[ ص: 490 ] الفصل الرابع قال فيما يستقر به الإجماع الروياني : ويستقر بأربعة شروط : أحدها : العلم باتفاقهم عليه ، سواء اقترن بقولهم عمل أم لا ، وقيل لا بد أن يقترن به عمل ; لأن العمل محقق للقول . قال : وهذا لا وجه له ; لأن حجج الأقوال آكد من الأفعال . نعم ، إن أجمعوا على القول ، واختلفوا في العمل ، يبطل الإجماع . ثانيها : أن يستديموا ما كانوا عليه من الإجماع ، ولا يحدث من أحدهم خلاف ، فإن خالفهم الواحد بعد إجماعهم بطل الإجماع ، وساغ الخلاف ; لأنه كما جاز حدوث إجماع بعد خلاف ، جاز حدوث خلاف بعد إجماع كما وقع - رضي الله عنه - في بيع أمهات الأولاد . لعلي قلت : هذا رأي مرجوح ، والأصح أن رجوع الواحد بعد انعقاد الإجماع لا يقدح في الإجماع ، بل يكون إجماعهم حجة عليه ، بناء على أنه لا يشترط انقراض العصر . وقد وافق هو في أول كتاب البحر " ، والله أعلم .
ثالثها : أن ينقرض عصرهم حتى يؤمن الخلاف منهم ، فإن بقي العصر ربما أحدث بعضهم خلافا ، في العول بعد موت كابن عباس ، فقيل له : هلا قلته في أيامه ؟ قال : كان رجلا مهيبا ، فهبته . [ ص: 491 ] عمر ] قال : ولا يعتبر في انقراض العصر موت جميع أهله ; لأنه لا ينحصر ، وقد تتداخل الأعصار . وإنما المعتبر في انقراضه أمران : أحدهما : أن يستولي على العصر الثاني غير أهل العصر الأول . والثاني : أن ينقضي فيهم من بقي من أهل العصر الأول ; لأن المعتبر في انقراض العصر أنس بن مالك عاشا إلى عصر التابعين ، وتطاولا إلى أن جمعا بين عصرين ، فلم يدل ذلك على بقاء عصر الصحابة منهم . قال : ثم إذا كان انقراض العصر شرطا في استقرار الإجماع ، فهو معتبر في الأحكام التي لا يتعلق بها إتلاف واستهلاك لا يمكن استدراكه . قال : واختلف أصحابنا في وعبد الله بن أبي أوفى ؟ على وجهين . انقراض العصر ، هل هو شرط في الإجماع انعقادا قلت : وحاصله أن ؟ فيه الخلاف السابق . رابعها : أن لا يلحق بالعصر الأول من ينازعهم من أهل العصر الثاني ، فإن الانقراض شرط في استقرار الإجماع قطعا ، وهل هو شرط في انعقاده ، ففيه وجهان ، وفصل في مواضع أخر بين أن يكون من أهل الاجتهاد حالة حدوث الواقعة فيعتبر ، وإلا فلا ، وقال : إنه المذهب . لحق بعصر الصحابة بعض التابعين ، فخالف في إجماعهم