سنن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي، والله أعلم.
(بيان الأنساب) القرشي نسبة إلى قريش، وهو فهر بن مالك، وقد ذكرناه، والأموي بضم الهمزة نسبة إلى أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وأمية تصغير أمة، والنسبة إليه أموي بالضم. قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد: ومن فتحها فقد أخطأ، وكان الأصل فيه أن يقال أميي بأربع ياءات، لكن حذفت الياء الزائدة للاستثقال كما تحذف من سليم وثقيف عند النسبة، وقلبت الياء الأولى واوا كراهة اجتماع الياءات مع الكسرتين، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قال: زعم يونس أن ناسا من العرب يقولون أميي فلا يغيرون، وسمعنا من العرب من يقول أموي بالفتح، وأمية أيضا بطن من الأنصار، وهو أمية بن زيد بن مالك، وفي قضاعة، وهو أمية بن عصبة، وفي طيئ، وهو أمية بن عدي بن كنانة.
والأشعري نسبة إلى الأشعر، وهو نبت بن أدد، وقيل: له الأشعر; لأن أمه ولدته أشعر، منهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المشاهير nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
(بيان لطائف إسناده) منها أن إسناده كلهم كوفيون، ومنها أن فيه nindex.php?page=treesubj&link=29606_29140التحديث والعنعنة فقط، ومنها أنه ذكر في سعيد بن يحيى شيخه القرشي، ولم يقل: الأموي مع كون الأموي أشهر في نسبته نظرا إلى النسبة الأعمية. ومنها أن فيه راويين متفقين في الكنية أحدهما أبو بردة بريد، والآخر nindex.php?page=showalam&ids=11935أبو بردة عامر أو الحارث كما ذكرنا، وهو شيخ الأول وجده.
(بيان من أخرجه غيره) هذا الحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من هذا الوجه بلفظه، وأخرجه أيضا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة، وفيه، أي المسلمين أفضل؟ وأخرجه في الإيمان، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فيه، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في الزهد.
(بيان الإعراب). قوله: " أي الإسلام؟ " كلام إضافي مبتدأ، وقوله أفضل خبره، وأي هاهنا للاستفهام، وقد علم أن أقسامه على خمسة أوجه. شرط نحو: " أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. " " أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي. " وموصول نحو لننزعن من كل شيعة أيهم أشد. التقدير: لننزعن الذي هو أشد، وصفة للنكرة نحو زيد رجل أي رجل، أي: كامل في صفات الرجال، وحال للمعرفة كقولك مررت بعبد الله أي رجل. ووصلة إلى ما فيه " أل " نحو: يا أيها الرجل. والخامس: الاستفهام نحو: أيكم زادته هذه إيمانا. فبأي حديث بعده يؤمنون. ومنه الحديث، فإن قيل: شرط أن تدخل على متعدد، وهاهنا دخلت على مفرد; لأن نفس الإسلام لا تعدد فيه. قلت فيه حذف تقديره: أي أصحاب الإسلام أفضل، ويؤيد هذا التقدير رواية مسلم: " أي المسلمين أفضل؟ " وقد قدر الشيخ قطب الدين، والكرماني في (شرحيهما)، أي خصال الإسلام أفضل، وهذا غير موجه; لأن الاستفهام عن الأفضلية في المسلمين، لا عن خصال الإسلام بدليل رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، ولأن في تقديرهما لا يقع الجواب مطابقا للسؤال. فإن قيل: أفضل أفعل التفضيل، وقد علم أنه لا بد أن يستعمل بأحد [ ص: 136 ] الوجوه الثلاثة، وهي الإضافة، ومن، واللام. قلت: قد يجرد من ذلك كله عند العلم به كما في قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=7يعلم السر وأخفى أي: أخفى من السر، وقولك: الله أكبر، أي: أكبر من كل شيء، والتقدير هاهنا: أفضل من غيره، ومعنى الأفضل هو الأكثر ثوابا عند الله تعالى، كما تقول: الصدق أفضل من غيره، أي: هو أكثر ثوابا عند الله تعالى من غيره.
قوله: " من سلم... إلى آخره " مقول القول. فإن قلت: مقول القول يكون جملة؟ قلت: هو أيضا جملة; لأن تقدير الكلام: هو من سلم... إلى آخره، فالمبتدأ محذوف، ومن موصولة، وسلم المسلمون من لسانه ويده صلتها، وفيه العائد.
(بيان المعاني وغيره) فيه وقوع المبتدأ والخبر معرفتين الدال على الحصر، وهو على ثلاثة أقسام: عقلي كالعدد للزوجية، والفردية، ووقوعي كحصر الكلمة على ثلاثة أقسام، وجعلي كحصر الكتاب على مقدمة، ومقالات أو كتب أو أبواب وخاتمة، ويسمى هذا ادعائيا أيضا. والحديث من هذا القسم.
قوله: " قال " فاعله nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري.
قوله: " قالوا " فاعله جماعة معهودون، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم، والحسن بن سفيان، وأبي يعلى في (مسنديهما) عن سعيد بن يحيى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بإسناده المذكور بلفظ: قلنا، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13564ابن منده من طريق حسين بن محمد القباني أحد الحفاظ عن سعيد بن يحيى المذكور بلفظ قلت، فتعين من هذا أن السائل هو أبو موسى وحده، ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أن nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى أحد السائلين، ولا تنافي بين هذه الروايات; لأن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخبر عن جماعة، هو داخل فيهم، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم صرح بأنه أحد الجماعة السائلين. فإن قلت: بين رواية: " قالوا "، وبين رواية: " قلت " منافاة؟ قلت: لا، لإمكان التعدد، فمرة كان السؤال منهم، فحكى سؤالهم، ومرة كان منه فحكى سؤال نفسه، وقد سأل هذا السؤال أيضا اثنان من الصحابة: أحدهما nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر، حديثه عند nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان، والآخر عمير بن قتادة، حديثه عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني.
قوله: " من سلم " قد ذكرنا أنه جواب. قال الكرماني: فإن قلت: سألوا عن الإسلام، أي: الخصلة، فأجاب بمن سلم، أي: ذي الخصلة حيث قال: " من سلم "، ولم يقل: " هو سلامة المسلمين من لسانه ويده، فكيف يكون الجواب مطابقا للسؤال؟ قلت: هو جواب مطابق، وزيادة من حيث المعنى; إذ يعلم منه أن أفضليته باعتبار تلك الخصلة، وذلك نحو قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين أو أطلق الإسلام وأراد الصفة، كما يقال العدل، ويراد العادل، فكأنه قال: أي المسلمين خير؟ كما في بعض الروايات: " أي المسلمين خير "؟ قلت: هذا التعسف كله لأجل تقديره، أي: خصال الإسلام أفضل، ولو قدر بما قدرناه لاستغنى عن هذا السؤال، والجواب فافهم.