[ :] قول الصحابي من السنة كذا
60 - قوله: (ص): "وهكذا قول الصحابي - رضي الله عنه – "من السنة كذا فالأصح أنه مرفوع ..." إلى آخره.
قال : هو ظاهر مذهب القاضي أبو الطيب - رضي الله عنه - لأنه احتج على قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة بصلاة الشافعي - رضي الله تعالى عنهما - على جنازة وقراءته بها وجهره. ابن عباس
وقال: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة .
وكذا جزم السمعاني بأنه مذهب - رضي الله تعالى عنه. الشافعي
وقال : ابن عبد البر صلى الله عليه وسلم - ما لم يضفها إلى صاحبها كقولهم: سنة العمرين . "إذا أطلق الصحابي - رضي الله تعالى عنه - السنة فالمراد بها سنة النبي -
ومقابل الأصح خلاف الصيرفي من الشافعية والكرخي من والرازي الحنفية وابن حزم الظاهري . بل حكاه في البرهان عن المحققين. إمام الحرمين
[ ص: 524 ] وجرى عليه ، وجزم ابن القشيري ابن فورك وسليم الرازي وأبو الحسين بن القطان والصيدلاني من الشافعية - بأنه الجديد من مذهب - رضي الله عنه - . الشافعي
وكذا حكاه في شرح البرهان. المازري
وحكوا كلهم أن - رضي الله تعالى عنه - كان في القديم يراه مرفوعا وحكوا تردده في ذلك [في] الجديد، لكن نص الشافعي - رضي الله عنه - في الأم وهو من الكتب الجديدة على ذلك. الشافعي
فقال - في باب عدد الكفن بعد ذكر ابن عباس - رضي الله عنهما - : "رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" . والضحاك بن قيس
وروى في الأم أيضا عن سفيان عن قال: أبي الزناد
سئل عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته؟ سعيد بن المسيب
قال: يفرق بينهما.
قال : فقلت: سنة؟ . أبو الزناد
فقال سعيد : سنة .
[ ص: 525 ] قال : الذي يشبه قول الشافعي سعيد سنة أن يكون أراد سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-. انتهى.
وحينئذ فله في الجديد قولان. وبه جزم الرافعي .
ومستندهم أن اسم السنة متردد بين سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - - وسنة غيره. كما قال - صلى الله عليه وسلم - : . "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"
وأجيب بأن احتمال إرادة النبي - صلى الله عليه وسلم- أظهر لوجهين:
1 – أحدهما: أن إسناد ذلك إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المتبادر إلى الفهم، فكان الحمل عليه أولى.
2 - الثاني: أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أصل.
وسنة الخلفاء الراشدين تبع لسنته.
والظاهر من مقصود الصحابي - رضي الله تعالى عنه - إنما هو بيان الشريعة ونقلها، فكان إسناد ما قصد بيانه إلى الأصل أولى من إسناده إلى التابع - والله أعلم - .
ومما يؤيد مذهب الجمهور: ما رواه في صحيحه عن البخاري عن الزهري - رضي الله تعالى عنهما -. سالم بن عبد الله بن عمر
[ ص: 526 ] إن الحجاج عام نزل - رضي الله تعالى عنهما – سأل بابن الزبير رضي الله تعالى عنهما) كيف يصنع في الموقف يوم عبد الله (يعني ابن عمر عرفة ، فقال - رضي الله تعالى عنه - : إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة يوم سالم عرفة .
فقال - رضي الله عنهما - : صدق ابن عمر .
قال : فقلت الزهري لسالم : أفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
قال: وهل يتبعون في ذلك (إلا سنته)- صلى الله عليه وسلم - ؟.
واستدل ابن حزم على أن قول الصحابي - رضي الله عنه - :
من السنة كذا ليس بمرفوع بما في من البخاري حديث - رضي الله تعالى عنهما - . ابن عمر
قال: أليس حسبكم سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - إن حبس أحدكم في الحج فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ، ثم حل من كل شيء حتى يحج قابلا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديا.
قال ابن حزم : "لا خلاف بين أحد من الأمة أنه - صلى الله عليه وسلم - إذ صد عن البيت لم يطف به ولا بالصفا والمروة ، بل حل حيث كان [ ص: 527 ] بالحديبية ، وإن هذا الذي ذكره - رضي الله تعالى عنه - لم يقع منه قط. ابن عمر
قلت: إن أراد بأنه لم يقع من فعله، فمسلم ولا يفيده وإن أراد أنه لم يقع من قوله فممنوع.
وما المانع منه؟ بل الدائرة أوسع من القول أو الفعل وغيرهما، وبه ينتقض استدلاله ويستمر ما كان على ما كان.
تنبيهات:
أحدها: فمقتضى كلام الجمهور أنه يكون مرفوعا قطعا. إذا أضاف الصحابي - رضي الله عنه - السنة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
وفيه خلاف ابن حزم المذكور.
ونقل عن أبو الحسين ابن القطان - رضي الله عنه - أنه قال: "قد يجوز أن يراد بذلك ما هو الحق من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثل ذلك بقول الشافعي - رضي الله عنه - عمر للصبي بن معبد هديت لسنة نبيك" .
وجزم شيخنا شيخ الإسلام في محاسن الاصطلاح أنها على مراتب في احتمال الوقف قربا وبعدا.
[ ص: 528 ] قال: فأرفعها مثل قول - رضي الله عنهما - : ابن عباس أبي القاسم صلى الله عليه وسلم- . الله أكبر سنة
ودونها قول - رضي الله عنه - : عمرو بن العاص . "لا تلبسوا علينا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - عدة أم الولد كذا"
ودونها قول - رضي الله عنه - عمر - رضي الله عنه: لعقبة بن عامر . "أصبت السنة"
إذ الأول أبعد احتمالا والثاني أقرب احتمالا، والثالث لا إضافة فيه.
ثانيها: نفي الخلاف، عن أهل النقل في ذلك كما تقدم قبل وسبقه إلى ذلك البيهقي فقال: في الجنائز من المستدرك أجمعوا على أن الحاكم قول الصحابي - رضي الله عنه - سنة كذا حديث مسند.
[ ص: 529 ] [حكم ما ينسب الصحابي فاعله إلى الكفر والعصيان ] :
ثالثها: لم يتعرض إلى بيان حكم ما ينسب الصحابي فاعله إلى الكفر أو العصيان، كقول ابن الصلاح - رضي الله عنه: ابن مسعود محمد - صلى الله عليه وسلم –" . "من أتى عرافا أو كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على [قلب]
وفي رواية: محمد - صلى الله عليه وسلم - . بما أنزل الله على
وكقول - رضي الله عنه - : أبي هريرة "ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله - في الخارج من المسجد بعد الأذان: أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم –" . "أما هذا فقد عصى
[ ص: 530 ] وقول - رضي الله عنه - : عمار بن ياسر أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم –" . "من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى
فهذا ظاهره أن له حكم الرفع، ويحتمل أن يكون موقوفا لجواز إحالة الإثم على ما ظهر من القواعد.
والأول أظهر بل حكى الإجماع على أنه مسند. ابن عبد البر
وبذلك جزم في علوم الحديث والإمام الحاكم فخر الدين في المحصول .