[ ص: 839 ] 119 - قوله: (ص): ..." إلى آخره. "ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه
يدل على ذلك ما رواه في صحيحه عن مسلم - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سمرة بن جندب "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" .
ويرى - مضبوطة بضم الياء - بمعنى يظن.
وفي "الكاذبين" روايتان:
إحداهما: بفتح الباء على إرادة التثنية.
والأخرى: بكسرها على صيغة الجمع.
وكفى بهذه الجملة وعيدا شديدا في حق من روى الحديث فيظن أنه كذب فضلا عن أن يتحقق ذلك ولا يبينه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المحدث بذلك مشاركا لكاذبه في وضعه، وقال في مقدمة صحيحه: "اعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع". وكلامه موافق لما دل عليه الحديث المذكور. مسلم
[ ص: 840 ] وقول : "بخلاف الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن". ابن الصلاح
يريد جعل احتمال صدقها قيدا في جواز العمل بها.
لكن هل يشترط في هذا الاحتمال أن يكون قويا بحيث يفوق احتمال كذبها أو يساويه أو لا؟
هذا محل نظر، والذي يظهر من كلام ربما دل عليه الحديث المتقدم، بأن احتمال الصدق إذا كان احتمالا ضعيفا أنه لا يعتد به. مسلم
وقال : "سألت الترمذي ) عن هذا الحديث (يعني حديث أبا محمد (يعني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي سمرة المذكور) فقلت له: من روى حديثا وهو يعلم أن إسناده خطأ أيخاف أن يكون دخل في هذا الحديث وإذا روى الناس حديثا مرسلا فأسنده بعضهم أو قلب إسناده؟
فقال: لا، إنما معنى هذا الحديث إذا روى الرجل حديثا ولا يعرف لذلك الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلا فحدث فأخاف أن يكون دخل في هذا الحديث".