( الفرق الحادي والسبعون والمائتان بين قاعدة ما يجب تعلمه من النجوم وبين قاعدة ما لا يجب )
ظاهر كلام أصحابنا أن التوجه
للكعبة لا يسوغ فيه التقليد مع القدرة على الاجتهاد ، ونصوا على أن القادر على التعلم يجب عليه التعلم ، ولا يجوز له التقليد ، ومعظم أدلة القبلة في النجوم فيجب تعلم ما تعلم به القبلة كالفرقدين والجدي وما يجري مجراها في معرفة القبلة ، وظاهر كلامهم أن تعلم هذا القسم فرض عين على كل أحد ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد : يتعلم من أحكام النجوم ما يستدل به على القبلة وأجزاء الليل ، وما مضى منه وما يهتدي به في ظلمات البر والبحر ، وتعرف مواضعها من الفلك وأوقات طلوعها وغروبها ، وهو مستحب لقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر }
( قلت : ) ومقتضى القواعد أن يكون ما يعرف به منها أوقات الصلاة فرضا على الكفاية لجواز التقليد في الأوقات قال صاحب الطراز : يجوز التقليد في أوقات
[ ص: 259 ] الصلاة إلا الزوال فإنه ضروري يستغنى فيه عن التقليد ؛ فلذلك لم يكن فرضا على الأعيان ، ومن جهة أن معرفة الأوقات واجبة يكون ما تعرف به الأوقات فرض كفاية ، ويكون موطن الاستحباب هو ما يعين على الأسفار ، ويخرج من ظلمات البر والبحر قال
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابن رشد وأما ما يقتضي إلى معرفة نقصان الشهر ووقت رؤية الهلال فمكروه لا يعتمد عليه في الشرع فهو اشتغال بغير مفيد قال : وكذلك ما يعرف به الكسوفات مكروه ؛ لأنه لا يغني شيئا ، ويوهم العامة أنه يعلم الغيب بالحساب فيزجر عن الإخبار بذلك ، ويؤدب عليه قال : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=25593_25587ما يخبر به المنجم من الغيب من نزول الأمطار وغيره فقيل : ذلك كفر يقتل بغير استتابة لقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87665قال الله - عز وجل - أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب } وقيل : يستتاب فإن تاب ، وإلا قتل قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وقيل : يزجر عن ذلك ويؤدب ، وليس اختلافا في قول بل اختلاف في حال ، فإن قال : إن الكواكب مستقلة بالتأثير قتل ، ولم يستتب إن كان يسره ؛ لأنه زنديق ، وإن أظهره فهو مرتد يستتاب ، وإن اعتقد أن الله - تعالى - هو الفاعل عندها زجر عن الاعتقاد الكاذب ؛ لأنه بدعة تسقط العدالة ، ولا يحل لمسلم تصديقه قال والذي ينبغي أن يعتقد فيما يصيبون فيه أن ذلك على وجه الغالب نحو قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=52663إذا نشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة } فهذا تلخيص
nindex.php?page=treesubj&link=28689قاعدة ما يجب ويحرم من تعلم أحكام النجوم
( الْفَرْقُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ النُّجُومِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ )
ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّوَجُّهَ
لِلْكَعْبَةِ لَا يَسُوغُ فِيهِ التَّقْلِيدُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى التَّعَلُّمِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعَلُّمُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ ، وَمُعْظَمُ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ فِي النُّجُومِ فَيَجِبُ تَعَلُّمُ مَا تُعْلَمُ بِهِ الْقِبْلَةُ كَالْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَعَلُّمَ هَذَا الْقِسْمِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابْنُ رُشْدٍ : يَتَعَلَّمُ مِنْ أَحْكَامِ النُّجُومِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى الْقِبْلَةِ وَأَجْزَاءِ اللَّيْلِ ، وَمَا مَضَى مِنْهُ وَمَا يَهْتَدِي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَتُعْرَفُ مَوَاضِعُهَا مِنْ الْفَلَكِ وَأَوْقَاتِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا ، وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=97وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ }
( قُلْت : ) وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَكُونَ مَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْهَا أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْأَوْقَاتِ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ : يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي أَوْقَاتِ
[ ص: 259 ] الصَّلَاةِ إلَّا الزَّوَالَ فَإِنَّهُ ضَرُورِيٌّ يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ التَّقْلِيدِ ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا عَلَى الْأَعْيَانِ ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَعْرِفَةَ الْأَوْقَاتِ وَاجِبَةٌ يَكُونُ مَا تُعْرَفُ بِهِ الْأَوْقَاتُ فَرْضَ كِفَايَةٍ ، وَيَكُونُ مَوْطِنُ الِاسْتِحْبَابِ هُوَ مَا يُعِينُ عَلَى الْأَسْفَارِ ، وَيُخْرِجُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13170ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا مَا يَقْتَضِي إلَى مَعْرِفَةِ نُقْصَانِ الشَّهْرِ وَوَقْتِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَكْرُوهٌ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ فَهُوَ اشْتِغَالٌ بِغَيْرِ مُفِيدٍ قَالَ : وَكَذَلِكَ مَا يُعْرَفُ بِهِ الْكُسُوفَاتِ مَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي شَيْئًا ، وَيُوهِمُ الْعَامَّةَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ بِالْحِسَابِ فَيُزْجَرُ عَنْ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ ، وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ قَالَ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=25593_25587مَا يُخْبِرُ بِهِ الْمُنَجِّمُ مِنْ الْغَيْبِ مِنْ نُزُولِ الْأَمْطَارِ وَغَيْرِهِ فَقِيلَ : ذَلِكَ كُفْرٌ يُقْتَلُ بِغَيْرِ اسْتِتَابَةٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87665قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ } وَقِيلَ : يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ ، وَإِلَّا قُتِلَ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12321أَشْهَبُ وَقِيلَ : يُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ ، وَلَيْسَ اخْتِلَافًا فِي قَوْلٍ بَلْ اخْتِلَافٌ فِي حَالٍ ، فَإِنْ قَالَ : إنَّ الْكَوَاكِبَ مُسْتَقِلَّةٌ بِالتَّأْثِيرِ قُتِلَ ، وَلَمْ يُسْتَتَبْ إنْ كَانَ يَسُرُّهُ ؛ لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ ، وَإِنْ أَظْهَرَهُ فَهُوَ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ ، وَإِنْ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - هُوَ الْفَاعِلُ عِنْدَهَا زُجِرَ عَنْ الِاعْتِقَادِ الْكَاذِبِ ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ تُسْقِطُ الْعَدَالَةَ ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ تَصْدِيقُهُ قَالَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ فِيمَا يُصِيبُونَ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْغَالِبِ نَحْوُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=52663إذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةٌ ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ } فَهَذَا تَلْخِيصُ
nindex.php?page=treesubj&link=28689قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ وَيَحْرُمُ مِنْ تَعَلُّمِ أَحْكَامِ النُّجُومِ